قضايا

صالح البياتي: التعريف بحركة التحول العالمي

مقدمة: يحاول المقال أن يعرف القارئ العربي على هذه الحركة، متى ظهرت ومن هو مؤسسها، وهل أنها حركة سياسية؛ ام طائفة دينية جديدة؟.

ظهرت حركة التحول العالمي1 World Transformation Movement  في بداية العقد الثامن من القرن الماضي، وهي الواجهة الإعلامية لطرح وشرح نظرية العالم الأحيائي  جيرمي غريفث  في  الحالة البشرية The Human Condition.

هذه التساؤلات تقودنا الى إلقاء الضوء على الحالة البشرية؛ جوهر نظريته التي كرس حياته لدراستها؛ حتى توصل لفهم التناقضات الخطيرة التي ترقى لحالة المرض النفسي، فهو يتسائل لماذا نحن الكائنات البشرية العاقلة والذكية للغاية، والتي يفترض فيها ان تتصرف وفق تلك المزايا، التي تنفرد بها، لماذا نتصرف بلا رحمة وبتنافس وأنانية، لدرجة أن حياتنا أصبحت لا تطاق، ونكاد ان ندمر كوكبنا الأرضي.

يواصل العالم البايولوجي جيرمي غريفث تساؤلاته؛ هل نحن نوع  أو جنس فيه عيب ونقص، كائنات لا قيمة لها، أم نحن الأبطال المطلقون الحقيقيون لملحمة الحياة على الأرض.

وحيث أن جميع المشاكل على الارض، بإستثناء الكوارث الطبيبعية سببها البشر، وهي ناجمة عن الحالة الإنسانية.

لقد كرس جيرمي غريفيث حياته لدراستها، وتوصل لفهم المشكلة الأساسية، يقول: (لقد تمكن العلم أخيرا من شرح وفهم اسبابها وكيفية علاجها).

بعد هذه المقدمة التي لابد منها للدخول لموضوع المقال، الخص بإيجاز الشرح الذي وضحه غريفث عن الحالة البشرية كما ورد بالتفصيل في كتابه: الحرية (FREEDOM (نهاية الحالة البشرية)، وهو المرجع الأول لنظريته، والذي نال الثناء نخبة من العلماء أخص منهم بالذكر البروفيسور هاري بروسن رئيس الجمعية الكندية سابقا للطب النفسي، وستيفن هوكينج وهو من ابرز علماء الفيزياء النظرية وعلم الكون على مستوى العالم. حتى ان كتابه سُمي كتاب الكتب، او الكتاب الذي ينقذ البشرية، كما مكتوب في اعلى الغلاف الخلفي للكتاب.

ينتقد عالم الأحياء جيرمي غريفيث العلم الميكانيكي2 فيقول: (لقد بذل هذا العلم جهودا خطيرة للغاية لتجنب اي تحليل نزيه وصادق للحالة البشرية، بمعنى آخر أنه لم يعترف بأن هناك مشكلة حقيقية؛ او نزاع بين الغرائز الفطرية والعقل).

من الواضح كما يعتقد جيرمي غريفيث؛ ان ظهورعقلنا الواعي قد إنضبط بوجود غرائزنا الإيثارية، وبذلك تسبب أيضا بحالتنا المضطربة؛ التي يسميها جيرمي غريفث الحالة البشرية، اي (الغريزة الفطرية مقابل العقل)، وهنا يجب الإشارة الى انه يعتقد ان غرائز الإنسان كلها خيرة، وإيثارية.

ينتقد غريفيث عالم الأحياء الأمريكي الشهير أدوارد  أو ولسون3، ويفند نظريته بـ (الاختيار متعدد المستويات) أي تفسيره غير النفسي للحالة البشرية المضطربة، باعتقاده أنها ناتجه عن (غريزة مقابل غريزة) أي (غرائز خيرة تعارضها آخرى غير خيرة) وبذلك تأكيد على ثنائية الخير والشر.

العلم الميكانيكي لا يهتم او يحاول حتى  مواجهة الحالة البشرية الفاسدة وحلها على الإطلاق، ومع ذلك يوصف ولسون بشكل مبالغ فيه؛ بأنه أعظم عالم احياء في العالم، والوريث الحي3 لدارون.

حاول ولسون يائسا تجنب حالة انسانية غير آمنة للغاية ومضطربة نفسيا.

