قضايا

سراب سعدي: العبودية متجذرة والاساليب متغيرة

أن الاسترقاق ليس حديث العهد أو انه موضوع جديد ظهر مؤخراً، بل هو موضوع قديم جداً ترجع بداياته إلى قرون عديدة وكان يمثل استملاك الانسان لإنسان آخر يعمل على خدمته تحت مسمى ما يعرف بالعبد!، ويتم شراء العبيد من أسواق معينة أو عن طريق سرقتهم أو أسرهم اثناء الحروب، وكما هو معروف كان العبيد هم من يقومون ببناء القصور والمعابد والمدن وتسجل جميعها بأسم الملك أو مالكهم أي سيدهم،  فهم يقومون بالأعمال الشاقة دون أجر  وهكذا الحال مستمر إلى ان ظهر انبياء الله الذين يدعون الناس إلى المساوة وعدم ظلم الانسان لأخيه الانسان . لكن في الحقيقة موضوع المقالة اليوم لا يتحدث عن الرق أو العبيد فيما مضى وانما ما أود التحديث عنه الآن هو عبيد اليوم أو ما يعرف بالعبودية المعاصرة أو الحديثة وسأخصص الموضوع اليوم عن العبودية الاجتماعية و ليس عن عبيد المؤسسات وما يتعلق بالموظفين وعلاقتهم مع مؤسساتهم .

الانسان بالفطرة لا يحب الظلم ويحب أن يكون حراً في كل ما يتعلق بحياتهِ لكنه في الحقيقة هو من يجلب لنفسه أحياناً العبودية فيختار أن يكون عبداً بدلاً من أن يكون حراً، من خلال التعاملات الاجتماعية يصبح مقيداً ببعض المفاهيم الغير صحيحة فلا يستطيع ان يكون صادقاً مع نفسه ومع من يتعامل معهم ولعل صفة الكذب هي من أهم ما يتميز به الانسان الحر عن الانسان العبد فقد يكذب من أجل أبسط الأمور خوفاً من الملامة الاجتماعية أو ملامة الناس له فقد يبرر لنفسه أن الكذب هو وسيلة مشروعة لتلميع صورته أو جعله شخص مثالي في نظر الآخرين !، هذا بالإضافة إلى صفات أخرى كالغش وتبريره بانه ذكاء تجاري وفطنة!، وكذلك التملق والمحاباة ووو .. إلى آخره من الصفات . فيمكن القول ان تلك الصفات السيئة هي من تجعل من الانسان عبداً وفي بتلك الحالة يكون الانسان أسير نفسه وافكاره ولا يستطيع التعبير عن افكاره أو افعاله بصورة حرة دون اللجوء إلى صفات غير اخلاقية فيتقيد في حياته ويكون في موضع حذر من ان يكشف كذبه أو غشه في أي وقت ويبقى في صراع مع نفسه وبذلك يكون بعيداً تماماً عن الحرية التي تجعل منه انسان واثق من نفسه يتصرف بأريحية في حياته، لذلك من الأمور الصائبة هو ان يعيش الانسان ببساطة دون الوقوع بأخطاء تجعل منه عبداً مع ذاته ومع مجتمعه وإذا وقع في الخطأ كان سبيله الاعتراف والاعتذار خيراً له من الكذب . واختتم مقالتي بأن لم يمتلك الشجاعة في قول الحقيقة سيعيش عبداً طوال حياته..

***

سراب سعدي

 

في المثقف اليوم