دراسات وبحوث
الترجمة والفلسفة: حالة شروحات ابن رشد
بقلم: شارلس بترورث
لم يعد بإمكاننا أنْ نبقى صامتين، لأنه بدى أصلاً أننا لسنا صامتين تواضعاً بل صامتين خوفاً.
سيبريان، ضد ديمتريانوس
Tacere ultra non oportet; ne jam non verecundiae sed diffidentiae esse incipiat quod tacemus (Cyprian, Against Demetrianus(
يعرف الضالعون في ترجمة نصوص فلسفية معقدة من لغة إلى أُخرى بدرجة من الدقة في الحَرْفية والاسلوبية أنَّ مثل هذا الجهد ليس باليسير. وتصبح المهمة أشد وعورة حين يسعون لتقديم فكر المؤلف بدلاً من تقديم وعرض تصوراتهم (افتراضاتهم) عن ذلك الفكر. ولكي يتحاشوا الحكم على المؤلف مُسبقاً، فَهُمْ يتناولون النصَّ كما يبدو، في أصل صياغته، محاولين فهم ما يقوله المؤلف فعلاً. وفعلهم هذا منطلق من فرضية أنَّ المؤلف محل الدراسة يعرف ما يريد توصيله وهم يضعون هدفهم فهم ما قصد اليه المؤلف.
على أنَّ هناك منهج آخر في التعامل مع هذا الأمر يرى أنَّ الفكر البشري مقيد بزمان وبمكان تشكله، وحتى بالأعراف اللغوية السائدة أثناء تشكله؛ وعليه سيعتمد فهم الفكر على الاعتبارات التاريخية والفيلولوجية (فقه اللغة). ويرى أتباع هذا المنهج أنَّ عملهم البحثي يقوم على تأكيد، اعتمادا على التحقيق التاريخي المزعوم بالنزاهة، على ما قد تمكن مؤلف ما من معرفة موضوعه ومن ثم تفسير المؤلف وفق هذا الحتمية. ويقوم أتباع هذا المنهج، على هدى هذه التأملات، بإعادة بناء نصوص معينة ومن ثم ترجمتها.
ورغم أنَّ كل ترجمات أعمال الفلسفة العربية في القرون الوسطى التي ظهرت في الربع الأخير من القرن الماضي قد تمت وفق أحد هذيّن المنهجيّن، لكن لم يفلح أيٌ من أتباعهما في عرض منهجه بوضوح كافي. واكتفوا بتقديم تمهيد قصير عن الاعتبارات التي اتبعوها في الترجمة، على سبيل توضيح هذه الاعتبارات بدلاً من الدفاع عنها. اضف لهذا، إنَّ قلة من الترجمات المتوفرة كانت مطلوبة بشدة بحيث أنَّ اتباع المنهجيّن حرصوا للحصول على اي نص متغاضين عن هذه الفروقات مجاملةً. على أننا اليوم نتوفر على عدد كبير من النصوص الأساسية وترجمتها بحيث بتنا واعين بهذه الفروقات. وتُسوِّغ هذه الفروقات، بين هذيَّن المنهجيَّن، لكونها أساسية لدراسة الفلسفة العربية القروسطية، الدراسة والتحليل المعمقيَّن.
التاريخية، فقه اللغة والفلسفة
يبدئ الاعتراض،على المنهج الأول الذي ذُكِرَ في الفقرة الأولى من البحث، بإنكار امكانية تناول نص ما بما هو عليه (أي بصياغته الأصلية). وهذا راجع لاعتقاد أنَّ الظروف التاريخية تفرض قيودا على مؤلف ما بحيث لا تمكنه من الكتابة بصورة حرة أو أنْ يكون واعيا تماما بما يريد قوله. وبإشارة خاصة إلى شرح ابن رشد على كتاب فن الشعر لأرسطو، شدد الباحثون على أنَّ ابن رشد ما استطاع احتمالا فهم كتاب أرسطو كما نفهمه نحن اليوم. فكل ما استطاع فهمه من النص ‘‘ كان محصورا ومحددا بصورة موضوعية بالمدى الدلالي والتصوري للترجمة العربية التي بحوزته وأية شروحات كانت متوفرة لديه.‘‘ [1] ولكون الفكر البشري مقيد بهذه الطريقة، فعلى المرء اللجوء ‘‘ للتحليل الفلسفي واللغوي الفيلولوجي [الذي] يهيئ الإطار الذي يعمل ضمنه التقويم والتثمين المعياريَّن للأفكار المنطوية فيه-أي التحليل- ...... ويصف الحدود القصوى التي تصل إليها هذه الأفكار. “
والتفسير الاضافي هو أنَّ بإمكان الباحث، بعد إرساء أُفق رؤية النص، تمعن أساس (مذهبه) الفلسفي والحكم على ميزاته .ولكن بغض النظر عن النتيجة العملية إنْ كان لوحظ أصلاً فائدة فلسفية لمثل هذا التحليل الفلسفي واللغوي، فهناك اعتبار وصله مباشرة أكثر. وبتوضيح بسيط، التفسير المطروح لتسويغ هذا المنهج البديل خاطئ لسببيّن .
اولا، إنَّ اقرار الباحثين بوعي مؤلف ما بما يفكر به ورضاه عن عرض تفكيره بوضوح لا يفترض إطلاقا تطابق آراء المؤلف مع آراء الباحثين. إذ ينظر الباحثون لمهمتهم من جهة صلتها لاكتشاف بماذا يفكر المؤلف حقا وهم يفعلون ذلك، قدر الإمكان، بدون تقييد انفسهم بأية آراء مسبقة . وغاية مثل هذا المهمة هي العلم والوقوف بما قاله المؤلف وفهم دلالته، يعني معناه وأهميته.
بالطبع أنَّ النصَّ الذي كان بحوزة ابن رشد يختلف عن النصَّ الذي بين أيدينا. وبالتأكيد افتقر ابن رشد للمعرفة المفصلة عن اليونان القديمة وتاريخها وسياستها وثقافتها المتوفرة لدينا الآن. غير أنَّ هذه الاعتبارات ليست محل خلاف ولا هي موضوع البحث . على العكس، بعد قبول نصّ ابن رشد باعتباره نقطة البداية الحية الوحيدة، ستكون المهمة في المقام الأول هي تقدير وتحديد ماذا قالَ عن كتاب الشعر لأرسطو. وعندما نلاحظ غموض تفسيراته وقصورها في تبيين المعنى، يتوجب علينا البحث عن سبب ذلك أهو النصّ الذي في حوزته، أم فهمه القاصر عن تاريخ اليونان وثقافتها أم رغبته لإتيان حكم معين. لا يمكن للباحثين الجادين تجاهل استدلاليا تميز ابن رشد،بغض النظر عن التأثيرات الثقافية المحيطة به، بموقع فكر متماسك يستحق التوضيح. فمهمة المُترجِم هي تعريف ذلك الموقع وتجلي مضامينه.
ثانيا، لا اعتراض على ذكر الفروقات الزمانية والمكانية واللغوية والثقافية التي تفصل ابن رشد عن أرسطو، لكن الوعي بهذه الفروقات لا يؤدي لمعرفة─ وبالتأكيد ليست معرفة ‘‘موضوعية‘‘─ ما الذي يُقيِّد فهم ابن رشد لأرسطو. وبرغم التفاصيل الكثيرة التي أوردها وساقها باحثو فقه اللغة تاريخيا حول طرق استخدام الكلمات في أزمان مختلفة وحول حالة النصوص التي كانت موجودة زمن ابن رشد، لكن هذا لا يسمح الحكم مسبقا على ما استطاع ابن رشد أنْ يفهمه من كتاب الشعر. وحقاً، ترفدنا مثل هذه التفاصيل بعوامل تخمينية ظنية فقط تفيدنا عندما نواجه تعقيدات في النصّ. يمكن طرح المسألة بصورة أشد وضوحاً: لا يهم كم نعرف الآن عما أثر على ابن رشد أو عن ماذا عرف ابن رشد عن نصّ أرسطو، لعدم تمكين هذه المعلومات الباحثين من أنْ يُقدروا مسبقاً ما يقوله ابن رشد عن النصّ أو ما كان باستطاعته أنْ يقول عنه.
يُقَدِمْ الكلام المذكور في أعلاه المعرفة التاريخية واللغوية المحدودة التي يمتلكها المرء باعتبارها نوعا من العلم وتُصَوِر الذين يتبنونها ويسلكونها بأنهم من العلماء. وتدل هذه المعرفة ضمنياً على التقدير الدقيق لما استطاع ابن رشد فهمه عن أرسطو . بمعنى آخر، إنها تمكن المرء من فهم ابن رشد ليس كما فهم هو نفسه بل بأحسن مما فهم نفسه. وهذه المعرفة، التي تعلن مساهمتها للتطور في الفكر البشري، وللوعي الجديد الذي تبشر به حول كل الفكر القديم بمحدودية زمانه ومكانه، تعفي نفسها من نفس هذه القيود والتحديدات.
أما المنهج الآخر فيعتبر التعلم (learning) أكثر فائدة للفلسفة. وأصحاب هذا الاتجاه، مثلهم مثل الفلاسفة الذين يدرسونهم، ينطلقون من وعي عسر المشكلة الموجودة في النصّ الذي بين أيديهم وكذلك من حدود معرفتهم انفسهم. ويسعون لفهم أفضل للمشكلة الرئيسية والقضايا الأخرى الصغيرة المرتبطة بها لكي يبحثوا فضائل الحل الذي يقدمه فيلسوف ما. وهكذا، فبخصوص بعض المشاكل، يرون انفسهم في حمة نقاش وجدل جرى بنجاح وبدون أية تحويرات مهمة عبر الأزمنة والأماكن واللغات والثقافات.
