قراءة في كتاب
سالار مجيد: أفضل 10 روايات للعام 2021
ليست القراءة الخاصة بهذه الأعمال فقط من يقف وراء اختيارها كأفضل روايات العام 2021 وهو يشارف على الانتهاء، بل تقف المتابعات الصحفية والنقدية وما تداوله الآراء على مواقع التواصل الاجتماعي وراء هذا الاختيار، حيث حظيت هذه الأعمال برؤى وعروض نقدية عديدة منحتها أهمية خاصة... نستعرض هذه الأعمال مع فكرة مختصرة عنها علها تشير إلى القارئ المتابع برغبة الاختيار..
(1) رواية "زنزانة وأكثر من حبيبة" تأليف الأسير قتيبة مسلم
رواية صادرة عن الاتحاد العام للأدباء والكتاب الفلسطينيين 2021، وتقع الرواية في (168) صفحة من القطع المتوسط، وقدم لها الشاعر مراد السوداني الأمين العام لاتحاد الكتاب: "لقد سطر أبو حمدي من خلال "زنزانة وأكثر من حبيبة” سيرة الحزن الثوري الذي يعلي قطرة التماسك والثبات والرسوخ في مواجهة الانكسار والانحسار والسقوط. إنها إرادة الهجوم ومواجهته المحققين وزنازين الموت".
تتناول الرواية عالم الأسرى داخل المعتقلات الإسرائيلية من خلال حكاية أوس وأبيه في النضال "صاعد"، وما يجري داخل المعتقل من علاقات ومشاكل وأمنيات وآهات، فتبين الرواية العالم النفسي للأسير، والإحساس بالزمن والمحاكمات والزيارات، والإهمال الطبي، ونحو ذلك، مازجاً الكاتب الهمّ الوطني بالجانب العاطفي وعلاقة أوس بحبيبته التي أطلق عليها اسم "أميرة".
وجاءت هذه الموضوعات ضمن عشرة عناوين: من هي حبيبتي؟، الوحش، أريد أن يكون لي هوية، الحجر الأول والاعتقال الأول، الحب.. الوطن.. السجن، صوت أمير.. المحكمة، الكبسولة، الحب المحاصر والزيارة الأولى في السجن، عيد الميلاد الثامن عشر، الحرية.
ورواية "زنزانة وأكثر من حبيبة" هي المنجز الأدبي الثاني للكاتب الأسير قتيبة مسلم، بعد كتاب النصوص “حروف من ذهب”. وقد كتبت المؤلف روايته هذه في سجن جلبوع المركزي، وانتهى منها بتاريخ: 11/3/2021، كما جاء في نهاية الرواية.
(2) رواية "حياة.. حينانا" تأليف حسين السكاف
تستلهم الرواية الميثولوجيا السومرية، تستحضر "إنانا" إلهة الحب والجمال والجنس والرغبة والخصوبة والحرب والعدالة والسلطة والسياسة، في شخصية "حياة" ابنة الأستاذ الجامعي، والتي تحكي _ طوال الرواية_ عن سيرتها، عن اكتشافها لقوتها، فكانت تخلق بحكمة عشاقها طوال سردها، شخصيات تُظهرها لنا ثم تتركها خلفها، تهجر روائحهم وهي تمضي إلى نهاية رحلتها، لكنها قبل أن تهبط إلى العالم السفلي_ إشارة إلى غياب صوتها القسري_ تقيم احتفالا لكل مَنْ مَرَّ بها، تجمعهم في صورة جماعية واحدة، تحاكمهم، فيظهر صوتها هو الوحيد، متعال، حكيم وقوي، صوت الإلهة التي لم تترك لسارد آخر أن يحضر سوى حبيبها الروائي "كريم" مخلوقها الوحيد الذي منحته في النهاية حق أن يسرد عنها بأربع صفحات، فقط لكي يكون صدى لصوتها الذي غاب في ظلمة العالم السفلي!
تعتمد رواية "حياة.. حينانا" الدراسة التحليلية المعمّقة لتركيبة الشخصية الأنثوية. دراسة سيسلوجية وسايكولوجية عن تركيبة الشخصية الأنثوية التي عاشت صراعات بلد الحروب والكوارث، تحت خيمة قانون التقاليد والأعراف الاجتماعية... فالرواية التي تتناول أكثر من 25 شخصية أنثوية بمختلف الأعمار والانتماءات، تشكل دعوة لتحرر المرأة "الفتاة" من قيود كبّلت حريتها طويلاً.
