قراءات نقدية

الروايات المصرية الحديثة بين التعمق الفكرى واللغوى

almoktar saeedتعد الرواية المصرية من أهم الروايات فى الوطن العربى فمنها خرج العظيم نجيب محفوظ صاحب نوبل وعلى أرضها جاء العديد من الكتاب والروائيين لينشروا أعمالهم محاولين أن يأخذو فرصة عرض أعمالهم.

قررت منذ أشهر قليل أقتناء عدد من الروايات المصرية بعدما أبتعدت لسنوات عنها

وبداخلى شغف شديد للتعرف إلى ماوصلت إليه الرواية ومستوى مايقدم وهل سقطت الرواية هناك كما سقطت الاغنية الطربية المصرية، والسينما المصرية؟ أم هناك من يحافظ عليها وسط كل تلك السقطات.

فى البداية قررت قراءة رواية لأديب مصرى واسع الصيت والشهرة هو أشرف الخمايسى وهو الذى تم ترشيحه مرتين متتاليتين للبوكر العربية ورأى العديد أن أستبعاده غير مبرر ويشكك فى نزاهة الجائزة.

فتحت صفحات روايته " إنحراف حاد" وبكل صراحة لم يعجبنى غلافة الرواية وشعرت أن دار النشر تساهلت فى تصميمه فالمتواجد على الأوراق يحتاج للوحة فنية يرسمها فنان تشكيلى لتكون خير واجهة لما ستتعرض له.

الخمايسى والذى يطلق على نفسه " آله السرد فى مصر" هو حالة أدبية خاصة هو كاتب يعبر بلغة شعرية متعمقة ، وإلفاظاً رشيقة متنوعة ، وبإسلوب سارق للخيال والإحساس تندمج معه حتى النهاية.

الرواية دون الغوص فى الإحداث رواية فلسفية تدور أحداثها داخل سيارة متسعة " ميكروباص" تخرج منه الأحداث فى تسلسل وبراعة تجعلك تتلهف لمعرفة إسرار كل

واقعة ومكنون شخصياتها وبراعة أحداثها.

الخمايسى حالة أدبية فريدة فى مصر تحتاج إلى تركيز من كافة دور النشر العربية فإعماله تحتاج إلى تسليط الضوء بشكل أكثر فاعلية ، وعلينا أستدعائه فى بلادنا لتعريف القراء بما يقدمة من أعمال ادبية ربما تؤهله لجائزة نوبل فى المستقبل.

الكاتب الثانى كان لشخصا يعمل بمجال القضاء فى مصر وهو المستشار أشرف العشماوى وكان لروايته " البارمان"نصيبا أن تجلس بين يدى لأقرأها مرتين متتاليتين.

البارمان رواية تعد أفضل ماصدر فى مصر والوطن العربى خلال العام الماضى والجارى فهى رواية عبقرية تلتف خيوطها وفكرتها حول معنى فلسفى شديد التعقيد هو " من منا لايملك ساقى للخمر يقدم لنا نشوة غير حقيقية وزائفة ولا نفيق منها ألا بعد ضياع التوقيت المناسب".

الرواية تدور أحداثها فى فترة ماقبل قيام ثورة المصريين والإطاحة بحسنى مبارك ويبرز الكاتب ببراعة العيوب النفسية لدى المواطنين أنفسهم التى تتفوق على أى

فساد سياسى أو سلطوى فالطبيعة الإنتهازية والمادية لا يمكن ان تنصلح بسهولة حتى مع تغير التركيب السياسى للدول.

كان للشباب نصيب فى إطلاعى وكانت رواية "قندهار " للكاتب الشاب أحمد حسين

الدور فى إطلاعى ، بكل صراحة حزنت من غلاف الرواية فهول لا يليق برواية متتعة فكريا بهذا الشكل.

رواية قندهار بكل بساطة تقدم نموذج أدبى يعبر عن الشباب فكرة ممتازة باسلوب سردى ربما يميل للخبرى لا تستطيع ان تنتقده وتصفه بالابتزال ولا تستطيع وصفه بالفصاحة اللغوية المتعمقة لكنه فى نهاية الحال اسلوب ممتع .

ولم يكن الكاتب مقلد لأحد فى سرده فهو صاحب نظرية الفكر والإبداع بالفاظ بسيطه دارجة ثم يجاول أن يرسم بها لوحة متقنه فى الوصف دون إرهاق بدنى أو ذهنى للقارئ او المتلقى.

الرواية فلسفية سياسية تروى احداث انفصال اشقاء اصولهم مصرية فى الحرب الامريكية على افغانستان وكيف تبدل حالهم مع تغير البيئة الاجتماعية لكل منهم، الكاتب الشاب يستحق الإشادة فرغبته أن يقدم عملا فكري فلسفى يؤكد أن مصر لن تصاب بالعقم الأدبى نهائيا.

استكمل قراءة العديد من روايات الأدب المصرى الحديث وبداخلى سعادة بما رأيته من إبداع يؤكد أستمرار ملجأ الفنون فى مكانته وريادته.

 

كتب: المختار سعيد

 

في المثقف اليوم