تكريمات

شهادات حية: لو كنت فينا فيصلا

 كان فرصة رائعة لنا للإطلاع على سر تفرد هذا المغرد الصادح في دنيا اللغة وعالم الأدب.

وكنت ولا زلت أنتظر مواضيعه المنشورة التي لا أباشر بقرائتها إلا وأنا مستعد للقراءة ولطالما كان فنجان القهوة رفيقي عند ولوجي إلى عالم الأستاذ عبد الرضا الأدبي والنقدي فأنا أرى أن طقوسا خاصة يجب أن تمارس عند الاستعداد لولوج عالمه الفريد، وطقوسا أخرى يجب أن تمارس عند الانتهاء من قراءة الموضوع منها السكون لتأمل واستيعاب النتائج وتحلياها.

 ومع قلة المواضيع التي نشرها في صحيفة المثقف إلا أنها كانت مغنية شافية لتكشف عن الوجه الحقيقي لرجل فذ وعالم جليل وأديب كبير منعتنا صروف الدهر أن نعرف حقه علينا وما يوجبه هذا الحق، فالأستاذ الدكتور عبد الرضا مدرسة نقدية تقوم مبانيها على أسس العدالة والفهم والإلمام بالموضوع المراد نقده ودراسته بحيادية وتجرد مع تمكن كبير من اللغة والصنعة والدراية اللغوية والفكرية زائدا الكثير من الإنصاف والالتزام والحدية الجادة ومع كل ذلك حرص لا يدانيه حرص وشعور بالمسئولية لا تجده عند الكثيرين ممن شغلوا أنفسهم في صنعة النقد الأدبي.

وأقول بلا شماتة أن حرصه وعدالته وموضوعيته لو وزعت على السياسيين العراقيين القائمين على إدارة البلاد اليوم لخلقت منهم رموزا تتبعها الأمة كل الأمة ولسار مدحهم في البلدان وخلد  ذكرهم على مر الأزمان.

أما قائمة المؤلفات التي أنجزها خلال حياته الأدبية الطويلة والتي تنوعت مضامينها بين الأدب والشعر والنقد فتضعه في مصاف كبار الباحثين وترفعه مكانا عليا هو أهل له وأكثر فمن يدانيه بهذا الفخر؟

هذا وقد بحثت عن اسم أطلقه عليه يليق بمكانته ويترجم حقيقة أمره فما وجدت أفضل من اسم (الفيصل) لأن الرجل ما فاص أي: ما برح  فيصلا إي : حاكما وقاضيا بين الحق والباطل، كما جاء في مختار الصحاح، وهو الحاكم أو القاضي.. والماضي القاطع يفصل بين الحق والباطل. يقال: حكومة فيصل وقضاء فيصل وقول فيصل وطعنة فيصل وجمعها فياصل، كما في المعجم الوسيط. لأن مسيرة الرجل الأدبية تدل على أنه كان فيصلا وفاصلا.

وتبعا لذلك أقول له: لو كنت فيصلا أيضا  فيما جرى بين الأحبة والأهل بعد سقوط اسم هبل كما كنت فيصلا في الأدب واللغة لما جرى ما قد جرى بين الأهل، ولما تحجرت المقل، ولكان ما قل ودل لكننا بعد الجريمة والهوان وما جرى عبر الزمان من المآسي والعلل لم نستفد مما جرى إلا لنزرع في قلوبنا بعض الجمل عن كفر ذلك أو شرك هذا وجميعنا بلا عمل. لكن وحقك لم نزل كما هو العهد بنا فإننا رغم المحن لم نفقد الأمل ولا زلنا ننتظر الفيصل.

ولقد تعلمت الشباب كل الحيل ونظمت مسيرها على وقع الطبل يحدو مسيرتها الوطن وكل ما نصبو إليه حقيقة  اسمها (وطن) بلا وثن، لكننا من المستحيل أن نصل مهما فصنا إلا إذا وجدنا الفيصل القادر على قيادتنا والحكم بيننا كما تحكم أنت بين خصومات الأدب

 

...........................

خاص بالمثقف

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (عدد خاص: ملف: تكريم ا. د. عبد الرضا علي من: 17 / 8 / 2010)

 

 

 

في المثقف اليوم