قراءات نقدية

أوراق (الشاعر د. نزار بريك هنيدي) إلى الهاوية في غابة الصمت (4-4)

مفيد خنسةرابعاً - التباين:

وهو علاقة بين مفهومين كليين بحيث لا يصدق أي شيء من الأول مع الثاني ولا يصدق أي شيء من الثاني مع الأول: (أي مصاديق الأول متباينة عن مصاديق الثاني ومصاديق الثاني متباينة عن مصاديق الأول)، كقولنا: (لا شيء من الإنسان بحجر)، ونلاحظ أن كلّاً من (الإنسان) و(الحجر) يشكل مفهوماً، والعلاقة بين معنيي المفهومين هي علاقة تباين، وأن (لا شيء من الإنسان بحجر) هي قضية حملية محصورة كلية سالبة، وسورها (لا شيء)وموضوعها الإنسان ومحمولها (بحجر)، ومن وجهة نظر المجموعات فهما مجموعتان (غير متقاطعتين) أي هما متنافيتان، ومن وجهة نظر الأحداث (لا يمكن أن يحدثان معاً)، والحدثان المتعاكسان هما حدثان متنافيان والعكس ليس صحيحاً بالضرورة، ولا بد من وضع تسلسل هرمي لبعض المفاهيم الكلية، فإذا قلنا: (الوجود، الجسم، الجسم النامي، الحيوان، الإنسان، ناطق، زيد)، (فالحيون) جنس، لأنه يمثل جزء الماهية المشترك، و(الإنسان) نوع، لأنه يمثل تمام الماهية، وناطق (فصل) لأنه يمثل جزء الماهية المختص، أما زيد فهو مصداق الإنسان ويمثل جزءاً حقيقياً، ويمكن الاستفادة من العلم الرياضياتي باعتبار العلاقة بين النوع والجنس هي علاقة احتواء حقيقي، والعلاقة بين الجزء الحقيقي والنوع هي علاقة انتماء، ويمكننا فهم العلاقات بين القضايا في علم المنطق من خلال الاستفادة من الرياضيات، وهكذا فالنقد الاحتمالي يتخذ من المنطق الرياضياتي كآلة لتحليل وفهم القصيدة الشعرية، وحين نقول: القصيدة الشعرية، إنما نعني بها القصيدة التي تكتمل فيها الشروط التي تؤهلها كي تكون قصيدة حقاً.

إن استخدام الرموز في المنطق الرياضي يجعل التعبير عن القضايا والعلاقات فيما بينها أكثر يسراً وسهولة، ولو كان الفلاسفة الأقدمون على دراية بالمنطق الرياضي كانوا قد أبدعوا في إيجاد مخارج منطقية أكثر إحكاماً وأكثر دقة من المنطق الأرسطي التقليدي، لكن هذا لا يمنع من وجود علاقة عضوية بين اللغة والمنطق والفلسفة، لأنها تتقاطع جميعها في التعبير عن المعاني، ولا بأس هنا أن نبين كيف تتجلى أهمية أدوات الربط في المنطق بالاستفادة مما سبق، وذلك باستخدام ثلاث قضايا معاً كما في المثال التالي، (جاء أحمد = أ)، (جاء سعيد = ب)، (جاء سمير= ج) وأردنا أن نعبر عن [(أ) أو (ب)] وَ(ج)، عندئذ سنجد أن أداتي الربط (وَ) و(أو) على درجة كبيرة في الأهمية وهما أساسيتان في تركيب هذه العلاقة، ولا بد من معرفة دلالة كل منهما كي يستقيم المعنى المراد، وكلما كان فهم دلالة أداة الربط دقيقاً كلما كان فهم محمول العلاقة المعبرة عن المعنى دقيقاً، وهنا يغدو علم المنطق وسيلة ضرورية للاستدلال عن المعنى، والآن لنفكر معاً ماذا يعني: [ (أ) أو (ب) ] وَ(ج)!!، إن جبر المجموعات يجيب بسهولة وبإحكام ودقة رياضية بتطبيق خاصة توزيع التقاطع على الاجتماع فتصبح العلاقة المفروضة: [ (أ) وَ (ج)] أو [ (ب) وَ (ج) ] أي [ (جاء أحمد) وَ (جاء سمير) ] أو [ (جاء سعيد) وَ (جاء سمير) ]، والمعنى جاء أحمد وسمير أو جاء سعيد وسمير أو جاء الثلاثة معاً . ويمكن اعتبار كلا من (أ) و(ب) و(ج) حدثاً ونعبر لغة كما تقدم.