ولكيلا يبدو هذا عويصا جدا، سأعرض لأمثلة ثلاث لهذيَّن المنهجيَّن المختلفيَّن نحو التفسير النصِّي ومثله للترجمة. وستوضح هذه الأمثلة الفروقات بجلاء مما يسمح بتقويم عادل لفضائل كل منهما. يركز المثال الأول على كيفية سعيهم لفهم النصوص التي يقرؤونها خصوصا الطريقة التي يفترقون بها في تفسيرهم عن التأثيرات المحتملة على مؤلف ما. أما المثال الثاني فيبحث ما يدعيه الفيلولوجي الحتمي باعتباره الانجاز المهم لتلك المقاربة، الوضوح المتحقق من دراسة التغيرات التي تطرأ على النصّ أثناء انتقاله عبر الزمان وعبر المكان وعبر موروث الاتجاهات اللغوية. وأخيرا- أي المثال الثالث- نعير الاهتمام لما يعتبره ذلك الاتجاه جدير بالاستحسان في الترجمة ولسبب وجوب الحكم على معاييره بصورة غير مُرضِية.
الشعر باعتباره جزء من المنطق
انطلاقا من ذلك البعد الفقهي اللغوي الخاص، تُعتبر ترجمة وتفسير شرح ابن رشد الأوسط على كتاب الشعر لأرسطو غير مستحسنة لأن مؤلفها ‘‘يلح معاندا أنَّ ابن رشد هو الذي ‘يعتبر فن الشعر جزء من فن المنطق،‘ ويسعى لتفسير سبب ‘ اتخاذ ابن رشد لهذا الموقف ‘.‘‘[2] ورُفضتْ الحجة التالية القائلة – على وجه الخصوص، لأن ابن رشد يسعى في شرحه الوسيط على كتاب الشعر‘‘ لإرساء الأسس ... لفن شعر يهدف أساسا لتشجيع الأفعال المحمودة والحط من الأفعال الرذيلة... يبدو معقولا تماما اعتبار الشعر أنه جزء من المنطق ‘‘[3]– بناء على الأسس التالية:
وهذا الأمر هو قلب الحقائق على رأسها : فليس لأنه أراد أنْ يعطي الشعر وظيفةً وعظيةً قام ابن رشد باعتبار الشعر جزء من المنطق، لكن لأن الموروث (التقليد،التراث) الذي يتبعه ابن رشد أعتبر الشعر جزء من المنطق فتوجب عليه أنْ يُسوغ هذه الحقيقة ويرى وظيفة وعظيه للشعر.
فالإشكالية لا تخص إنْ كانت فكرة جعل الشعر جزء من المنطق قد نشأت مع ابن رشد أم لا، لأنه لم يتم التعرض لسوابق ضم الشعر ضمن المنطق. بل بالأحرى، المشكلة هي طرح هذا التفسير النزق للسؤال المهم جدا عن سبب إتباع ابن رشد التراث الذي يجعل الشعر ضمن المنطق للدرجة التي تفترض أنَّ ابن رشد والفلاسفة الآخرين يتبعون طوعا أو كرها أي تفسير مُحدَثْ يصادفهم ويُطَوِّعون آرائهم ليناسب ويوافق ذلك التفسير.[4] وهذا مما يسمح للمؤلفين بقدر كاف للتحوير ولكن ليس بقدر كاف ليكونوا حذرين وواعين بالتفسير الجديد المُحدَثْ.
بتعبير اخر، تُصبح كل الخلافات الفلسفية الكبرى لا قيمة لها من وجهة نظر هذا البعد الحتمي. ويصر هذا البعد على أنَّ ما يجب أنْ يشغل الباحث المفكر هو ليس محاولة فكر القضية أو الموقف الذي تبناه فيلسوف معين بل البحث عن أصل الموقف المعين. وبدلا من رؤية البحث من خلال فائدته لإلقاء الضوء على المواقف، لتوضيح غير المُفسَر كلية أو غير المعروض بكفاية─ إيجازا، باعتباره مسانداً للبحث الفلسفي─ يعتقد أنصار هذا الاتجاه أنَّه يقوم على وجه الخصوص بتوضيح محددات وقيود كل الفكر السابق عليه. وما إنْ يتمكنوا من تشخيص منشأ وأصل رأي معين، فلن يجدوا داعيا لتقصي قيمته وأهميته. يجب فهم كل الفكر السابق، غير واعين من تجذره في التاريخ، فقط في إطار ما يخبرنا عن المناخ الفكري لذلك العصر.
لتعزيز الاعتقاد بأن ابن رشد قد أُجبر على تحريف تفكيره ليوائم التراث الذي يتبعه، يجدر بنا التوجه لمقدمة اسماعيل دحيات عن شرح ابن سينا لكتاب الشعر لأرسطو. وهناك، جرت محاولة لعرض نفس الادعاء بخصوص طريقة ابن سينا في تفسير كتاب الشعر لأرسطو. فيمضي دحيات ويؤكد أنَّ كل هؤلاء الفلاسفة الذين قبلوا بالتراث القائل ان الشعر جزء من المنطق وجب عليهم تأييد وظائفه الوعظية. ومع أنَّه يعترف ويقر علنا عدة مرات أنَّ الفلاسفة يكرهون الشعر، إلا أنه لم يتوقف مطلقا لمعرفة أسباب هذا الكره. إذْ يكفيه أنْ يلاحظ أنَّ الشعر‘‘ ‘ وُضِعَ في أسفل سلم المنطق،‘‘ وأنَّه ‘‘ أُعتبر ضمنا أقل أهمية، لنقل، من الجدل أو البرهان،‘‘ ويستنتج بأنَّ‘‘ هذا يفسر العناية القليلة التي أولاها الفلاسفة له مثل الفارابي الذي كان جل اهتمامه هو المنطق الصرف والفلسفة‘‘.[5]
ويخفق تفسير دحيات في استيعاب المقام الأساسي للبرهان في المنطق عند الفارابي وعند الذين وافقوه في فهمهم لكتاب أرسطو الارجانون. وبسبب اعتقادهم أنَّ القياس البرهاني هو أرقى صور المنطق، فقد صنفوا كل أشكال المنطق الأخرى وفقا لدرجة بعدها عن البرهان. وسواء كانوا حقا مقتنعين بأنَّ المنطق البرهاني ممكنا في كل الأحوال─ بالأخص في الحالات العملية─ أو لم يكونوا، فإنهم دافعوا بقوة عن ذلك. وفعلوا هذا أساسا لكي يصدوا فتنة الشعراء. كان الصراع بين الفلاسفة، باعتبارهم المشرعين المفترضين للنظام الأفضل، وبين الشعراء أو ما شابههم، الذين ينافسون الفلاسفة أما من خلال دفاعهم عن الوضع القائم أو من خلال تقديمهم رؤية بديلة عن النظام الأفضل، قضية ساخنة عند الفارابي أو ابن رشد مثلما كان عند سقراط في جمهورية افلاطون. وإنَّ عدم ادراك وجود هذا الخلاف، ناهيك عن ذكر مضامينه السياسية العريضة، هو الذي جعل دحيات ومن يشاطره في افتراضاته يخفقون في ادراك وفهم المغزى الكامل لإدخال الفلاسفة للشعر ضمن فنون المنطق.
انتقال نص ابن رشد
يتمثل الافتراض الأساسي لمنهج الفيلولوجي الحتمي بأنَّ الكتابات الموجودة في تراث الفلسفة العربية في القرون الوسطى، اعتمدت بالكامل على ما كان متوفراً من نسخ من نصوص أرسطو. وبخصوص الشرح الأوسط لابن رشد على كتاب الشعر، تم التشديد على أنَّ ‘‘ أصداء النص العربي الأساسي لكتاب الشعر ... كانت بمثابة الحافز للشرح فضلا عن تشكيله أساس الشرح.‘‘[6] وهنا تصبح رواية طريقة وجوب تحوير وتغيير نص أرسطو من خلال ترجمته من الإغريقية للسريانية ومن ثم للعربية، أمراً اساسياً لتوضيح هذا الموقف والدفاع عنه. ولتوضيح كيفية‘‘ تغير المعنى وتحريفه عند كل مرحلة تالية من الانتقال‘‘ يتم عرض ترجمات مختلفة لتعريف أرسطو للتراجيديا وكذلك للشروحات عليها (Poetics 1449b 24-28).
منطلقاً من ترجمته الإنجليزية الخاصة لأفضل النسخ الموجودة من النصّ اليوناني الأصلي، يقوم الناقد بالانتقال إلى النصّ العربي لشرح ابن رشد الأوسط لكتاب الشعر ولترجمته الإنجليزية الخاصة به للنصّ العربي، ثم لترجمة ابو بشر متى العربية وترجمتها الإنجليزية .[7] ولاحقا، يعرض ‘‘شكل محور قليلا‘‘ لنصّ أبو بشر متى. وعلى أسس غير مُبينة ولا موضحة أبدا، يؤكد الناقد أنَّه الشكل الذي ‘‘فهمه ابن رشد‘‘ لنصّ أبو بشر متى الأصلي؛ ويصاحبها أيضا لترجمته الانجليزية لها.[8] ويستعرض أيضا النصّ العربي لشرح ابن سينا في الشفاء على التراجيديا مع ترجمتها الانجليزية من قبله أيضا.[9] ووضع كل هذا أمام ما اعتبره ‘‘ الترجمة بالكاد مفهومة، لأنها غير مُفسِرة، للمقطع ذي الصلة‘‘ من شرح ابن رشد الأوسط لشعر أرسطو(يعني ترجمة كاتب المقال).
وتواجه هذه القضية ثلاثة صعوبات. أولا، أنها تفيد في عرض اعادة بناء تاريخية فيلولوجية مفترضة لانتقال كتاب الشعر أكثر مما تعزز ترجمة كتاب ابن رشد. فهنا مثلا يكتب الناقد أكثر من ثلاثة آلاف كلمة لتوضيح ترجمة مائة وعشرة كلمة من نصّ ابن رشد. ولو اتبعت هذه العملية بصورة منهجية فسيواجه القارئ الممكن ─إنْ وجد مثل هذ القارئ─ بحجم قوامه ستمائة ألف كلمة أو ألفان وأربعمائة صفحة. ولو تركنا هذا الجانب العملي جانبا، يبقى السؤال المهم : هل بإمكان إعادة بناء النصّ المساعدة في فهم نصّ ابن رشد بأي طريقة نافعة.