(3) رواية "السيدة التي حسبت نفسها سوسة" تأليف شيماء هشام سعد
رواية السيدة التي حسبت نفسها سوسة، رواية للمصرية شيماء هشام سعد، وهي أول أعمالها صدرت عام 2021 عن دار المعرفة للنشر والتوزيع، والكاتبة شيماء سعد طالبة في كلية الصيدلة، بدأت كتابتها لهذه الرواية منذ عام 2019، ورواية السيدة التي حسبت نفسها سوسة تتحدث عن فتاة صغيرة يتيمة تدعى رئيفة، وتضعك هذه الرواية أمام تساؤلات عديدة ستدفعك إلى إيجاد بعض الحلول الاجتماعية والإنسانية..
"لا أستطيع أن أُحصيَ عدد المرات التي راودني فيها الشك، قد لا تكون موجودًا بالفعل إلا في دماغي كما تقول أختي هِندة، لكنني في آخر لحظاتي آمنتُ أنَّك حقيقيٌّ وأنك موجود في مكان ما وأنَّك تعرفُني، ولربما حتى كنتُ محظوظة إلى حد أنَّك حدَّثتَ أحدًا عني، قلتَ لأحد ما: "كنتُ أحبُّ امرأة اسمها رئيفة، كانت تُعدُّ الشاي كأنها تصلي، وكانت تحلم ببيت صغير في الغابة تُطلق فيه شعرها المُموَّج للريح، وكانت تُحبُّني وأرادت أن نضع رأسَينا مَغزُوَّين بالشيب والذكريات على وسادةٍ واحدة".".
(4) رواية "قاف قاتل، سين سعيد" تأليف عبد الله البصيّص
استطاع البصيّص من خلال "قاف قاتل، سين سعيد" الصادرة عن دار روايات – مجموعة كلمات، وهي ثالث أعماله الروائية، والصادرة في 426 صفحة من القطع المتوسط، أن يذهب مع القارئ نحو عوالم اختار لها أقداراً متوازية، وعوالم تحاكي بعضها البعض، ترويها شخصيات تتمتّع بـ “كاريزما” خاصة، وتؤدي أدواراً لا يسهل فكّ ألغازها إلا إذا تمعّنها القارئ وأصغى لحواراتها الداخلية والخارجية.
يوضّح البصيّص أن رواية "قاف قاتل سين سعيد" ليست عملاً بوليسياً، لكنه تعمّد أن يجعل بدايتها مشحونة بمشاهد تكتنفها الجريمة، وسياق التحقيقات، والضحايا، مشيراً إلى أنه مَال بالسرد بعد ذلك نحو قصة أخرى مرتبطة بالأولى من حيث الفكرة العامة وإحدى الشخصيات، ليقدّم للقارئ مشاهد مترابطة وظّفها في العمل بأسلوب متقن.
يجد المحقّق ماجد، في لغز مقتل سعيد جونكر، سببًا لتوالي أيّامه الرتيبة. إذ يفتح تحقيقًا مضى على إغلاقه سنوات طويلة، فيعود ينبش في ماضٍ اتّفق الجميع على تجاوزه.
يأخذنا السّرد ذهابًا وإيابًا بين التسعينيات والزمن الحاضر، بين الواقع والسّحر، ويتلوّن كثيرًا مقدّمًا للقارئ رواية مفخّخة بالانتظار والدهشة.
(5) رواية "بنت دجلة" تأليف محسن الرملي
تعد رواية "بنت دجلة" الصادرة عن دار المدى، الجزء الثاني لرواية (حدائق الرئيس) ولكن يمكن قراءتها أيضا كرواية مستقلة. يكتب الرملي في تقديمه لروايته أن بنت دجلة ينطبق عليها ما نشرته صحيفة الغارديان البريطانية عن رواية الرملي السابقة حدائق الرئيس، فعلى الرغم من جذورها المحلية، إلا ان مواضيعها عالمية ايضا. إنها بحث عميق عن الحب والموت والظلم، وتأكيد لأهمية الكرامة والصداقة ومعنى الحياة وسط القمع. بنت دجلة رواية ترصد تحولات التاريخ ومخلفات الدكتاتورية الدموية والغزو والاحتلال.
