قضايا

التقليد حلقة مصطنعة

فاضل الجاروش في الواقع أن من الثابت أنه لا تقليد في العقيدة، لذلك فإن الخلاف يدور حول التقليد في الفقه بمعنىٰ الأَشكال الإجرائية للتعبير عن العقيدة وهي أفعال تُعبر عن مايعتقد به المكلف ..

بمعنىٰ كيف تُعبر عن ماتؤمن به، من هنا نشأ هذا الخلاف التأريخ وتأسست على هذا الخلاف مدارس فكريه مختلفه، الأصل فيها هو أن تصل إلى ما يوصلك الى مرضات الله تعالىٰ  أذن فأن المشترك الظاهري لهذه المدارس هو القول بالمصلحة، والخلاف  عليه هو كيف تصل إلى هذه المصلحه ..

ولكي نقف على ارض صُلبه فإن تصوراً عاقلاً هو أن نقول إن مايُرضي الله تعالى يتحقق من خلال عنوان عريض هو ان (تُؤمن بالله وتعمل صالحاً).

وكما هو واضح فأن هذه القاعدة تنقسم إلى قسمين هما:

الإيمان بالله

وهذا أصل لاتقليد فيه فأن مرده للعقل بمعنى عقلي وليس عقل غيري

العمل الصالح

وهذا هو مدار الخلاف لأن ذلك يحتمل الاختلاف في (الكيفية) لأن عنوان العمل الصالح يحتاج الى إصابة المصلحة في الواقع الخارجي فكيف تعرف انك تعمل صالحاً؟

اذن نحن أمام إشكال منطقي وهو عدم إمكانية تصور أن كل الناس قادرين على إصابة هذه المصلحة بسبب الطبيعة البشرية في تفاوت القدرة على تحديد المصلحة، لذلك ذهبت جهة إلى وجوب رجوع من لايعلم إلى من يعلم بحسب التخصص لحل هذا الإشكال المنطقي،، وضُربت في ذلك امثلة منها وجوب ذهاب المريض إلى الطبيب،، وعليه ظهرت نظرية سيرة العقلاء على اعتبار أن مراجعة غير المختص الىٰ المختص يحكم به العقل وفي الحقيقه أن ذلك قول منطقي، وعليه فإن من الثابت عقلاً أن على غير المختص أن يراجع المختص، بل أكثر من ذلك .. فهي حاجة قبل أن تكون حُكماً عقليا بحسب فهمي، بمعنىٰ أنها ردة فعل طبيعية متعلقة بالحاجة قبل الذهاب الى مقاربة عقلية.. من هنا تأسست فكرة حتمية وجود مرجعية وهي حاجة الإنسان الىٰ غيره، وهي مغايرة تتعلق بالفارق الموضوعي بين الادنىٰ والأعلى في محل الحاجة  وهي هنا فكره عامة قبل أن تأخذ منحىٰ خاص يتعلق بالموضوع، ومن ذلك الموضوع الديني،، فلكل تفاوت معرفي مرجعية البت في حكم بعينة ولافرق في ذلك بين علم واخر،، لذلك ستلاحظ أنه حتىٰ في الهيكليات الاداريه والقانونية ستجد استخدام كلمة المرجعية فهناك مرجعية ادارية ومرجعية قانونية، اذن أين المشكله في مايتعلق بالمرجعية الدينية !!؟

في الواقع أن ماحدث بعد أن.ثبتنا أن العقل والحاجة يحكمان بلزوم مراجعة المختص لمن لايملك الاهلية في إصابة المصلحة في الأحكام هو ظهور

مرتبه اخرىٰ ليست متعلقة بالموضوع وهي تقليد هذا المختص (الفقيه) بمعنىٰ اتباعه هو بالذات في كل مايقول ويفعل وهنا قد تم الخروج عن علة الرجوع إليه وهي الحاجة لتحصيل الحكم في مسألة بعينها. من هذه النقطة المفصلية بدأت المشكلة، لذلك لا أدري إن كان ذلك المريض سيكون مُرغما على إقامة علاقة دائمية أو شبه دائمية مع ذلك الطبيب الذي وصف له علاجاً لمرض محدد!؟ ام أن العقل هنا سيحكم بأنه سيصف الدواء ثم يذهب المريض إلى بيته وقد ينسى اسم هذا الطبيب، هذا اذا كنا نتحدث هنا عن العقل والعقلاء ..

لقد تم سحب مفهوم هذا الرجوع الى المختص الى مربع آخر وهو اتباع هذا المختص وهنا سيكون الفارق هائل بين الرجوع إليه لتحصيل الحكم الشرعي وبين أتباعه، لذلك فأن (فهماً خاصاً بي) يُفرق بين هاتين المرتبتين وهذا هو الالتباس الحاصل،، لأن المرجع أصبح مُقَلَداً وبعد ذلك أصبح رَمزا وإماماً،، ماجر على الناس المصائب،، لأن فقيها فمرجعا فمُقلَدا فإماما فرمزاً فأَتباع، بعد ذلك من المحتم الاجتماعي حصول انشقاق بين الاتباع لإثبات أفضلية من يقلدون واعلمية من يقلدون وفي كل ذلك ستجد هوى النفس حاضرا فالإنسان هو الانسان وهذا ما نحن فيه واقعاً لذلك فأن هذه المرتبة المصطنعة والتي تتجاوز سيرة العقلاء إلى أبعد من ذلك ليس لها أصل شرعي وليس فيها مصلحة واقعية ..

***

فاضل الجاروش

في المثقف اليوم