لكنها ترينا أنَّ ابن رشد عجز عن شرح بعض كلمات وردت في ترجمة أبو بشر متى وأنَّه فهم بعض أجزاء منها بطريقة تناقض المعنى الظاهري للنصّ. وكلا الأمرين واضحان لأي شخص يقرأ شرح ابن رشد مقابل ترجمة أبو بشر أو حتى نصّ أرسطو نفسه - باليونانية أو مترجما. ولا تُعين اعادة تركيب النصّ أي شخص على تعليل التغيرات التي أدخلها ابن رشد. على العكس، يحاول الناقد لإرجاع مثل هذ التغيرات لصعوبات واجهها ابن رشد أو من سبقوه في فهم نصّ أرسطو كما وصل اليهم. ولم يفكر الناقد مطلقا او يتأمل احتمالية ان المؤلفين المتأخرين قد استخدموا النصّ لأغراضهم الخاصة وهي أغراض تتوافق مع غاية أرسطو النهائية لكنها تتباين بالتفاصيل بسبب الفروقات والاختلافات بين جمهورهم وبين جمهور أرسطو. ورغم اقرار الناقد وبعضا من الفيلولوجيين، الذي يدعي أنهم [10] يوافقونه الرأي، بوجود رابطة بين الشعر والخطابة، لكنهم ينكرون ويتجاهلون المضامين العملية لمثل هذه الرابطة. ومع ذلك فالفارابي وابن رشد كتبا في الفلسفة السياسية مثلما شرحا أيضا لكتابات أرسطو. وتتميز كتبهما في الفلسفة السياسية بالدقة جدا حول الدور المُوجِه للسياسة ─ وبالأخص الفلسفة السياسية─ في النظام الأمثل.
تتعلق المشكلة الثانية بمسألة إنْ كانت اعادة التركيب أو أي دليل أقامته (اعادة التركيب) تُجيزان الحكم على أنَّ هذه الترجمة لكتاب شرح ابن رشد الأوسط لكتاب الشعر لأرسطو:
ككل ليست دقيقة ولا تمثل ما عناه ابن رشد، لأنها [الترجمة] تخفق في اظهار التأثير الفاصل الذي كان للترجمة العربية المشوهة لكتاب أرسطو عن الشعر وشروحاته العربية المتقدمة على فهم ابن رشد للنص.[11]
وإحدى الطرق لاختبار دقة وموضوعية هذا الادعاء هو وضع ترجمة الناقد (A) للمقطع المحلل بصورة شاملة واسعة بجانب الترجمة قيد المناقشة (B؛ أي ترجمة كاتب المقال). وتظهر مقارنة النصيَّن أنَّ ترجمة الناقد- التي يزعم أنها استفادت من الوعي بهذه التأثيرات ‘‘الفاصلة‘‘─ هي ترجمة غير دقيقة، مُملة، وغامضة بلا داعي:
A B
The craft of poetry of praise is that it is a likening and imitation of a voluntary virtuous and complete action that has a universal potential [of application] with regard to virtuous matters not a particular potential [of application] with regard to each one of the virtuous matters [separately]; an imitation whereby souls are moved to temperate state through the mercy and fear which has been generated in them, this [coming about]through the images of purity and cleanliness which are evoked [as existing] in virtuous men.[i] |
The art of eulogy… is a comparison and representation of a complete virtuous voluntary deed ̶ one that with respect to virtuous matters is universal in compass not one that is particular in compass and pertains only to one or another virtuous matters. It is a representation that affects souls moderately by engendering compassion and fear in them. It does this by imitating the purity and immaculateness of the virtuous. |
يكمن هدف الترجمة في التعبير بلغة ما عما عُبرَ عنه في لغة أُخرى، ويتوجب أنْ يكون النصّ المُترجَم مفهوماً بذاته بقدر ما هو مفهوم في لغته الأصل. وفوق هذا كله، فهو موجه نحو القارئ غير المتمكن من قراءة النصّ بلغة الأصل. ويتوجب بهذا الخصوص استعمال الهوامش لتفسير المصطلحات غير العادية وأي صعوبات نصية أُخرى؛ غير أنه يُستحسن تجنب الإطالة التي تثقل النصّ وتجعله عسر القراءة. وبالقدر الذي يتجنب فيه مؤلف النصّ الأصل استعمال الأقواس، يتوجب على المُترجم أنْ يستوعب فكرة النصّ المُترجَم بلا لجوء لمثل هذه الوسائل المتكلفة. والأكثر أهمية، يتوجب على المُترجِم أن لا يضيف للنصّ المُتَرجَمْ ولا يحذف منه مالم يتم توضيح مثل هذه الاستدلالات واسنادها. وأخيراً، يجب على المُترجِم استخدام مصطلحات متوافقة مع ما يجري الحديث بشأنه؛ مثلا ليس هناك من مسوغ لترجمة الرحمة ب ‘‘ mercy‘‘ بدلا من ‘‘ compassion‘‘ أو ‘‘ pity‘‘.[13]
والمشكلة النهائية التي تناولتها عملية اعادة التركيب المبينة هنا هي إنْ كانت تُسوغ نقد الجملة التالية:
يستنتج أرسطو وابن رُشد الاجزاء المُكَوِنة للشعر من فهمهم لما يتوجب ويفترض أنْ تفعله المأساة أو المديح، يعني، لتصوير فعل فضيلة كامل أو كلي بكلام يكون موزون ومتجانس.[14]
في هذا المقام هل من المعقول أن تربط أرسطو وابن رشد في هذه العبارة وتعزو لهما فكرة أن المأساة ─ في حالة أرسطو ─ أو المديح─ في حالة ابن رشد ─ ‘‘ تصور فعل فضيلة كامل أو كلي.‘‘ وكما هو واضح ليس لأي منهما سند وتأكيد، يؤكد الناقد: ‘‘ لم يَقُل أرسطو شيئا حول فعل الفضيلة في تعريفه للمأساة. ‘‘[15] وللتأكيد، ليس هناك من ذكر لفعل الفضيلة في نقل الناقد لمقطع من أرسطو: ‘‘ المأساة هي محاكاة لفعل جدي كامل وبمقدار معين.‘‘ لكن العبارة قيد المناقشة تسمح بالتأويل، وهي نقطة يقرها الناقد ضمنا عندما يعترف بأنه اتبع في ترجمتها تحليل (D.W.Lucas) للمقطع.
يبين لوكاس أنه من الصعوبة تقدير أفضل ترجمة للمصطلح الاغريقي spoudaias، الذي تُرجِمَ هنا ‘بالرصين،‘. ولكنه يلاحظ الأتي:
إنَّ كون المأساة هي mimēsis قد توضح في الفصل الأول، بأنها تحاكي ال prattontes في الفصل الثاني، والنقطة الرئيسية في ذلك الفصل أنهما spoudaioi.[16]
وبملاحظته أكثر أنه ‘‘ لا توجد مفردة انجليزية واحدة لل spoudaias تصح على كلتي الرجال والفعل ‘‘، يُحيل لوكاس القارئ لملاحظة وردت في تعليقه على كتاب الشعر b61451. وهو يفسر، في ذلك المقطع الأخير، بأن ‘‘spoudaios المستعملة للأشياء لا تعني ما سيفعله أو يقره ال ho spoudaios.‘‘ ثم يُحيل القارئ لأخلاق أرسطو a211219، حيث يستعمل أرسطو الصفة spoudaios مقترنا مع المصطلح arēte لكي يلاحظ أنه ‘‘ إذا وجدت ميزة في حرفة الاسكافية [arēte skutikē] واسكافي جيد [ spoudaios skuteus]، فعملهم هو حذاء جيد [hupodēma spoudaion].‘‘ [17] ولربما لاحظ لوكاس أنَّ أرسطو يجري اقتران مشابه في الاخلاق النيقوماخية حين يدعي ‘‘ يبدو ..... أنَّ الفضيلة [arēte] والانسان الفاضل [أو الإنسان الجيد، ho spoudaios] هما معيار كل الأشياء.‘‘[18]
في ضوء هذا النقاش─ يجب ملاحظة أنَّ المرء ينطلق من نصِّ ذكره الناقد للدفاع عن ترجمته لتعريف أرسطو عن المأساة─ نجد عدم وجود مُسَوِغ للرفض المتعالي للمقطع قيد المناقشة. يقدم البحث الفيلولوجي المتميز بالتجريب والاستكشاف أكثر مما بالقطع والرفض، فكرة واضحة عما يعنيه أرسطو حين يتكلم عن مأساة تحاكي فعلاً هو عظيما spoudaias . وهو يفسر محور اهتمام مثل هذه الأفعال في الفصل الثاني من كتاب الشعر. وإضافة لذلك، فمجرد التأمل بالتراجيديا المشهورة يعيد للذهن أنواع الأفعال التي يقصدها أرسطو: قتلُ أوديب لأبيه غضبا وبالتالي زواجه من أُمه، رفض أنتيجون ليعير انتباهه لبلاغ كريون بألا تدفن أخاها بولينيسز، وازدراء هيبوليتويس المتعجرف لفادريرا. وبالتأكيد هذه هي أفعال جدية (serious) لكنها جدية على وجه التأكيد فقط لأنها تتضمن قضايا أساسية عن الصواب والخطأ، يعني، أفعال ذات ميزة أخلاقية . لم يكن ابن رشد بحاجة لينتظر ابن سينا، ولا أن ابن سينا سيعتمد على ‘‘ نقاشات مبكرة في الإرث الأرسطي‘‘، لرؤية هذا الدفق الأساسي لنصِّ أرسطو. وكل ما توجب عليهم فعله هو قراءة نصّ أرسطو بعمق والتأمل للحظة حول الموضوعات التي تناولها في كتابه الشعر، سواء المأساة أو المديح. وبقدر ما كان كل منهم ─ على وجه الخصوص ابن رشد─ مُصرا على تفسير نصّ أرسطو، فعلى المترجم الواعي أنْ يربط الأثنيّن معا.
