قضايا

ليلى مناتي محمود: تقنيات التعريب

يُعدّ موضوع التعريب من اكثر الموضوعات اللغوية التي نالت اهتمام القدماء والمحدثين في مجال اهتمامهم باللغة العربية ورعايتها، ضمن قانون الافتراض اللغوي الذي تتبادل في إطاره اللغات المجاورة والمتصلة ببعضها البعض بما تقرضه حيناً وتقترضه حيناً آخر من الالفاظ التي هي بحاجتها لمسايرة الحركة الحضارية الجديدة، وكعامل من عوامل النمو والتوسّع اللغوي كما اهتموا بوضع ضوابط لمعرفتها وأحكاماً لإخضاعها للنطق والبناء العربيين ومن الطرق والوسائل التي تمت من خلالها تنمية الثروة المعجمية العربية بالالفاظ المعربة:

1ـ الاشتقاق: وهو أكثر الطرق حيوية ومرونة ومساعدة على إثراء اللغة العربية وتنميتها، وهو أحد تقنيات التعريب ـ وذلك باقتطاع لفظ من لفظٍ آخر أجنبي معّرب يوجد بينهما توافق على مستوى الاصوات والدّلالة ولم يتوقف عمل اللغويين على اشتقاق مواد جديدة من الكلمات القديمة المعرّبة بنفس معانيها بل تعّداه إلى إعطاء بعض الاشتقاقات منها دلالات جديدة تتناسب والمفاهيم العصرية المتداولة والشائعة في استعمالاتهم ومن ذلك قولهم:

أـ البرمجـــة: بمعنى إعداد البرامج والفعل( برمج ) أيضاً بمعنى أعدّ ووضع برنامجاً، وقيل برمج يبرمج برمجة فهو مبرمج والمفعول مبرمَج أُخِذَ من الكلمة المعربة قديماً( برنامج).

ب ـ النمذجة: بمعنى صياغة النموذج والمثال و(نمذج) الفعل الرباعي المشتق منها على وزن (فعلل) اشتقاق من ىالمعّرب القديم (نموذج).

جـ ـ أكسد، يؤكسد، أكسدة، مؤكسد أشتقاق من المصطلح الاجنبي المعرب (أكسيد).

دـ تلفن، يتلفن، تلفنة، متلفن أشتقاق من المصطلح الاجنبي المعرب (تلفون).

2ـ المجاز: المقصود به استعمال لفظ عربي معين في معنٍ جديد مستمد من كلمة اجنبية معّربة بخلاف المعنى الذي استعمل به أول مرّة في المعاجم العربية القديمة، وقد كثرت الكلمات المحدثة مجازيا في المعاجم العربية المعاصرة كثرة نوعية تحيل بضخامة الموروث اللغوي وقوة ايحاءاته المعنوية من جهة، وتوحي بحمل مصطلح التعريب لمفهوم الترجمة عند المحدثين في حالة تعذّر تعريبه لفظياً وهو ما يسمى (التعريب بالمرادف) من جهة أخرى.

وللمجاز دور وأهمية في الوضع المصطلحي في قوله " يتحرك الدال، فينزاح عن مدلوله، ليلامس مدلولاً قائماً أو مستحدثاً. وهكذا يصبح المجاز جسر العبور تمتطيه الدوال بين الحقول المفهومية. فالقضية دائرة على محور الحركة الذاتية إذ يمد المجاز أمام الفاظ اللغة جسوراً وقتية، تتحول عليها من دلالة الوضع الأول إلى دلالة الوضع الطارئ"(1)، ومما عرّبه المحدثون من الالفاظ الاجنبية مجازاً:

أ ـ تعريب كلمة ( الأسانسير) بالمصعد، وكلمة ( صالون) بالبهو، وكلمة ( بنسيون ) (بالمثوى).

ب ـ تعريب كلمة ( راديو) بمذياع وكلمة ( مكروفون) بمجهاز.

3ـ النحت: تُعدّ ألية النحت إحدى التقنيات التطبيقية لعملية التعريب، وأصلاً من أصول الوضع الصحيحة في اللغة فعّدها بعضهم ضرباً من ضروب الاشتقاق بل ضرورة علمية لنقل حقائق جديدة كانت اللغة العربية في حاجتها، وذلك نظراً لما تحققه هذه الاداة من اختزال في التعبير بغرض السهولة اللفظية وخفة النطق. ونعني بالنحت تشكيل كلمة واحدة (المنحوت) من مجموعة حروف كلمتين أو أكثر (المنحوت منه) يكون بينهما توافق في اللفظ والمعنى، ومن امثلة المعرّبة المنحوتة نجد على سبيل المثال:

ــــ افرو آسيوي نحتا من الكلمتين (افريقيا) و(آسيا)

ـــ بتروكيمياوي نحتا من الكلمتين (بترول) و(كيماوي)

ـــ كهرطيس نحتا من الكلمتين (كهرباء) و(مغناطيس)

***

اعداد: أ. م. ليلى مناتي محمود

كلية اللغات ـ جامعة بغداد

............................

المصادر:

1ـ قاموس اللسانيات (عربي ـ فرنسي / فرنسي ـ عربي، عبد السلام المسدّي، ص44 ـ45 .

في المثقف اليوم