قراءة في كتاب

الفردوس المشؤوم .. كتاب جديد للناقد د. حسين سرمك حسن

 في حياة الإنسان في كل مكان عموما، والفرد العراقي خصوصا، ألا وهي موضوعة المنفى بوجهيه : الإختياري كهجرة طوعية دافعها (أو وهمها) البحث عن فرص عمل أفضل وحياة أكثر رخاء، أو – وهذا هو الأهم – القسري الذي يهج فيه الإنسان من وطنه بحثا عن الخلاص من جحيم البطش السياسي والعرقي ووحشية الأنظمة الشمولية التي تحوّل الأوطان ؛ مكافئات الأرحام الأمومية الهانئة، إلى زنزانات مظلمة مغلقة تُمتهن فيها كرامة الإنسان، وتُحطم إرادته) .

هذا ما حمله الغلاف الثاني لآخر كتاب صدر للناقد "حسين سرمك حسن" وهو " الفردوس المشؤوم – دراسات في منجز حكّاء المنافي : علي عبد العال "، والذي صدر في دمشق، عن دار الينابيع هذا الأسبوع . ويعتقد الناقد أن علي عبد العال قد وضع بصمته على خارطة الإبداع السردي العراقي من خلال (تخصّصه) في التناول البارع والمقتدر لظاهرة المنفى وحياة المنفيين والمهاجرين، والخراب النفسي والاجتماعي الذي يترتب على انخلاع الفرد من تربة رحمه الأمومي – وطنه- . وقد أصدر علي عبد العال حتى الآن، أكثر من عشرة كتب بين رواية ومجموعة قصصية تدور كلها حول حياة المنافي وعذابات المنفيين منها (أنشودة الوطن أنشودة المنفى، أقمار عراقية في السويد، ميلاد حزين، جمر عراقي على ثلج سويدي .. وغيرها) .

وقد كشفت هذه الأعمال عن قدرة علي عبد العال الفذّة في ملاحقة أدق التفاصيل النفسية والسلوكية لأبطال قصصه ورواياته من المنفيين والمهاجرين تتيح لنا – كما يقول الناقد سرمك- أن نجترح لعلي عبد العال وصفا آخر، إضافة إلى اختصاصي أدب المنفى هو "اختصاصي سيكولوجيا المنفيين" لأنه يستكشف بنظرة ثاقبة وحية كل مسارات التحولات الظاهرة والدفينة التي تصيب شخصية المهاجر وتؤثر في سلوكه شخصيا وعائليا في صلته بالوطن الأم وصعوبات تكيفه مع الواقع الجديد وموقفه من الحياة والموت والنظرة إلى الجنس كطريقة دفاعية وغيرها من المعضلات .

تكون الكتاب (223 صفحة) من خمسة فصو: إختصاصي أدب المنافي، الفردوس المشؤوم، كوجيتو المنفى: أنا أتذكر إذن أنا موجود، وأيها المنفيون : كلنا في إجازة من الموت . أما الفصل الخامس فقد اشتمل على لقاء موسّع وشامل مع الروائي عبد العال أوضح فيه رؤياه الإبداعية ودور الأدب في حياة الإنسان وانعكاسات الآيديولوجيا على سلوك المبدع العراقي وغيرها .

وقد أهدى الناقد كتابه إلى ضحية عذابات حياة الغربة وجحيم المنافي الروائي العراقي الراحل "مهدي علي الراضي" الذي ختم حياته بنهاية مأساوية حيث انتحر في المنفى بعيدا عن وطنه .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1601 الخميس 09 /12 /2010)

 

 

في المثقف اليوم