ترجمة نصّ ابن رشد
المنهج المتبع في الترجمة، الذي ندافع عنه هنا، الموجود في شرح ابن رشد الأوسط لكتاب الشعر، يعتمد على فكرة أن الباحثين يترجمون نصوص المفكرين المتقدمين لاعتقادهم (أي المترجمون) بوجود رؤى عند المفكرين المتقدمين عن مشاكل قد تُحير المفكرين المتأخرين. ولا يسعى المنهج للحكم مسبقا على ابن رشد باراءة (اظهار) ماهي التأثيرات التي كانت للترجمات العربية القديمة لكتاب الشعر عليه(أي ابن رشد) أو كيفية تقييد فهمه لأرسطو. يُقدم مُترجِم شرح ابن رشد الأوسط لكتاب الشعر تفسيرا واضحا عن كيفية انطلاق ابن رشد (في شرحه) ويسعى (أي المُترجِم) لكي يميز بين تفسيره او تأويله وبين ترجمته له. ويُنبه المُترجِمُ القارئ لتعديلاته في النصّ، ولشكوكه حول مقاطع معينة، ومُسوغاته لمثل هذه التعديلات والشكوك. وقبل كل شيء، فهو يعرض الترجمة بوصفها عمل يقوم بذاته. ويتوجب قراءتها (أي الترجمة) بكونها أفضل شيء مقابل للنسخة الأصلية من النصّ. وتقصد الترجمة لخدمة التفسير والتفسير بالطبع يوضح الترجمة؛ ولكن لا يمكن لأي منهما أنْ يحل محل الآخر.[19]
و البعد التاريخي عند الناقد لا يحفل بكل الاهتمامات الاخرى. وهكذا في مراجعة مشوهة أُخرى لترجمة لإحدى شروحات ابن رشد الاخرى، وهي مراجعة يعتبرها مُصَوِّرة تماما لهذا المنهج، يدعي الناقد:
إنَّ شرحاً لنصِّ أرسطو مذكور في ترجمة عربية، شبيه بشرح ابن رشد، هو عبارة عن بناء فكري مركب يجمع عدة عناصر تاريخية وتصورية مختلفة متناقضة ويعمل من خلال الاستعمال الدقيق لمصطلح يكون عمله كالهيكل الذي يحمله ويمنحه تخصصه التاريخي. ويجب أنْ تديم ترجمة لمثل هذا العمل إلى لغة اخرى ضرورياً وبوضوح الفرق ضمن هذه العناصر وتحفظ وبدقة التفاصيل المصطلحية. وبخلافه فلن يتحقق غرض الترجمة، لأن المستفيدين المؤملين، ومؤرخي الفلسفة الذين لا يعرفون العربية، ستفوتهم الفروقات الدقيقة التي تساعدهم على التقويم الصحيح لعمل ابن رشد ومعرفة ديْن سابقيه وتأثيره على اللاحقين.[20]
وهذا بالتأكيد يقلب ترتيب الأشياء. تكمن مهمة التفسير (التأويل)،وهي مهمة تالية للترجمة، في ملاحظة ‘‘الفروق الدقيقة‘‘ في المصطلح. ووحده التفسير القائم على الانتباه الدقيق للحجج وتقدير صحتها سيساعد ‘‘مؤرخي الفلسفة ممن لا يعرفون العربية...... في تقييم بدقة عمل ابن رشد.‘‘
ومع ذلك فالناقد يخطئ وينقد ترجمة المصطلحات الفنية في شرح ابن رشد الأوسط لكتاب الشعر بكونها ‘‘اعتباطية وغريبة ‘‘ ويورد معالجة مصطلحي التخيل والنظر ليثبت التهمة.[21] وللنقد بخصوص ترجمة المصطلح الأول بال ‘‘ imitation‘‘ثلاثة أبعاد: أولا، إنَّ ‘‘evoking images‘‘(اثارة الصور) ينقل معناه بدقة؛ ثانيا، لم يتكلم بما فيه الكفاية حول أسباب ترجمة التخيّل ب ‘‘imitation ‘‘ ؛ وثالثا، فهذه الترجمة ‘‘ تُشوه فهم ابن رشد لكتاب الشعر وتلغي الغرض الأساس للترجمة.‘‘ تبدو النقطة المهمة هنا هي اخفاق المُترجِم ليسند ويدافع بصورة صحيحة عن قراره لترجمة التخيّل إلى ‘‘imitation ‘‘. ودليل ذلك، أنه تم عرض جملة واحدة مُقتبسة من هامش كبير مُوَسع لتفسير هذا القرار؛ ثم عُوقِبَ المُترجِم لغياب مراجع المصادر الثانوية دفاعا عن قراره. وزُعِمَ أنَّ أفضل ترجمة وهي ال‘‘evoking images‘‘، عبارة عن نقل انجليزي للمفردة الألمانية vorstellungsevokation التي طرحها Wolfhart Heinrichs في عمليَّن يبدو أنهما ‘‘ يضيئان التراث الذي كُتب به شرح ابن رشد وهما لا غنى عنهما لتفسيره.‘‘[22]
إنَّ الهامش المشار اليه، ولم يُقتبس كاملا، يعالج صعوبة استيعاب المصطلحات المختلفة التي يستخدمها ابن رشد للتعبير عن مصطلح أرسطو mimēsis . ولأن هدف المُترجِم المُعلن هو لجعل شرح ابن رشد مفهوم بلغة إنجليزية مقروءة، فقد نبَّه القارئ للصعوبات الكامنة في ترجمة هذه الجملة:
بخصوص القضايا الشعرية، فال imitation والrepresentation تتولدان وتنتجان من ثلاثة أشياء: النغمة المنسجمة، الوزن، والتشبيه نفسه.
يشير الهامش قيد المناقشة، الذي أقتبس الفيلولوجي الحتمي منه الجملة الثالثة، لترجمة التشبيه ب ‘‘comparison ‘‘ ويوضح المشاكل المهمة بالطريقة التالية:
إنَّ مصطلح التشبيه، المستعمل في الفقرة2، في اعلاه بالاقتران مع التخيّل، imitation، كلاهما ينفعان في نقل معنى مصطلح أرسطو mimēsis. لاحظ أنَّ ابن رشد في هذه الجملة يربط الrepresentation (محاكاة) بال imitation ومن ثم يستبدل مصطلح التشبيه بالمحاكاة ومشتقاتها في بقية الفقرة. يستخدم ابن رشد مصطلح التخيّل الذي تُرجم بانتظام بimitation، بمعنى عام ولذلك يستوعب بدقه فكرة ال mimēsis عند أرسطو. ان مصطلحي المحاكاة والتشبيه اللذيَّن اترجمها بانتظام ب representation وcomparison على التوالي، استخدمها ابن رشد كما لو كانا انواعا من التخيل (imitation أو mimēsis) لتصوير التخيل في الكلام، في الميلودي، أو في الشعر. انظر ايضا الفقرة 24 مع الفقرة 22 في ادناه، مثلا كيف يستعمل ابن رشد هذه المصطلحات بصورة متبادلة بدون أن يؤدي لأي اضطراب.[23]
يُعتبر هذا التوضيح رغم قصره وايجازه، ─ عندما يطرح كاملا مثلما طُرح هنا─ توضيحاً مناسباً. هدف المُترجِم هو لتجنب تحميل قارئ الترجمة عبء تفسير النصّ من خلال الهوامش الكثيرة. وحقا، تسعى مقدمة المترجم لتنبيه القارئ لكيفية فهم المُترجِم للنصّ.
مع ذلك، هل يصح الادعاء أنَّ استعمال مصطلح ‘‘imitation‘‘ مقابل التخيل يعمل على ‘‘ تشويه وتحريف فهم ابن رشد لكتاب الشعر ويبطل الغرض الأساسي من ترجمته؟‘‘. بالتأكيد لا. إنَّ قيمة مصطلح مثل ال vorstellungsevokation هو في اشارته لل imitation بوصفه اسقاط لخيال أو إثارة خيال(صورة) في عقل القارئ أو المستمع. لكن غاية المُترجِم في العثور على مصطلح إنجليزي─ سويا مع مشتقاته─ ليناسب السياقات المختلفة التي يقع فيها مصطلح التخيل ومشتقاته، جعلته يتبنى الاختيار الذي دافع عنه في الهامش المذكور في أعلاه. وهو ‘‘لا يحرف فهم ابن رشد لكتاب الشعر‘‘ ولا ‘‘يبطل غرض ترجمته‘‘، لكنه يجعل ما يقوله ابن رشد عن نصِّ أرسطو مفهوما ويساعد القارئ للتأمل بما يعينه ال imitation أو مشتقاته في أي سياق معين. وبعيدا عن استبعاد معنى ‘‘evoking images‘‘، فالمصطلح imitation يحيط به ويشتمل عليه ─ تماما مثلما يشتمل على عدد من معاني اخرى يتكلم فيها ابن رشد عن التخيل.[24] علاوة على هذا، يُبيِّن الانتباه الكافي لكتابات الفارابي التي استعملها Heinrichs ليصل لفهمه عن التخيل بكونه vorstellungsevokation أو‘‘evoking images ‘‘(إثارة الخيال) ومحاكاة بلفظ Nachahmung أو ‘‘imitation ‘‘، أنَّ الفارابي يستعمل المحاكاة بنفس الطريقة التي يستعمل فيها ابن رشد التخيل. يعني، بالرجوع للملاحظة قيد البحث، يتخذ الفارابي المحاكاة بمعنى عام لل ‘‘mimēsis ‘‘ ويستعمل التخيل والتشبيه بانهما أصناف له.[25]
ويُعتبر ما يمكن تعلمه من الدراسات النصِّية الشاملة التي قدمها الفيلولوجيون مثل لوكاس وهاينريشز بكونه أمرٌ مهمٌ وحتى اساسيٌ للترجمة والتفسير النهائي لنصوص مثل شرح ابن رشد الأوسط لكتاب الشعر . وتزداد أهمية هذه الدراسات بالقدر الذي يقدمها مؤلفوها على أنها غير حاسمة ولا نهائية، وهم باحثون يدركون حدود معرفتهم. وفي أيادي مثل هؤلاء الباحثين، نجد أنَّ المعرفة الفيلولوجية ليست حتمية ولا هي عصا يضربون بها معارضيهم ليذعنوا لهم.
