تكريمات

شهادات حية: الشاعرة العراقية وفاء عبد الرزاق .. ومكابدات الانسان في النص الشعري

فجاءت قصائدها محملة بالهم الانساني اليومي والتوق الى حياة متحررة من كل اصناف العبودية .

وفاء عبد الرزاق شاعرة تمتلك ادواتها الكتابية الشعرية ولها اسلوبها وبصمتها الواضحة على خارطتي الشعر العراقي والعربي، فنجد مفرداتها الثرّة تنبض بالوفاء والحنين الى وطنها الذي غادرته منذ عقود من السنين، وتفيض نصوصها الشاعرية شجنا ولوعة انسانية تعبران عن عمقها الانساني التواق الى عراق معافى، وتختزن قصائدها جذوة عشق صوفية لا تنطفىء موسومة بمخيالية واسعة ولغة عالية نابضة بالحياة . وهم الشاعرة الانساني الكوني هو ما يميّز كتاباتها ويطبعها بالسمة العالمية، كما ان نصوصها تحمل ابعادا دلالية وصورا شاعرية فذّة تسحب القارىء الى مناطق روحية يجد من خلالها ذاته، وما تكتبه يمثل الاغلبية العظمى من العراقيين الذين عانوا ومازالوا يعانون ألم ومرارة الغربة في اي مكان يرتحلون اليه، والكثير من قصائدها تنطوي على تعابير انسانية تتغلغل بين المفردات . وتمتلك الشاعرة وفاء تكنيك شعري مبهر في ما تقوله من خلال كلماتها وما تريد ان توصله الى المتلقي، كما انها تضمّن في عدد من قصائدها الميثولوجيا الدينية، التي تاتي موفقة في مواضع عدة من القصيدة، نابضة بانفعالات رؤيوية تمنح النص الشعري ديناميكية تفاعلية مع القارىء، ونصوصها عميقة في افكارها ومدلولاتها المحمّلة بالمعاناة التي تحفر في ذاكرة الشاعرة .

الشاعرة وفاء عبد الرزاق، تكتب نصوصا ذات بناء شعري رصين وتحافظ على فكرة النص من بدايته حتى نهايته من دون ان تترهل القصيدة او تفلت من يدها الفكرة، او تنحى مناحي زائدة لا تخدم فكرة النص او بنائه اللغوي، وهنالك خيط سري يمتد من اول النص الى نهايته يشعر القارىء انه يقرا نصا لشاعرة متمكنة ومتمرسة في الكتابة . فالشاعرة وفاء مجددة ومتالقة وفي اية لهجة تكتب بها نصها الشعري، سواء بالفصحى او باللهجة الشعبية العراقية الدارجة، فكلماتها الشفافة والرقيقة تدخل الى الذات الانسانية من دون استئذان ومن اوسع الابواب، والشاعرة تتمتع بخيال خصب وخزينا لغويا غنيا بالمفردات الشاعرية الرائعة، كما انها تكتب قصائدها بلوعة مختزنة في دواخلها .

قرأت للشاعرة وفاء عددا من النصوص الشعرية، وارى انها قد كوّنت لها خصوصية في كتابة النص الشعري الذي ينطوي على دلالات ورؤى كونية انسانية يصوّر المأساة الانسانية وعذاباتها على وجه المعمورة، وهي تحمل هما انسانيا عالميا لا يقتصر فقط على معاناة شعبها في العراق الذي كان محاصرا بآلة الارهاب السلطوية الديكتاتورية المقيتة، واليوم محاصرا بآلة الارهاب الاعمى الذي يحصد الارواح البريئة من المدنيين المسالمين العزّل.

والشاعرة تعي ما تقوله من خلال نصوصها، ولها حضور ثقافي واسع في اماكن عديدة، فهي تكتب معاناة الانسانية وتستصرخ الضمير الانساني من اجل انقاذ الانسان من عذاباته ومكابداته اليومية، وتحمل في حلها وترحالها تصورات ورؤى واضحة عن واقع الانسان المهمّش والمسحوق تحت عجلات الديكتاتورية، لا سيما الانسان العربي الذي يكابد ضغط الانظمة السلطوية الشمولية العربية، التي لا تحسب اي حسابات لشعوبها المقهورة، وطموحاتها للعيش بحرية وكرامة يتوق اليها الانسان العربي ويتطلع اليها كل يوم . فجاءت نصوص الشاعرة العراقية وفاء عبد الرزاق محمّلة بدلالات رمزية غاية في الروعة والاتقان والبناء الشعري الرصين .

  

...........................

خاص بالمثقف

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (عدد خاص: ملف: تكريم الأديبة وفاء عبد الرزاق، من: 05 / 11 / 2010)

 

 

 

في المثقف اليوم