التطبيق:

سأحاول أن أوضح المبدأ الذي تقدم وهو المنطق الجمالي وأهمية أدوات الربط من خلال دراسة الفرع السادس:

(رائحة الأيام)

(عبرت رائحةٌ شباكَ الغرفةِ،

والتفتْ

حول الرأسِ القابع في عزلتهِ،

تسألهُ:

هل تذكر تربة حارتكم

حين يباغتها مطرٌ

بالحبّ؟

فتجاهلها،

وانكبّ على الأوراقِ،

يحاول أن يستنطقها شيئاً

عن أيامٍ،

لا بدّ لهُ

أن يحيا فيها

دون حواسٍ

أو ذاكرة

أو قلب.!)

أولاً: تحديد القضايا:

يتضمن هذا الفرع القضايا التالية:

أولاً: (عبرت رائحةٌ شباكَ الغرفةِ،) هي قضية حملية موجبة، الموضوع فيها (رائحة) والمحمول هو (عبرت)، ومن حيث بنية الجملة لغوياً، المسند هو (عبرت) والمسند إليه هو(رائحة) والمعنى فيها مجازي، ويمكننا هنا أن نبين كيف تتعدد إمكانات المعنى لهذه الجملة الشعرية، وهي تتألف من [(1) عبرت (2) رائحةٌ (3) (شباك الغرفة)]، ويمكننا أن نعيد ترتيب هذه الجملة بست طرق وهي على الشكل ((1)، (3)، (2)) أي (عبرت شباك الغرفةِ رائحةٌ) وَ ((2)، (3)، (1)) وَ ((2)، (1)، (3)) وَ((3)، (1)، (2)) و((3)، (2)، (1)) ، وزيادة في التوضيح تصبح الإمكانات على النحو التالي: (رائحة شباك الغرفة عبرت) وَ (رائحة عبرت شباك الغرفة) وَ (شباك الغرفة عبرت رائحةٌ) وَ (شباك الغرفة رائحة عبرت) أي يمكن أن تتولد ستّ جمل شعرية جديدة ناتجة عن إمكانات إعادة ترتيب الجملة، وكل جملة من هذه الجمل تحمل معنىً يختلف عن معنى الأخرى، ويمكن اعتبار كل جملة من الجمل الشعرية الناتجة جملة ممكنة، ومعناها معنى احتمالي، وإن كان افتراضيّاً. ولنا أن نتأكد أنّ الجملة الشعرية هي واحدة من الإمكانات السابقة، وهذا يبين كيف أن الجملة الشعرية الواحدة يمكن لها أن تختزن إمكانات متعددة من الجمل الشعرية، والنص الذي يمكننا أن نحصل عليه من تعدد تلك الإمكانات يمكننا أن نطلق عليه (النص الممكن) أو (النص الاحتمالي)، وإن كان نصّاً افتراضيّاً، إضافة إلى أن هذا المثال البسيط يبين كيف أن الفكر الرياضياتي يساعد في فهم العلاقات بين مكونات الإبداع وخاصة الشعر منه  بحسن استخدام آليات التفكير.

ثانياً: (التفّت حول الرأس القابع في عزلته،) هي قضيّة حمليّة موجبة، الموضوع فيها هو الضمير (هي) العائد إلى (رائحة) والمحمول هو (التفت) والمعنى يمكن أن يكون حقيقياً، إذ يمكن أن تكون رائحة حقيقية، ولكن المقصود هنا في سياق الجملة الشعرية هو رائحة الإيام وهو معنى مجازي، والمعنى في القضية مجازي.

ويصبح التركيب: [(1) (عبرت رائحةٌ شباكَ الغرفةِ،/) وَ ((2) التفتْ/ حول الرأسِ القابع في عزلتهِ،)] قضية مركبة من القضيتين (1) و(2)، بينهما أداة الربط (وَ) وهذه القضية المركبة تحدث إذا حدثت القضية الأولى و حدثت القضية الثانية معاً، من وجهة نظر الأحداث، ومن حيث قيمة الحقيقة تكون تساوي واحد أي تكون القضية المركبة صحيحة إذا كانتا صحيحتين معاً، وتكون القضية المركبة خاطئة أي تكون قيمة الحقيقة تساوي صفراً، إذا كانت إحدى القضيتين خاطئة أو كانتا خاطئتين معاً.