لكن عودة لقضيتنا: يُلام لجوء المُترجِم على حد سواء لمفردة ‘spectacle‘ لنقل استعمال ابن رشد لمصطلح النظر حين يُشير لهذا الفن من المأساة أو المديح، مثلما سيختاره ابن رشد،. ورغم ايراد هامش يُبيِّن وعي المُترجِم بالاستعمال العادي للمصطلح بأنه يعني ‘‘التفكر أو التأمل‘‘، فيُبدي الناقد دهشته بأنَّ المصطلح يمكن مع ذلك ترجمته ب ‘spectacle ‘ ولهذا ‘‘مُقدماً ثانيةً صورة مشوهة عن فهم ابن رشد لكتاب الشعر.‘‘ وثانية، فمن المفيد أنْ نورد الهامش كاملاً:
يستعمل ابن رشد نفس المصطلح الذي يستعمله المترجم العربي القديم، النظر، حيث يتكلم أرسطو عن opsis . ولكن كما سيتوضح لاحقا جدا، وخصوصا في الفقرات 24 و31، فانه يفهم المصطلح بمعناه العادي جدا للتفكر والتأمل.[26]
وفي تلك التتمة التالية المباشرة، يقول ابن رشد:
والذي يُشَّبه في المدح ثلاث أيضا: العادات، والاعتقادات والنظر─ أعني، استدلال صواب اعتقاد ما.
هنا، كذلك حين يرد المصطلح ‘spectacle ‘ ‘النظر‘ في الفقرة 24 و31، يُحال القارئ للملاحظة التي ذكرت للتو. وقد أُستُعمِلَ المصطلح ‘spectacle ‘ وليس مصطلح ‘speculation ‘ أو حتى ‘reflection ‘ في كل الحالات الأربعة ليدل على معرفة ابن رشد بوجود شيء ما قيد الاستعمال أكثر من مجرد كونه ‘speculation ‘ أو ‘reflection ‘، لكنه غير متيقن تماما ما هو ذلك الشيء.
فمثلا، في الفقرة 24 يلاحظ ابن رشد:
إنَّ ‘النظر ‘‘spectacle ‘ هو ما يفسر صواب اعتقاد. وكأنه كان عندهم ضربا ما من الاحتجاج لصواب الاعتقاد الممدوح به. وهذا كله ليس يوجد في اشعار العرب، رغم وجوده في الاقاويل الشرعية المديحية.
ثم يضيف في الفقرة 31 :
الجزء السادس هو النظر─ اعني، الاحتجاج لصواب الاعتقاد أو صواب العمل، لا بقول اقناعي فان ذلك غير ملائم لهذه الصناعة، بل بقول محاكي. فان صناعة الشعر ليست مبنية على الاحتجاج والمناظرة، وبخاصة صناعة المديح ولذلك ليس يستعمل المديح صناعة النفاق والاخذ بالوجوه كما تستعملها الخطابة.
وترجمة النظر ب speculation أو reflection وبالتأكيد ليس ‘‘البحث النظري ‘‘، لن ينفع ولا يضيف شيئاً في أي من هذه الحالات. يُفترض بالترجمة أنْ تستوعب معنى النصّ المُترجَم، تذبذباته فضلا عن يقينياته وأنْ يتم ذلك بطريقة لا تحط من شأن المؤلف ولا تضخمه. وحين يحمل النصّ المُترجَم عبء اضافي لكونه ترجمة لنصّ مشروح عليه، فيتوجب أنْ يسعى أيضا لأن ينقل للقارئ أفضل فهم وحتى أعلى فهم تحصل عليه من النصّ. وتُحقق ترجمة مفردة النظر هنا ب ال spectacle، بوجود تفسير كامل الهامش، هذه الغايات بدقة.
يشير رفض الناقد لترجمة هذا المصطلح إلى قضية أعمق وبالغة الفائدة. ويوضح هذا الاعتراض، شبيه بذلك الذي يتعلق بترجمة جينكواند(Généquand) المذكورة أعلاه، شوق رغبة الناقد لترجمة تُقدم بوضوح وبصرامة─ بوجود الدليل الذي يملكه المُترجِم حول استعمال اللغة في تلك الفترة ─ التقييم العُلمائي المعاصر لما كان بإمكان المؤلف معرفته عن النصّ. ولكن، باستثناء المُحدِدِات الزائفة الواضحة التي يفرضها هذا المنهج على المؤلف (مثلا، ترجمة الرحمة ب mercy لكون ابن رشد مسلم)، فهو يعتمد بصرامة على البيانات التاريخية التي هي إطلاقا واضحة لا لبس فيها. إنَّ مُترجِم شرح ابن رشد الأوسط لكتاب الشعر، مُقِراً بسعيه ليتعلم من ابن رشد أكثر مما أنْ يحوصله (يحصره) في دائرة محددة مسبقا، قَدَّمَ نصَّا يترك الاحتمالات مفتوحة على التفسير والتأويل المشار اليه الان. اضف على هذا، وكما لاحظ في مقدمة لترجمة أُخرى لابن رشد، فهو يعي تماما سقطة المُترجِم خائن (traduttore, traditore).[27] يبدو الناقد من الناحية الأخرى مطمئنا جدا بأن علمه يحميه من مثل هذا الخطر.
وتقود مثل هذه الثقة للمغالاة بخصوص عمل باحثين آخرين. مثلا، على الأساس الذي ‘‘يقدمه كانتارينو لترجمة عن مقطع مهم‘‘ في كتابه الشعر العربي في عصره الذهبي لشرح ابن رشد، يصر الناقد بأنَّ المُترجِم ‘قد يكون اطلع على عمله – عمل الناقد‘.[28] ويوضح للمتمعن في ترجمة كانتارينو أنَّ ترجمته ليست بذي فائدة لرؤية كيفية ملائمة ترجمة هذيَّن المصطلحيَّن في السياق.
ويقوم الناقد بحذف الفصل الرابع (الفقرات 20-32) من الشرح─ يعني، المقطع الذي يدور فيه الحديث عن مصطلح النظر ─ بدون أي توضيح لذلك.[29] ولا تُقدم ترجمته اي فائدة بخصوص مسألة التخيل. في جزء من كتاب كانترينو الشعر العربي المكرس لمناقشة الشرح(= شرح ابن رشد)، يبذل كانتارينو جَهدا جهيداً حول كيفية ترجمة المشتقات المتعلقة بالتخيل ويقرر في النهاية بأن ‘‘العملية الذهنية هي التي يستطيع بواسطتها الشاعر أنْ يُوَلِد ويُحدِث تصوراته التخيلية لتكون خيالية، فعالة وخلاقة ابداعية.‘‘ وبالتالي، فهو يختار ‘‘الخلق التخيليimaginatively creating [يُخيِّل]‘‘، ثم يختار ‘‘ خطاب خلاق تخيليا imaginatively creative discourse [ مُخيِّل]‘‘ في ترجمته الطويلة (انظر ص 178). لأن كانتارينو يُترجِم الرابطة، التي ناقشناها في اعلاه، التي يقيمها ابن رشد بين التشبيه والتخيّل، بال ‘‘creative and mimetic representation،‘‘ ثم بعد خمسة عشر سطراً يُترجِم التخيَّل بال ‘‘imaginatively creation ‘‘ (ص.179).[30]
علاوة على هذا يغفل كانتارينو، لعدم اهتمامه الكافي بالمصطلح الفلسفي، المسألة الأساسية لاطروحة ابن رشد. مثلاً، عندما يناقش ابن رشد القصائد المتعلقة بالأفعال الارادية، فالمسالة قيد الاهتمام هي الفضيلة والرذيلة وليس ‘‘ الحَسَنْ والقبيح.‘‘[31] يُسئ كانتارينو ترجمة هذه النقطة الأساسية باستمرار، كما توضح المقارنة التالية بين نصِّه (A)، مع النصِّ المُراجَع (B):
A
Since all comparison and representation deal with what is beautiful and what is ugly it is obvious that all comparison aims at embellishment (tahsin) or defacement (taqbih). |
B
Since every comparison and narrative representation is concerned only with the noble and the base it is clear that in every comparison and narrative representation only praise and blame are sought.[ii] |
نجد أنَّ كانتارينو يُخطئ في قضايا أقل تعقيداً أيضا لأنه يخفق في ترجمة مفردات بطريقة مضطردة. لذلك، فأياً كان قراره اشكاليا لترجمة الصدق والحق بانهما ‘‘subjective truth ‘‘ و‘‘objective truth ‘‘، على التوالي، فهو لا يديم هذا التفريق عندما يترجم لاحقا التصديق بانه ‘‘ objective representation .‘‘[33]
وعلى الجملة، إنَّ حظر الحتمي الفيلولوجي لترجمة المصطلحات الأساسية بكونه ‘‘اعتباطي وشاذ‘‘ يُثبت عند التمعن أنه لا أساس له. ويكشف التمعن الدقيق للمراجع المذكورة دفاعا عن النقود، علاوة على هذا، بأنها لا تُقدم أي تجسيد مادي لأنها أما تمت تسويتها ضمن الترجمة المطروحة─ كما هو الأمر في حالة هاينريشز─ أو أنها توضحت بعدم فائدتها لترجمة صحيحة لنصِّ ابن رشد.[34]
وضع حد للصمت
تُركز الفروقات بين المنهجيّن الموضحيّن هنا على الطريقة التي يحكم بها المرء على القابليات الفكرية للفلاسفة الذين يدرسهم الباحثون. لقد قيل أنَّ ابن رشد بوعي وعن قصد ابتعد عن نصِّ أرسطو، وأنه فعل ذلك لكي يبين أُمور معينة ما كان بإمكانه أنْ يفعلها بصورة مختلفة. بمعنى آخر، لقد أُفترض أنَّ ابن رشد كانت لديه معرفة كافية عما كان يقصده أرسطو لدرجة أنه كان قادرا على ادراك بعض النواقص في النصِّ الذي وصل اليه وأنه استعمل هذه النواقص ليقدم ويستعرض حجته. برغم ذلك، المؤلف قيد النقاش هو نفس ابن رشد المعروف من قبل طلبة أرسطو لتفسيراته المستقلة والجديدة ‘للمعلم الأول‘. ومن اللائق جداً حين التعامل مع كتابة فيلسوف كهذا، وجوب اتخاذ كل محاولة لاحترام وتقديم نصَّه مثلما كتبه هو. وعليه، للدلالة على تلك الحالات التي تظهر فيها الاخطاء في الترجمة المتوفرة لابن رشد أو حيث يبدو أنه مشوش بحق وحتى مخطئ، اشرنا لذلك بملاحظات اضافية دقيقة – وليس اعادة تركيب افتراضي لها.
