تكريمات

قراءة في شعرية يحيى السماوي

وقت استحال الفضاء صقيعاً والاشياء دوارس لأجداثٍ وتأثيثات لضياع سرمدي .

إن الانسان في ساعة اكتشافه وسبره لكوامن اللحظة يندفع هارباً منكفئاً صوب محف!ّات الماضي لاقتناء جمرة حماء تقلل أمام ناظريه أشباح الزمهرير التي تلوح له بالتجميد .. إنها العودة إلى شواطىء الذاكرة، يبحث في دثار رمالها عن بقايا أصداف أيامه الهانئة الهادئة وإن لم تخلو من مرارة بكل براءتها ونزقها / نقائها ومجونها نأياً عن ربكة المعادلات ، وانتهاءً باكتشاف أنَّ ما تمناه طفلاً كان محظ تقهقر، وإن ماقرأه عن الاخوة والصداقات، متطلباتها وضروراتها المبنية على الاتفاق والتوافق والتضحية ما هو إلا من عداد الوهم فقد استحال الاصدقاؤ ذئاباً، والايام نص الانكفاء . وليس غير حضن الام من ملاذ .. هذه بعض من اعتلاجات الشاعر يحيى السماوي:

كبرتُ ولا يزال الخوفُ طفلاً      وقد صار (الرفاق) إلى ذئابِ

تُطاردُ مقلتي منهم طيوفٌ         فعزَّ عليَّ يا أمّي إيابي

ص39 (الافق نافذتي)

ويدخل العراق كوطن إلآ قلب الشاعر من باب التعلّق الصيروري وفقاً لجدلية الدال والمدلول / القلم والورقة / السماء والارض / الأمير والمأمور / المعشوق والعاشق :

سمعاً لصوتك يا عراق وطاعةً      فلأنت عندي – ما حييت – أميرُ

كم قيلَ أنكَ آمرٌ متعسفٌ              وأنا – برغم رجولتي – مأمورُ

أمنن عليَّ حبَّكَ مِنَّةً               وأذل .. فذلّي في هواكَ غرورُ

 

ص166 (الافق نافذتي)

لا ينسى وهو يكتب عن الوطن أن يتحدث عن السماوة .. الصيرورة / الكينونة الصغرى . فالسماوة لديه قبلته الذاكراتية ونافذته التي يرى من خلالها تراكمات الاعوام وتهافتات الصور . السماوة عنده دميةٌ تصاحبه في احلامه الطفولية ورحيله الرجولي على سهوب الدنى :

السماوة دميتي في حجرة الكون

وفراشتي في حديقة العالم

ص73 (شاهدة قبر)

ويخيل لي أنها دائماً تناجيه أو أن تكون معه قائلةً بما قاله بودلير مرةً (خذني معاً، ومن بؤسينا نصنع نوعاً من السعادة).

شعر السماوي يفتح الآفاق على دراسات واسعة وباعثة على الاغراء في الدخول إلى دروبها ومنعطفاتها / جغرافيتها والتضاريس، لأن الشعر لديه جغرافية وتاريخ / أدب وفلسفة / جذور وبواسق لشجر وارف من المعرفة .

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1308 الجمعة 05/02/2010)

 

 

في المثقف اليوم