ثالثاً: (تسأله):  هي قضية حملية موجبة، الموضوع فيها الضمير (هي) العائد إلى الرائحة، والمحمول (تسأل) والمعنى مجازي، وقوله: (هل تذكر تربة حارتكم/ حين يباغتها مطرٌ/ بالحبّ؟) جملة إنشائيّة طلبية فهي لا تشكل قضية!.

رابعاً: (تجاهلها): هي قضيّة حملية موجبة، الموضوع فيها هو الضمير الغائب (هو) العائد إلى صاحب الرأس القابع في عزلته، والمحمول هو(تجاهل) والمعنى مجازي، ونلاحظ أن الجملة(3) مرتبطة بالجملة (4) بفاء الاستئنافية، من دون أن تكون هناك علاقة بينهما،

خامساً: (انكبّ على الأوراقِ،) هي قضية حملية موجبة، الموضوع فيها ضمير الغائب (هو) والمحمول (انكب) والمعنى حقيقي، ونلاحظ أن الجملة (5) مرتبطة مع الجملة (4) بأداة الربط (وَ) ويصبح التركيب الشعري: [(3) (تسأله) فَ (4) (تجاهلها) وَ (5) (انكب)]  قضية مركبة من ثلاث قضايا، كما هو مبيّن، أما التركيبان [ (1) (عبرت رائحةٌ شباكَ الغرفةِ،/) وَ ((2) التفتْ/ حول الرأسِ القابع في عزلتهِ،)] و [(3) (تسأله) فَ (4) (تجاهلها) وَ (5) (انكب)]  فهما منفصلان لانفصال (انكب) عن (تسأله)، وعلى الرغم من أن الأصل أن تكون الجمل منفصلة في النص، فقد شاع ارتباط الجمل فيما بينها في التراكيب النثرية والشعرية العربية بأدوات الربط المعروفة،

سادساً: (يحاول أن يستنطقها شيئاً): هي قضية حملية موجبة، الموضوع فيها الضمير الغائب (هو) والمحمول هو (يستنطق)، والمعنى مجازي. وهذه الجملة منفصلة عن سابقتها.

إن الهدف من هذا التفصيل هو توضيح مبدأ تطبيق منطق التفكير الرياضياتي في النقد، وبكل تأكيد سيكون من الصعب جدّاً أن نطبق ذلك على كامل القصيدة، خشية الإطالة والملل.

ثانياً: الترتيب المنطقي للقضايا:

إن ترتيب القضايا على درجة عالية من الأهمية في علم المنطق، ولا يقل الترتيب أهمية في الفكر والشعر عما هي عليه في علم المنطق، لأن الترتيب يساعد على إحداث المعاني الجديدة بشكل مترابط، كما يساعد في إحداث العلاقات المتسلسلة وفق الترتيب المتبع، فإذا نظرنا إلى ترتيب الجملتين (1) و(2) في التركيب الأول،[(1) (عبرت رائحةٌ شباكَ الغرفةِ،/) وَ ((2) التفتْ/ حول الرأسِ القابع في عزلتهِ،)] نجد أنّ الترتيب غاية في الأهمية من أجل أن يؤدي المعنى المراد، وأي ترتيب آخر سيفسد المعنى المطلوب، وهذا ينطبق على التركيب الثاني أيضاً. ولا داعي للتفصيل والتكرار.

القصيدة الاحتمالية والنص الممكن:

نلاحظ أن القصيدة مؤلفة من ثمانية فروع، فيمكن إعادة ترتيب الفروع ب(40320) طريقة، أي يمكننا الحصول على أربعين ألف وثلاثمئةٍ وعشرين قصيدة، وهي عدد إمكانات ترتيب الفروع الثمانية، وكل قصيدة من القصائد الناتجة عن إعادة الترتيب يمكن اعتبارها قصيدة احتمالية، وهي بكل تأكيد قصيدة افتراضية، ولكنها نص واقعي ممكن ولو نظريّاً، والشاعر لا يعترف إلا على القصيدة الأم التي أعلنها للعامة في مجموعته الشعرية هذه (غابة الصمت)، وهكذا يمكن أن نطبق المبدأ نفسه في إيجاد عدد إمكانات إعادة ترتيب الشعاب الرئيسة والثانوية في كل فرع، وهو عدد كبير جداً جداً، وقد يجد أحدنا مبالغة في هذا، وقد يكون محقاً، لكن هذه حقيقة علمية وإن كانت نظرية، والقصيدة الحقيقية الأم التي بين أيدينا هي واحدة من هذه الإمكانات، وهي التي جاءت على الترتيب الذي قدمه الشاعر، فهي تمثل القصيدة الواقع وكل قصيدة ممكنة هي قصيدة افتراضية وهي قصيدة واقعية حقاً.

ثالثاً – القيمة المعيارية

لا يخلو استخدام هذا المصطلح من مغامرة بسبب غرابته في ميدان النقد للشعر، وبسبب أنه مفهوم رياضياتي إحصائيّ بحت، ويعني معدل انحراف المفردة في العينة عن متوسطها الحسابي، ولكن لو نظرنا إلى أن (المعيارية) في مختلف سياقات استخداماتها تعني حكم القيمة، أو ما يتعلق بالتقييم، وقد انتشر هذا المصطلح في الفلسفة مع تطور الفلسفة التحليلية، والعلوم المعيارية على اختلاف أنماطها فهي تدور في البنى التي تتضمن القواعد والقيم، وإذا كانت النظرية المعيارية في الفلسفة تهدف إلى إصدار أحكام أخلاقية، فإننا هنا لا نهدف إلى تصنيف القصيدة والحكم على مستواها بين قصائد أخرى، لأن النقد الاحتمالي لا يهدف إلى التصنيف الشكلي الإنشائي بقدر ما يهدف إلى تحليل القصيدة وفق منهجية علمية منطقية لفهم العلاقات بين الجمل والتراكيب في الفرع الواحد منها، ومن ثم فهم العلاقات بين الفروع في سياق البناء العام لها، والكشف عن المعاني التي تتضمنها، وملاحظة الإمكانات التي يمكن أن تختزنها هذه القصيدة، أما الحكم فيترك لمن يهتم في إنشاء الحكم، وليس لمن يهتم في إصداره فقط، وهنا نبدو وكأننا قد وصلنا إلى تناقض مادامت المعيارية تُعنى بالحكم، ولإزالة هذا التناقض لا بد من توضيح المقصود بالمعيارية هنا.

إذا نظرنا إلى مركز توازن القصيدة وهو هنا (أوراق الهاوية) على أنه مركز انطلاقها، ومركز انبثاقها، ونظرنا إلى فروع القصيدة على أنها تمثل خطوطاً رئيسة فيها، ونظرنا إلى الشعاب الرئيسة والثانوية في كل فرع من فروعها على أنها تمثل قضايا، عندئذ يمكن اعتبار تمحور القضايا في الشعاب حول الفرع معياراً جيداً لقوة الترابط فيما بينها، أما تشتت القضايا في الشعاب يضعف الترابط ويضعف بنية القصيدة، والمقصود بالقيمة المعيارية هنا هو درجة الترابط بين القضايا في الفروع من جهة، وبين عقد الفروع من جهة أخرى، ومن دون شك فإن القيمة المعيارية ترتبط بمبدأ التوازن في القصيدة، ومن حيث التطبيق هنا نستفيد من الفقرة السابقة التي حافظ فيها التركيب الشعري على الترتيب المنطقي في إنتاج المعنى، فإذا تتبعنا فروع القصيدة نجد في الفرع الأول أن مداراة حلم الطفولة ومحاولة استبقاء ما كان لديه من أسرار هي سبب من أسباب العزلة، وانكشاف العورة في كون أحرق آخر ورقة من أوراق التوت، كان سبباً آخر في العزلة كما في الفرع الثاني، والتنين في الفرع الثالث سببٌ ثالثٌ، والوصايا في الفرع الرابع تشير إلى أن الطرق كلها تقود إلى الهاوية، والفرع الخامس يبين أن الدرب قد فرّ، والفرع السادس يحذر من أيام قادمة لا بد أن نحيا فيها من دون حواس أو ذاكرة أو قلب، وفي الفرع السابع يشير إلى الوجوه الكالحة التي تترنح في غابة الصمت وقد أعلنت موتها، وفي الفرع الثامن يشير إلى الذبول واليأس والجرح والأحلام والحائط المنخور، وإذا تأملنا خاتمة هذا الفرع  من القصيدة:

(ها هو السرداب يمتدّ

ويمتدّ

وما فيه سواكْ.