وكما شاهدنا، يرغب مروجو المنهج الحتمي الفيلولوجي هنا لمعارضة فهمهم الضعيف لابن رشد وقابلياته للحكم على التراث الفلسفي. ورغم شهرة ابن رشد بكونه الشارح لأعمال أرسطو حتى من قبل أولئك المختلفين معه، فلا يساور ناقدنا قلق لرفضه باعتباره مؤلف من درجة ثانية. فهو يؤكد (الناقد) أنه بسبب النصِّ الناقص الذي في متناوله، لم يكن باستطاعة ابن رشد فعل أي شيء غير الذي فعله─ يعني أنه لم يكن عنده معرفة أفضل. هنا ينكر الناقد قطعيا امكانية امتلاك ابن رشد فهم للنصِّ يسمح له أنْ يستعمل أرسطو انتقائيا. وكما توضح الآن، يستطيع الاصرار على تفسيره الضيق فقط من خلال تجاهله عمداً الرهافة التي أرسى بها ابن رشد وزملاءه من الفلاسفة تعليمهم وبالتجاهل المقصود للبعد السياسي الكبير لذلك التعليم.
توضح فيما سبق أنَّ المنهج الآخر لا يؤدي لتبيان أخطاء التفسير المنسوبة له، ودافعنا عن الترجمة محل التساؤل ضد تلك الصيحات. وعلى طول مسار البحث، فقد لفتنا الانتباه للنتائج الخاطئة التي يقود اليها النقد سواء من حيث الطريقة التي يُفهم بها شرح ابن رشد لكتاب الشعر، وللطريقة، المهمة أيضاً، التي يُنقل بها النصّ للإنجليزية. وما يهمنا هو أنْ نتذكر أنَّ أي شخص سيختار المسير في ضوء الطريق الذي أوصى به الناقد سيوافق، بعد عناء شديد والتفافات غير ضرورية، على شرح ابن رشد. في الواقع، من غير المحتمل تماما أنْ تُثمر تلك الجهود بأي شيء سوى إعادة تركيب ظنية للنصّ، نصٌّ يُنقل للإنجليزية بطريقة مخيفة. إنَّ إيمان الناقد بتفوق معرفته التاريخية المزعومة تجعله غير قادر على تعلم أي شيء من ابن رشد وتلهمه أنْ يستبدل التقصي المُتفهم في هذه المسائل الفلسفية الكبيرة بتخمينات ظنية شكية حول ما قد يعنيه نصّ أرسطو لابن رشد.
علاوة على هذا، بسبب أنَّ اتجاهات قراءته تستحق اللوم كما فعلنا هنا، يتوضح عدم ايلاء ثقة للتأكيدات والنتائج التي تقود اليها تلك القراءات. يتوجب القول مع ذلك، أنَّ كل هذه النقود قد وُجهت ضد نوع خاص من الفيلولوجيا وقراءة التاريخ، وبالأخص، النوع الذي لا يفهم حدوده الخاصة ويتظاهر لذلك أنْ يكون فلسفة للتاريخ. وهذه النقود لم تُوجه ضد الفيلويوجيا أو التفسير التاريخي بذاته.
في مقدمة هذه المقالة وضعنا اعلان سانت سيبريان لدميتيريانوس بأنَّ وشاياته لن تهمل بعد الآن. وملاحظاً بأنه ‘‘ لم يعد بإمكاننا أن نبقى صامتين، لأنه بدى أصلاً أننا لسنا صامتين تواضعاَ بل صامتين خوفاً،‘‘ يواصل القديس سيبريان التوضيح ‘‘ وطالما نحتقر دحض الاتهامات الكاذبة، سيبدو أننا نقر اللوم، التهمة.‘‘[35]
بقلم: شارلس بترورث
عن مجلة IJMES، مجلد 26، عدد 1،صص:19-35.
ترجمة واعداد: زيد العامري الرفاعي
م. علوم/ م. فلسفة
............................
الملاحظات
ملاحظة المؤلف: ربما يتساءل القراء العارفين بالمصادر الثانوية المعاصرة عن السبب وراء عدم ظهور هذه المقالة- التي ركزت على مقالة مراجعة مذكورة في الهامش رقم 1 ادناه- في المجلة التي نشرت مقالة المراجعة الاصلية. يكمن السبب الرئيسي في أنَّ مجلة الجمعية الشرقية الامريكية لا تسمح بالردود، حتى لو أن محرريها سمحوا بمقالة المراجعة أن تطلب ردا عليها. والسبب الآخر هو، رغم حديثي عن القضايا المطروحة هنا، أنني أذهب لما وراء هذه القضايا لمسائل أوسع تهم الباحثين عموما. وأنا مدين بالشكر للمراجعين المحررين لمجلة IJMES لقراءتهم المعمقة لمقالتي ولمساهماتهم المفيدة.
[1] انظر Dimitri Gutas, “On Translating Averroes' Commentaries, “ Journal of the American Oriental Society 110 (1990): 93, column b (henceforth 93b). التشديد في الأصل.
[2] انظر On Translating,” 93b-94a‘‘؛ ثانية، التشديد في الأصل. والإحالة هي لكتاب شرح ابن رشد الأوسط على كتاب الشعر لأرسطو ترجمة Charles E. Butterworth (مع تمهيد وملاحظات)، مطبعة جامعة برنستون، نيوجرسي 1986، x. في السياق، فالمقطع بعلامات التنصيص المفردة يقرئ كالاتي:
‘في المقدمة، استكشف، بعض المسائل التي تحتاج الحديث عنها لأجل فهم أصح لحجة ابن رشد واضاءة الموضوعات الأساسية لتفسيره. مثلا، فأنا على وعي بأنَّ ابن رشد يعتبر فن الشعر جزء من فن المنطق، أُحاول تفسير سبب تبنيه لمثل هذا الموقف وأبحث عن سند له في كتابات ارسطو نفسه.‘
[3] انظر ‘‘مقدمة‘‘Averroes' Middle Commentary on Aristotle's Poetics، ص 49، ؛و ص14 والاحالات لنص ابن رشد. الاقتباس الذي يلي هو من ‘‘“On Translating، ص94a.
[4] لدلائل عن كيفية ابتعاد ابن رشد عن أرسطو حين توافق أغراضه، انظر (Averroes' Middle Commentaries on Aristotle's Categories and De Interpretatione) ترجمة Charles E. Butterworth (مع تمهيد وملاحظات) (مطبعة جامعة برنستون، نيوجرسي)، ص 91-92 .إنَّ استعمال مثل هذه التجديدات بصورة واعية من قبل الفلاسفة في التراث العرب القروسطي لأسباب دينية عديدة هو أمر مقبول عند كثير من الباحثين . فمثلا، تُبيِّن Miriam S. Galston في مقالة منشورة حديثا أنَّ الفارابي لم يصور ارسطو بانه يقول بانتساب الخطابة والشعر لفن المنطق في كتابه فلسفة ارسطو حتى لو انه ينسب هذه الفكرة لأرسطو في كتابه احصاء العلوم ؛ انظر
Al-Farabi et la logique aristotélicienne dans la philosophie islamique," in Aristote aujourd'hui, ed. M. A. Sinaceur (Paris: Erès, 1988), 202-6, 208-10.
ومقالة اخرى ذات صلة بهذا الخصوص هي مقالة Thérèse-Anne Druart's "Al-Farabi and Emanationism,، المنشورة في
‘‘دراسات في فلسفة العصور الوسطى‘‘ اعداد وتحرير John F. Wippel
(Washington, D.C.: The Catholic University of America Press, 1987), 42-43.
وانظر أيضا
Deborah L. Black, Logic and Aristotle's Rhetoric and Poetics in Medieval Arabic Philosophy
(Leiden: E. J. Brill, 1990), 1-16, esp. 8-13.
[5] انظر
Ismail M. Dahiyat, Avicenna's Commentary on the Poetics of Aristotle, A Critical Study with an Annotated Translation of the Text (Leiden: E. J. Brill, 1974), 18; see also ibid., 20 and 28.
وتجد في The Middle East Journal 30 (1976): 576-77.، مراجعة للعمل الذي يتناول هذه المسائل بتفصيل اكثر.
[6] انظر On Translating,” ‘‘ a93؛ ولما يلي، انظر نفس المصدر 95a و94b-97b .
[7] النصوص الأصلية موجودة في كتاب ابن رشد تلخيص كتاب الشعر، تحقيق تشارلس بترورث وأحمد هريدي (Cairo: GEBO, 1986)، الفقرة 20؛ وأبو بشر متى ابن يونس القنائي، كتاب ارسطوطاليس في الشعر، في ارسطوطاليس فن الشعر، تحقيق عبد الرحمن بدوي (القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، 1953)، 96: 24-27 .
[8] يختلف النصُّ الظني عن نصِّ أبو بشر متى فقط في الكلمات الستة الأخيرة. قول أبو بشر ابن متى وتُنَقِي وتُنْظِفً الذين ينفعلون[لذلك، On Translating," 95a ؛ لكنه يتوجب قراءة النصَّ العربي هكذا تُنَظِفُ، لعدم وجود صيغة رباعية للفعل ]، يطرح الناقد أن ابن رشد فَهمَ الجملة هكذا: ويَنقى وينظُفُ الذين يفعلون (96 a). وحيث يترجم النصوص، فهذا المقابل في الانجليزية لنصِّ ابو بشر متى
"and it (sc. the craft of poetry of praise) purifies and cleanses those who suffer"
يُفهم كالآتي ‘‘while those who act are pure and clean ‘‘. سيلاحظ قراء العربية أنَّ على الناقد أنْ يقرأ تُنَظِفُ لكي يتم ترجمتها ب ‘‘cleanses ‘‘ باعتباره فعل متعدي متجاوزاً كل قواعد النحو في ترجمته للنصِّ الذي يقدمه بانه فهم ابن رشد لأبي بشر متى.
وبخصوص الفعل ينفعلون عند أبو بشر، يشير الناقد ايضا ويقترح قراءته بهيئة يفعلون وينقله كالاتي ‘‘“[those who] act. . سيكون النصُّ مفهوما بطريقة صحيحة ولا يحتاج لتعديله لو نقل الفعل ينفعلون بصورة أكثر وضوحا كالآتي ‘‘[those who] are affected، ‘‘ يعني، يتأثرون بمشاعر العطف أو الشفقة والخوف.