مقابل  ذلك اقترح حالة فكرية (الاختيار متعدد المستويات) بالإضافة للغرائز التنافسية المفترضة؛ والبقاء للأصلح، يقول يجب إعادة إنتاج جيناتك الخاصة، والغرائز الأنانية والشريرة، وعلى مستوى آخر؛ فأننا نحن البشر لدينا أيضا بعض الغرائز التعاونية  الأخلاقية والجيدة.

فقدت فكرته مصداقيتها تماما كنظرية قابلة للتطبيق كـ (اختيار المجموعة) وهكذا يقول ويلسون، تم أنشاء معضلة الخير والشر عن طريق الأختيار متعدد المستويات، أن رفض ويلسون الإعتقاد أن الأضطراب النفسي الأشبة بالذهان الذي نتج عن الصدام الذي دبَّ بين الغزائز الفطرية للأنسان ونمو الوعي (الأدراك) كنتيجة لتطور الإنسان؛ هو سبب المشكلة للحالة البشرية، ويعتقد أنها ليست أكثر من غريزتين مختلفتين متعارضتين، وهو تفسير غير أمين بيولوجيا تماما للطبيعة البشرية، بل وأنه شرير حقا، ليتجنب الحالة البشرية بكل ظلامها وذهانها المتفاقم الذي يسيطر على العالم، ومنع التفسيرالحقيقي ومعالجة الذهان الكامن داخل الأنسان (الناتج عن  قلق عميق للغاية؛ وعدم يقين وعدم معرفة) وحله؛ اي (الغريزة مقابل العقل).

إن عدم القدرة على تفسير ما يسمى بـ (السقوط من النعمة) لجنسنا  البشري، من حالة البراءة الأصلية الى حالتنا البشرية الفاسدة والغاضبة والأنانية والمغتربة؛ يعني ذلك الإعتراف بأن جنسنا البشري عاش ذات مرة في حالة تعاونية ومحببة.

يرى جيرمي غريفيث أنه بفهمه للحالة البشرية؛ قد توصل لحل ما ينتج عنها من معاناة أنسانية منذ مليوني سنة والى الآن، وبرأيه أنها السبب للحروب والكراهية والحسد والجشع، ومركزية ألأنا المفرطة..

***

صالح البياتي

.......................

هامش

* الرجاء من القارئ الكريم متابعة الموضوع في مقالات لاحقة.

1- منذ تخرجي من كلية الآداب جامعة بغداد، ونيلي درجة البكالوريوس  بعلم الإجتماع في العام الدراسي 1963، لم اكتب مقالا علميا، كنت ولا أزال اهتم بالأدب، نثرا وشعرا، قصة قصيرة ورواية، وهذا المقال فكرت بكتابته وقتا طويلا، جمعت مادته من مقالات تصلني على بريدي الألكتروني، من حركة التحول العالمي، ومؤسسها عالم الأحياء الأسترالي Jeremy Grifith، مؤلف كتاب الحرية Freedom، وهو مؤلفه الاساسي الذي عرض فيه نظريته عن الحالة البشرية التي هي  محور مقالتي The Human Condition

2- اسس غريفيث وزميله تيم ماك ارتني وهو متسلق جبال مشهور وآخرون غيرهما، منظمة سن الرشد الأنساني Adulthood Humanities ، وأصبحت منظمة خيرية مسجلة في ولاية نيو ساوث ويلز في عام 1990، وتغير اسمها في عام 2009 الى حركة التحول العالمي، ولها مراكز عديدة في عدد من الدول بإستثناء اي دولة عربية،  وقد كرس غريفيث حايته العلمية منذ مطلع الثمانيات  لتطوير الحالة البشرية، وتعزيز فهمها

(مقتبس من وكيبيديا عربي)

3- هو عالم الأحياء الشهير الأمريكي (أدوارد أو ويلسن  1929 – 2021)، أبرز العلماء الميكانيكيين على وجه الخصوص، في نظريته: (ألإختيار المتعدد المستويات) التي تقدم ما يسمى بالتفسير الفعلي للحالة البشرية، لا تعترف بأن الحالة البشرية هي نتاج الغرائز الفطرية الواضحة مقابل عناصر العقل، بل تسعى الى حصر الحالة البشرية بغرائز شريرة مقابل غرائز خيرة.

 

في المثقف اليوم