أنت وحدكْ

تمضغ الآلام وحدكْ.

وتعيش الحلم وحدك

واهمٌ أنت،

وحان الوقتُ كي تخرجَ

من سرداب وهمكْ.

واهمٌ أنت

متى تصحو

وتمحو

عن دروب العمرِ

آثار خطا أشباحِ حلمكْ. ؟!.)

نجد:

(1) (ها) تفيد التحذير والتنبيه إلى قرب السرداب من الشاعر والقارئ وغيرهم.

(2) (يمتد ويمتد) تفيد بأنّ النفق الذي يمكن أن ندخله مظلم وطويل.

(3) العزلة بقدر ما هي عزلة فردية فهي عزلة جماعية، في الأحلام والآلام.

(4) الاعتراف بحالة الوهم التي نعيشها، وصرخة صادقة للتحرر من هذا الوهم، والدخول في حالة من الصحو والواقعية.

وهكذا نرى أن القصيدة في بنائها الكلي تتمحور حول اوراق العصر التي تقود إلى الهاوية.

التوازن وتمثيل القصيدة:

تعتبر (أوراق الهاوية) مركز توازن القصيدة لأنها تمثل نقطة انطلاقها ومركز انبثاقها، ويمكن اعتبار كل عقدة من عقد فروعها نقطة توازن بالإضافة إلى النقاط التالية:

أولاً: الحلم: هي نقطة تقاطع بين الفروع، الأول والثالث والرابع والثامن فهي تمثل نقطة توازن.

ثانياً: الصمت: هي نقطة تقاطع بين الفروع، الثاني والسابع والثامن فهي تمثل نقطة توازن.

ثالثاً: الموت: هي نقطة تقاطع بين الفروع، الثاني والثالث والسابع والثامن فهي تمثل نقطة توازن.

رابعاً: الريح:  هي نقطة تقاطع بين الفروع، الأول والثالث والرابع والثامن فهي تمثل نقطة توازن.

فإذا مثلنا مركز توازن القصيدة بدائرة صغيرة، ومثلنا عقد الفروع على محيط دائرة مركزها مركز توازن القصيدة، ومن ثم مثلنا نقاط توازن القصيدة على محيط دائرة أخرى بحيث تتوزع وفق درجات ارتباطها بالفروع، ومن ثم مثلنا فروع القصيدة على شكل أشعة منطلقة من مركز توازن القصيدة، ومثلنا الشعاب الرئيسة والشعاب الثانوية كأشعة منطلقة من العقد للفروع، عندئذ نكون قد حصلنا على تمثيل دائري للقصيدة. وهذا التمثيل سيبين كيف أن القصيدة في بنيتها تميل إلى التوازن ، وهذا ما يفترضه منهج النقد الاحتمالي، وهو أن القصيدة الشعرية تميل في تركيبها إلى التوازن، وهي الحالة التي تمنحها القدرة على الاستمرار والحياة أكثر. والقصيدة الشعرية التي نعنيها هي القصيدة التي تستوفي شروطها اللغوية والفنية من دون شك.

المفردة المنوالية:

لعل الكلمة الأكثر تكراراً في القصيدة هي (الحلم) ومرادفاتها، فهي تمثل مفردة منوالية، ويمكن اعتبار الكلمات (الصمت، الموت، الريح) مفردات منوالية، لأنه يجوز أن يكون في القصيدة الواحدة أكثر من مفردة منوالية ، والمفردة المنوالية ذات دلالة هامة في بنية النص، وتشير إلى مدى حضور هذه المفردة في القاموس الشعري لدى الشاعر، وتشير إلى مدى حضورها في لا وعيه ، فالمفردة المنوالية إحدى أهم مكونات الجملة الشعرية ذات المعنى الذي يريده الشاعر ويشير إليه . من هنا يصح أن تكون نقاط توازن القصيدة هي مفردات منوالية .

***

مفيد خنسه

 

في المثقف اليوم