إنَّ ‘‘الصيغة المحرفة قليلا ظاهريا‘‘ لنصِّ أبو بشر متى، كما ‘‘ فُهمت من قبل [أبن رشد]،‘‘ طُرحها الناقد هنا ليساعد نفسه تفهم شرح ابن رشد على هذه الفقرة : وذلك بما يُخَيَل في الفاضلين من النقاء والنظافة، التي يترجمها كالآتي
“through the images of purity and cleanliness which are evoked (as existing) in virtuous men“ (94b; الاقواس من صنع الناقد).
وستكون الترجمة المباشرة والمقنعة، ترجمة تُبيِّن معنى قوة الشعر الفريدة لإثارة مَنْ يستمعون اليه بمحاكاة تعاطفيه لما يفعله الآخرون، كالآتي:
“it does this by imitating the purity and immaculateness of the virtuous “
انظر شرح ابن رشد الأوسط على كتاب الشعر لأرسطو، فقرة 20.
[9] مع أن الناقد يشير لترجمة اسماعيل دحيات هنا، وكذلك الهوامش المصاحبة، إلا أنه يفضل بوضوح ترجمته الخاصة للمقطع؛ أنظر “On Translating, “ 96b, n. 18.
[10] على سبيل المثال، S. A. Bonebakker and J. C. Bürgel; see ibid., 99a.
[11] ibid., 92.
[12] لترجمة الناقد، انظر ibid., 94a. ؛ الاقواس المربعة من صنعه. ونسخة الترجمة الاخرى مأخوذة من الفقرة 20 من شرح ابن رشد الأوسط لكتاب الشعر لأرسطو.
[13] مع أنَّ استعمال مفردة ‘‘mercy ‘‘ كان القصد منها تبيان كيفية قراءة ابن رشد لأرسطو من منظور المُسلم، لكن لا شيء يؤكد مثل هذا الحكم المسبق. كما أنها لا تساعد على توسيع فهمنا للنصّ.
[14] انظر On Translating 97b‘‘. ينسخ الناقد، لأغراض ملاحظاته التالية، المقطع بالطريقة التالية، مُقرا أنَّ اشارات التأكيد هي من صنعه:
يستدل ارسطو وابن رشد على الأجزاء المكوِّنة للشعر [!] من فهمهم لما يُفترض أنْ تفعله المأساة أو[!] المديح، بالأخص، لمحاكاة فعل فضيلة [!] تام أو كامل في كلاهم هو موزون ومتجانس.
الجملة أعلاه موجودة في صفحة 20 من كتاب شرح ابن رشد الأوسط لكتاب الشعر لأرسطو.
[15] On Translating 97b؛ التشديد في الأصل. ولما يلي، انظر نفس المصدر،94b وكذلك ملاحظة رقم.7 .
[16]
- Lucas, Aristotle, Poetics: Introduction, Commentary, and Appendices (Oxford: Clarendon Press,
1968), 96.
وكما يوحي السياق، يفهم لوكاس ال mimesis باعتباره محاكاة “imitation“ ؛ ويمكن ترجمة ال prattontes بانه ‘‘فاعل الفعل‘‘ ‘‘doers of actions ‘‘.
[17] انظر نفس المصدر .،118 . الترجمة هي من صنعي. ليس هناك من نقاش حول ترجمة aretē بانها فضيلة او امتياز. بالرغم من أنَّ الحرفة البسيطة هي قيد النقاش، لكن الربط بين ال aretē وال ho spoudaios هو ربط مهم. ومن الواضح، فإن ال ho spoudaios تعني الانسان الخيِّر─ انسان ممتاز، فاضل، أو الماهر في الأعمال الشاقة البشرية المهمة. ولذلك فالسؤال يتعلق هل يمكن فهم ال spoudaios باعتبارها صفة تشير إلى مثل هذه الاهتمامات أو انها تعني فقط شيء آخر ثقيل وممل. هنا، على أية حال، من المفرط الادعاء بأن ‘‘ حذاء رصين‘‘ ينتج من ‘‘ ميزة صنع الاحذية‘‘ من قبل ‘‘ اسكافي جيد‘‘.
[18] انظر Nicomachean Ethics 1166a13 ؛ ثانية، الترجمة من صنعي. يشدد السياق على أنَّ الإنسان الخيِّر (ho spoudaios) هو الإنسان الذي يمتلك الحكمة العملية أو الامتياز الفكري للعمل وللفضيلة الأخلاقية. وبدلا من هذا المقطع، استشهد لوكاس Nicomachean Ethics 117713 حيث يستعمل ارسطو ال spoudaios لتصوير الفضيلة(aretē) في العمل:
يُعتقد أنَّ حياة السعادة أنْ تكون وفقا للفضيلة. وتنتج مما هو خير [spoudēs]، وليس مما هو طفولي. نقول أنَّ الاشياء الجيدة [ta spoudaia] أفضل من الأشياء المضحكة والطفولية وأن نشاط جزء أو انسان يكون أفضل كلما كان باتفاق مع الخيرية [spoudaioteran].
من الواضح، يمكن ترجمة كل من ورود ال spoudaios بال‘‘الرصين‘‘ فقط إذا فُهم ‘‘الرصين‘‘ بأنه يعني‘‘ عالي المقام‘‘ أو ‘‘ النبيل‘‘، يعني شيء ما فاضل.
[19] لتفسير اكمل عن هذه الآراء ودلالة كيفية تطبيقها، انظر
Charles E Butterworth, "Review of F. W. Zimmermann, Al-Farabi's Commentary and Short Treatise on Aristotle's 'De Interpretatione,'” The Muslim World 78 (1988): 149-50; "An Account of Recent Scholarship in Medieval Philosophy," Interpretation 16 (1988); 87-97.
وتأمل أيضا الملاحظات التالية من التمهيد لترجمة شرح ابن رشد الاوسط لكتاب الشعر لأرسطو، xii-xiii:
جهدت هنا للحرفية وللبلاغة، باعتباره أمر مناسب فقط لنصِّ عن فن الشعر، لكني ضحيت طوعا بالبلاغة لأجل الحرفية حينما ظهر الاختيار محتوما. وللمدى المرئي، اتبعت نفس اللفظة الانجليزية لنفس اللفظة العربية خلال الترجمة ولاحظت دائما استثناءات مهمة لهذا المبدأ...... وكان هدفي تقديم ترجمة انجليزية مقروءة ومع ذلك امينة لمقالة ابن رشد. وللاستمرار بهذا الهدف، نبهتُ القارئ للمشاكل من خلال الهوامش متجنبا الترجمة التفسيرية التي تخفي المشاكل دون أن تحلها.
[20]
Dimitri Gutas, “Review of Charles Généquand, Ibn Rushd's Metaphysics: A Translation, with Introduction, of Ibn Rushd's Commentary on Aristotle's Metaphysics, Book Lam," Der Islam 64 (1987): 123.
[21] انظر “On Translating," p. 92; also 93a and 98a.
[22] انظر نفس المصدر 99a. . عند الهامش 98a, n. 21، يحيل الناقد ل
Wolfhart Heinrichs, Arabische Dichtung und griechische Poetik: Häzim al-Qartäğanni's Grundlegung der Poetik mit Hilfe aristotelischer Begriffe, Beiruter Texte und Studien, Vol. 8 (Beirut: Imprimerie Catholique, 1969), 149-54,
في تشديده لترجمة تخيّل بالمفردة الالمانية Vorstellungsevokation. ومن المفيد بهذا الخصوص ايضا ملاحظة
Heinrichs's “Die antike Verknüpfung von Phantasia und Dichtung bei den Arabern," Zeitschrift der Deutschen Morgenländischen Gesellschaft 128 (1978): 252-98.
يتوجب ملاحظة أنَّ السؤال البارز هنا هو ليس استعمال أو عدم استعمال المُترجِم للمصادر الثانوية، بل ماذا يعني التخيّل (وبالتالي mimēsis) وأي مفردة واحدة هي القادرة على نقل المعنى. والاقتباسات من الباحثين الآخرين، لا يهم كثرتها، غير مكافئة للحجة المنطقية.
[23] انظر Averroes' Middle Commentary on Aristotle's Poetics, 63, n. 18. الاشارة للفقرة الثانية في الجملة الأولى من الهامش، هي خطأ مطبعي، يجب أنْ يكون للفقرة الثالثة.
[24] بهذا الخصوص، نجد أنَّ D. W. Lucas, Aristotle, Poetics, app. I, “Mimesis"، مفيدة على وجه الخصوص. ومقراً بأنَّ ‘‘ الترجمة القياسية لل mimēsis ‘‘ هي ال ‘‘imitation ‘‘ (258)، يستمر لوكاس مع ذلك على التشديد (259) بأنَّ:
للمفردة mimesis معنى واسع بامتياز مما يجعل من الصعوبة تبيان تماما بماذا كان يفكر الإغريق حين استعملوا المفردة لوصف ما الذي يفعله الشاعر والفنان. ولكي نترجمها فنحتاج للمفردات التالية في سياقات مختلفة “imitate," “ represent," "indicate.” “suggest," "express.” . فكل من هذا المفردات يمكن HkX تشير للفكرة المفردة عن عمل أو فعل شيء ما يشابه شيء آخر.
وبعد أنْ تَتَبَعَ الطرق المختلفة التي أُستعملت فيها ال mimēsis في الكتابات الإغريقية في القرن الرابع ونظَرَ للترجمات الاخرى المختلفة الممكنة، يُولي اهتماما ب Hermann Koller's Mimesis in der Antike (Bern: A. Francke, 1954).. يشدد كولر، بعد محاججته بأن المصطلح mimēsis يعود أخيرا للراقص الطقوسي، mimos، أنَّ ‘‘ المعنى الأولي لل‘mimeisthai ‘ ليس'copy' أو 'imitate' بل give expression'” ‘‘(انظر Lucas, Aristotle, Poetics, 270-71) .