تبدأ رواية (بنت دجلة) لمؤلفها محسن الرملي، من حيث تنتهي رواية (حدائق الرئيس)، وطارق المندهش، وقسمة مع طفلها، في طريقهم الى بغداد، بحثا عن جثة والد قسمة (إبراهيم) الذي أعدم في الأول من رمضان عام 2006... يمكن قراءة هذه الرواية من زاويتين مختلفتين، تتمثل الزاوية الأولى بالجانب الإيجابي في رفض تعاون قسمة وطارق مع جلال الدين الرامز للنظام الحالي، والجنرال آدم للغزو الأمريكي، والزاوية الثانية بالجانب السلبي في تعاونهما معهما. وبعبارة أوضح قراءتها من خلال إشتراك قسمة وطارق في تقسيم الكعكة العراقية، أسوة بالأحزاب العراقية، وبين عدم إشتراكهما، ورفضهما للمحاصصة.
(6) رواية "الملف 42" تأليف عبد المجيد سباطة
رواية عربية، للروائي المغربي عبد المجيد سباطة. صدرت الرواية لأوّل مرة عام 2020 عن المركز الثقافي العربي في المغرب، ودخلت في القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2021، المعروفة باسم «جائزة بوكر العربية».
تسير رواية "الملف 42" في خطين متوازيين، الأول بلسان روائية أمريكية ناجحة، تتعاون مع باحث مغربي شاب في سلك الدكتوراه، في البحث عن المؤلف المجهول لرواية مغربية صدرت عام 1989. وقادهم هذا التحقيق إلى ملامسة خيوط كارثة الزيوت المسمومة لسنة 1959،والتي حدثت سنوات قليلة بعد الاستقلال. والخط الثاني بلسان مراهق مغربي عابث من عائلة غنية، الذي يغتصب خادمة المنزل القاصر، فتغلق والدته المحامية القضية مستغلة نفوذها وترسله لمتابعة دروسه الجامعية في روسيا، ليواجه هناك أهوالا لم تكن في حسبان أحد.
(7) رواية "عينان خضراوان" تأليف حامد الناظر
رواية عربية، للروائي السوداني حامد الناظر. صدرت الرواية لأوّل مرة عام 2020 عن دار التنوير في لبنان، ودخلت في القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2021، المعروفة باسم «جائزة بوكر العربية».
قضت الفتاة السودانية عرفة أشهرا طويلة من معتقل إلى آخر، فقدت أمها صغيرة واختطفت حركة انفصالية إرتيرية والدها منها، عرفت سجن المتمردين الإريتيريين، سجن حركة سودانية مُعارضة، ثم سجن حكومة بلدها، عُنفت وجوعت، قتلت وكادت أن تُقتل، اغتصبت وأجهضت ما في بطنها، كلما نجت من سجان سقط في يد آخر، فقهت حيل الجلاد وصبر الأسير، نزحت من جنوب إلى شمال، سيراً أو في مقطورات شاحنات، حبلت مرغمة وتخلت عن صغيرتها، نامت في العراء وقاومت بطش المتشردين مثلها، امتهنت أحقر المهن كي تحيا، استمرت حياتها من قساوة إلى أخرى، دون أن تلفت انتباه أحد إليها، دون أن يتعاطف معها سوى القليلين ممن عرفوها، إلى أن غامرت باعتناق المسيحية، بعد عملها كمنظفة في كنيسة أتاحت لها العودة إلى الدراسة، ثم مالت إلى الزواج من مسيحي، فقامت الدنيا على رأسها، سيقت إلى المحكمة، ونطق القاضي بالإعدام في حقها، لكن قدراً لم تتوقعه سوف يُنجيها، وتتحول إلى بطلة في رواية «عينان خضراوان» (دار التنوير 2020)، للسوداني حامد الناظر، الذي التمس بعضاً من سيرة شخصيته من واقعة حقيقية حلت بمريم يحيى إبراهيم، التي حُكم عليها في السودان عام 2014 بالإعدام، بتهمة الردة واعتناق المسيحية، والارتباط برجل غير مسلم، مع أن عرفة في الرواية، ومريم في الحقيقة، يشتركان في مصير واحد، فإن الكاتب وهب بطلته ماضيا مُغايراً، ورطها في معارك اندلعت على الحدود بين بلده وإرتيريا، سايرها ما بعد منتصف التسعينيات إلى أوائل الألفية، وجعل من عرفة مطية في سرد شذرات من تشظي التاريخ السوداني الحديث.