رغم أنَّ لوكاس لا يشير لمصادر الصفحة، لكنه يبدو أنه يتحدث عن صفحات 46، 104-6،110 وعلى وجه الخصوص صفحة 39 . إنَّ ادعاء كولر على ترجمة ال mimēsis ب “Nachahmung" ("imitation") هو تأكيد محدود جداً وخاطئ احيانا، خصوصا من حيث علاقته بالرقص؛ انظر نفس المصدر، ص18 و210. هو يؤكد،بدلا من ذلك، بأنَّ ال mimēsis يمكن نقلها كالآتي
“Darstellung" ("expression" or, even better, “representation").
وفي رسم تخطيطي يوضح تطور مصطلحات ال mimēsis وال mimeisthai في صفحة 120، يشدَّد كولر أن لفظة Darstellung افضل ما تستوعب الاستعمال النظري للمصطلح، بينما لفظة Nachahmung أفضل ما تستوعب الطريقة المستعملة في الكلام العادي.
حكم لوكاس النهائي، المعتمد على دراسته للنصوص المختلفة التي ذكرها كولر دفاعا عن حجته، قائم على أنه في معظم الحالات ‘‘ لا يمكن القول أنَّ المعنى المتعارف عليه لل‘imitate ‘ مستحيل.‘‘ وحقا، فهو مستعد فقط للقول ‘‘ يتوجب القبول أنَّ هناك مقاطع يكون فيها استعمال كولر دقيق‘‘.(Lucas, Aristotle, Poetics, 271).. ويعتبر ذلك الحكم، بتطبيقه على الحالة التي نحن بصددها، حكما معقولا: هناك حالات يكون فيها تأدية أخرى للمعنى ─ حتى ‘‘اثارة الخيالات ‘‘─ ‘‘دقيقا‘‘. وعلى الجملة، وهو الكل في المسالة قيد المناقشة، فلفظة imitation تستوعب معنى ابن رشد بصورة واضحة جداً. وتقدم ربطا مهما بكتاب الشعر لأرسطو، النصّ الذي يشرحه ابن رشد. فعلى سبيل المثال، حتى لو كانت موجودة ضمنيا في imitation، فان اثارة الصور evoking images ببساطة لا تنفع عند ترجمة التخيَّل في الفقرة 77 في Averroes' Middle Commentary on Aristotle's Poetics.
[25] انظر، الفارابي، رسالة في قوانين صناعة الشعراء، في ارسطوطاليس : فن الشعر، تحقيق عبد الرحمن بدوي،150:3-9, 15-16, 151:7-8, 15, 155:10. 14, 156:1-3 و158:2-3؛ وانظر أيضا الفارابي: كتاب الشعر، تحقيق محسن مهدي، in Shi'r 12 (1959) 91:4-6, 92:3-4, 12-17, 93:7-10 ff.. هذان هما العملان اللذيَّن اعتمدهما هاينرشز في تحليله الاول عن التخيّل في Arabische Dichtung ومنهما انطلق حين سعى لتحديد كيفية استعمال الفارابي لهذا المصطلح واشباهه بدراسة فعليا كل كتابات ‘‘المعلم الثاني‘‘ في المقالة ‘‘Die antike Verknüpfung. .‘‘
إنَّ سبب الاستعمال المختلف لألفاظ المحاكاة والتخيل عند الفارابي وابن رشد ربما يعود لابي بشر متى في نقله المتكرر لل mimēsis مرة بالمحاكاة ومرة بالتشبيه (انظر Heinrichs, Arabische Dichtung, 121, 146) أو تنشأ من الفهم المختلف لكل من هؤلاء الفلاسفة لنصِّ ارسطو. وأيا كان السبب، فالواضح أنَّه لا يمكن استعمال مصطلح الفارابي لتفسير ابن رشد بدون معرفة أولا كيفية فهم ابن رشد للشعر─ نوعما مثلما سعى المترجم أن يفعل في الهوامش كهذا الذي ذكرناه.
رغم أنَّ الاختلاف بين الفيلسوفيّن هو الحاسم هنا، لكنه يتوجب ايضا ملاحظة عدم قدرة هاينرشز على ادامة مصطلحه الجديد في ترجمة مقاطع من الفارابي ─ خصوصا حين كان عليه توسيع شبكته لتشمل مصطلح التصور (انظر Die antike Verknüpfung," 283-84, 288, 290 and nn. 112 and 114, 294) . ومثلما هو يعترف، ليست كل النصوص تسند هذا التفسير لمصطلح الفارابي (انظر نفس المصدر 285-86, nn. 101-4,، والاخص n. 104 والسطريّن قبل هذه السطور المذكورة).
[26] انظر Averroes' Middle Commentary on Aristotle's Poetics, 76, n. 19؛ وايضا “On Translating," 98aالاحالة هي للنصّ في الفقرة 22 من الطبعة والترجمة.
[27] انظر
Butterworth, trans., Averroes' Middle Commentaries on Aristotle's Categories and De Interpretatione, xx.
ويبدو تقدير باسكال للحالة البشرية، ومضامينه للمعرفة، مناسباً في هذا السياق:
"notre état véritable ... nous rend incapables de savoir certainement et d'ignorer absolument"; ؛ وانظر Pensées (Paris: Garnier Frères, 1958), 90, no. 72.. ولذلك ايضا هل أن تأمل نيتشه في رسالته لاوفربك بتاريخ 23 شباط 1887 : "Zuletzt geht mein Misstrauen jetzt bis zur Frage, ob Geschichte überhaupt möglich ist?"(= وأخيرا، فارتيابي يصل لحد التساؤل إنْ كان التاريخ ممكنا حتى؟)
[28] انظر
“On Translating, “ 98b، and V. Cantarino's Arabic Poetics in the Golden Age: Selection of Texts accompanied by a Preliminary Study, Studies in Arabic Literature, Supplements to the Journal of Arabic Literature, Vol. IV (Leiden: E. J. Brill, 1975).
ورغم أنه لا يستشهد بالعنوان الفرعي لعمل كانتارينو، إلا أن الناقد يؤكد نقطة هامة عند ذكر الصفحات 70-99 ‘‘‘لمناقشة عمل ابن رشد في سياق تطور كتاب الشعر لأرسطو في العربية‘ وصفحات 177-90 لترجمة النصّ.
ورغم الانكار المُطول للمُترجِم لعدم الاستفادة كثيرا من مقالة سابقة لكانتارينو عن ابن رشد والشعر، يغفل الناقد ملاحظة أنَّ النقاش في الصفحات 70-99 من كتاب كانتارينو الشعر العربي في العصر الذهبي هو ببساطة اعادة للمقالة ؛ انظر مقالة
Cantarino, “Averroes on Poetry," in Islam and its Cultural Divergence: Studies in Honor of Gustave E. von Grunebaum, ed. Girdhari L. Tikku (Urbana: University of Illinois Press, 1971), 10-26; also "On Translating," 99a-100 and nn. 22-23.
تفسر الملاحظات التالية عن ترجمة كانتارينو في كتابه الشعر العربي في العصر الذهبي عدم رضى المُترجِم في التمهيد (ix) بأنَّ ‘‘اعادة كتابة كانتارينو التخيلية لعبارة ابن رشد، لكي تتفق وتصوراته المُسبقة، مرت بدون أنْ يتعرض لها احد بالنقد لمدة اكثر من خمسة عشر عاما‘‘.
واتفاقاً، يتوجب ملاحظة أن تقدير هلينريشز لاهمية عمل كانتارينو هو اكثر انسجاما مع تقييم المُترجِم منه مع تقييم الناقد؛ انظر
“Die antike Verknüpfung, “ 263, n. 31; 264, n. 37.
[29] انظر الشعر العربي في العصر الذهبي،ص184 ؛ تنتقل الترجمة فجأة مما يسميه كانتارينو ‘‘ القسم الثاني ‘‘ (شرح ابن رشد الأوسط لكتاب الشعر لأرسطو، الفصل الثالث، يعين، الفقرات 13-19) إلى ما يسميه ‘‘ القسم الرابع‘‘(نفس المصدر، الفصل الخامس، يعني، الفقرات 33-47).
[30] يستعرض كانتارينو في مقالته ‘‘ ابن رشد عن الشعر‘‘ نفس التردد؛ انظر صفحتيّ 14-18 .
[31] المقطع العربي هو : في الأمور الإرادية ─ أعني الحسنة والقبيحة. أنظر، ابن رشد تلخيص كتاب الشعر وشرح ابن رشد الأوسط لكتاب الشعر، الفقرة 3، مع كتاب كانتارينو الشعر العربي،ص177 . ومرة اخرى، تُبيّن مقالة ‘‘ ابن رشد عن الشعر‘‘(14, 18-19) نفس الاضطراب حول هذه المصطلحات. ولم يغفل هاينرشز عن الحكم الأخلاقي الموجود في هذه المصطلحات ؛ انظر Arabische Dichtung, 161, n. 4..
[32] انظر شرح ابن رشد الأوسط على كتاب الشعر، الفقرة8، سويا مع كتاب كانتارينو الشعر العربي، ص180 .
[33] انظر كتاب كانتارينو الشعر العربي، 83-84،90 سويا مع شرح ابن رشد الأوسط على كتاب الشعر، فقرة 65 ؛ نفس المصدر، مقالة ‘‘ ابن رشد عن الشعر‘‘، ص20 .
[34] نقيض هذه التأكيدات غير المسنودة، فمن المفيد الأخذ بنظر الاعتبار ملاحظة فيلولوجي قديم وأكثر وعيا ‘‘ يٌقال وبحق أنه في العلم، ليس للاعتقادات حقوق مدنية‘‘. وانظر نيتشه ‘‘ العلم الجذل‘‘،344 . انظر ايضا ‘‘‘ما وراء الخير والشر‘، الامثال 224 و227 ؛ وجينولوجيا الاخلاق، III.23.
[35] العبارة اللاتينية هي :
‘‘et dum criminationes falsas contemnimus refutare, videamur crimen agnoscere”.
[i] لترجمة الناقد، انظر ibid., 94a. ؛ الاقواس المربعة من صنعه. ونسخة الترجمة الاخرى مأخوذة من الفقرة 20 من شرح ابن رشد الأوسط لكتاب الشعر لأرسطو.
[ii] انظر شرح ابن رشد الأوسط على كتاب الشعر، الفقرة8، سويا مع كتاب كانتارينو الشعر العربي، ص180 .