(8) رواية "جيم" تأليف سارة النمس
رواية "جيم" هي العمل السردي الرابع للكاتبة الجزائرية سارة النمس (دار الآداب) بعد روايتين اثنتين هما "الحب بنكهة جزائرية" ورواية "ماء وملح"، ومجموعة قصصية واحدة هي "الدخلاء". وفيها تروي حكاية المتعبين الذين دفعتهم ظروفهم لارتكاب الذنوب، وسعيهم إلى التخفّف منها بالكلام عنها، فيفلح بعضهم، ويعود الآخر من الغنيمة بالإياب.
في العنوان، نشير إلى أن "جيم"، في اللغة، حرف هجاء، لكنّه، في الرواية، اسم البطلة وإحدى الشخصيتين المحوريتين اللتين تتجاذبان الأحداث، وقد أطلقه عليها والداها “جهاد” و”جنّات” اللذان يبدأ اسماهما بالحرف نفسه لتكون نقطة تقاطعٍ إضافية بينهما.
(9) رواية "تفصيل ثانوي" تأليف عدنية شلبي
"آب 1949, يخيّم قائدُ كتيبة عسكريّة مع جنوده في بقعة من الصحراء النقب, يُشتبه في أنها ممرٌّ يسلكه المتسلّلون العرب. بعد أكثر من خمسة عقود, تنطلق فتاةٌ موظفةٌ فلسطينيّةٌ في رحلة صوب النقب ساعيةً إلى كشف ملابسات حادثة جرت في ذالك المعسكر, مستعينةً بتفاصيل ثانويّة شتّى. عدنيّة شبلي اديبة فلسطينيّة, حازت روايتها "مساس" و "كلّنا بعيدٌ بذات المقدار عن الحبّ" جائزة مؤسسة عبد المحسن القطّان...
الشخصيات المركزية، هنالك شخصيتان، تقوداننا في جزأي الرواية، شخصية ضابط يخيم مع كتيبته في نقب فلسطين في صيف العام ١٩٤٩، وحدث خلال ذلك جريمة، يكون خلفها بشكل تدريجي. الشخصية الثانية هي لموظفة فلسطينية تنطلق لجمع تفاصيل تقودها إلى كشف الجريمة من وجهة نظر الضحية. هاتان الشخصيات كما هو واضح، النقيض التام، أحدهما للآخر، لكن ما تحاول الرواية بوضعها الواحد بجانب الآخر، هو تأمل الحيز الواقع بين هذين النقيضين، وهو حيز نواجهه كأفراد يومياً، يتعلق بخيارات غير واعية أحيانا، لكنها تقودنا إلى مواقع تفصح عن جوهرنا بشكل ما كنا لنتكهنه. هذا هو تساؤل الرواية عمليا، والدافع خلف كاتابتها.
(10) رواية "اليتيمة" تأليف جميل السلحوت
صدرت الرواية عام 2020 عن مكتبة كل شيء في حيفا، ويحمل غلافها الأوّل لوحة للفنّان التّشكيلي محمد نصر الله.
القصة غنية بالسرد المشوق لتوضيح الأماكن خاصة ضواحي القدس… سلوان وبير أيّوب، حيث تسكن العائلة الجد أبو النعمان وبطلة الرواية عبير وأمّها وشقيقها عزيز، هذه العائلة المنكوبة بفقدان الأب واثنين من أبنائه في حدث طرق.
ممّا جعلها تتكور ذاتيا بالحزن لمدة عشر سنوات وينعكس تأثير ذلك على حياة الأبناء فيما بعد. فشخصية عزيز مهزوزة توحي بالحرمان والكبت رغم أنه أنهى دراستة الجامعية، فلم يستطيع اتخاذ قرار بزواجه ولا بزواج شقيقته بل ركن على اختيار الّمّ والجدّ، وهنا تلميح من الكاتب لضرورة تدخل العلم والعلاج النفسي في حالات الفقدان لاعادة ترميم الذات.
رواية العديد من الفتيات الفلسطينيات والأسر الفلسطينية خاصة التقليدية. رواية حزينة تراجيدية تعالج قضية التمييز بين الذكور والإناث، وتمنح رسالة اجتماعية هامة للأهالي لاعادة النظر في التعامل وتغيير النظرة الدونية مع الأبناء وقضية الذكورية عامة.
سالار مجيد