تكريمات

قراءة في قصيدة للشاعرة وفاء عبد الرزاق

 وخلق الدهشة والاعجاب، شلالات من الصور، إضافة الى توليد الأفكار الجديدة، و تعتبر الشاعرة في طليعة الشواعر اللاتي امتلكن الجرأة للتعبير عنها بكلمات سهلة، تمتلك الآفئدة وتعبر عن الوجدان، وفي القصيدة النثرية الجميلة (لحظة انوثتي) يترافق القص الجميل الممتع مع الشعر البهيج، ويمنح القاريء جمالا أخاذا، وتأخذنا في رحلة مع نغم الشعر وأحداث القصة،تخاطب الساردة الحبيب سائلة اياه ماذا يمكن ان يرتدي في ليلتهما هذه؟، هل يرندي رقص روح الحبيبة المتيمة، ام القناديل التي أشعلتها ترحيبا بهذا الحب الفريد؟، حيث الدهشة الكبيرة، المستبدة بالأشياء، حتى الستارة تستعير لها شخصية المعجب بقصة الحب التي لابد ان تشتعل لها النفوس، تتعرى الستارة متواطئة مع الحبيبين الرائعين :

 

ماذا ستلبسُ الليلة

رقصَ روحي أم قناديلي

أم دهشة َالستارة ِالتي تعرَّت لأجلنا؟

 كم تحتاج المرأة العاشقة لبحر حبيبها الآسر، وتغوص في عمق مياهه الهادرة حينا، الهادئة حينا آخر، عيونها قد اغرقتهما موجات الصمت، اية جرأة امتلكتها الشاعرة وهي تعبر عن لهفة النفوس الظمأى الى لحظة عشق، يتشرب القلب نهر الحبيب، ويظهر السؤال الاستنكاري عن وجود سماء أخرى؟ وهل تمتلك حنجرة لامرأة أخرى

ما أحوجني لبحرِكَ

لما سيسكبُه الصمتُ في عيوني

ومنكَ حين أشربُك

أهناك سماءٌ أخرى؟

لا أظنُّ لها حنجرة ٌغيري

تكسَّر مزمارُها حين نطقتُ اسمكَ

وصارت متسعاً لصوتي

 وبتكرر السؤال، عما يرتديه الحبيب في ليلتهما الموعودة، هل يرتدي شجرة باسقة بالخضرة والاغصان مزدانة بالثمار؟ ام غيمة سكوب، تمنح الأرض عطاياها؟ ام نبية تدرك قيمة الحب في دنيا قاحلة؟، فالمرأة العاشقة تجمع بين كل النساء، حين يستبد بها العشق الجميل وهي ترنو الى دفء الحبيب وضياء حبه

ماذا ستلبسُ الليلة

شجرة ً

غيمة ً

أم نبيَّة ً؟

أنا هنَّ وقت يميل رأسي

إلى ضوئِكَ

 ماذا يسعد الحب؟ وماذا يسعى الحبيب لنيله؟ في ليلة انتظرها العاشقان طويلا، والمرأة المحبة ماذا تتمنى؟ ترجو حبيبها ان ينعش نفسها وروحها، وان يحقق لقلبها انتشاءته، ولأن المرأة العاشقة تتصف بالغموض والوضوح معا امام من تحب، فانها تدعو حبيبها ان يكون قادرا على فهمها، وان يتهجى رضابها، والا يضطرب، فنار الحبيبة المستعرة من يعينه على قراءة الأشياء، فخذ ناري ايها الحبيب، واحترق بها

اكتبني انتعاشاً وانتشاءً

هيا اقرأ سطر قـُبلتي وتهجَّى رضابي

هيا ارسم رعشتين على خدكَ

لا تضطرب

ناري مجسَّتـٌك خذها واحترق

 قصة شعرية، كتبت من لذة وكلمات وجدان تفيض علينا بمشاهد من عشق، فليغمض الحبيب عينيه، فشيطان الرغبة انزوى في جفون العاشقة، ليبك الحبيب عشقا، وان طفحت الشرارة

أغمض عينيك

شيطانهما انزوى بين جفوني

 مزِّق حفرة َ الدمعِ

وابكِ عشقاً

لا باس إن طفحَ الشرارُ

ستجد كأسي الأخرى تنتظرُ

ما بين شفتيكَ والمتـَّقد.

 العشق غذاء ودواء، فصم عامين ايها الحبيب، وتعال الى من احرقتها نيرانك، وأفطر بريقها، وهب المتعة لطالبتها في كل الساعات، تنفس من رحيق الحبيبة، فالعشق بداية للحياة،

صُمْ عامين وافطر بريقي

لا تترك فراغاً بين ساعة وأختها

ازفرني وتنفسني

ألا تجد الحياة ابتداءاً هنا؟

ألا تجدني في يقين شهقتك؟

خطوتـُك الخجلة ُفي مذبحي

وهي تنحني وفديتـُها في محرابي

صل ايها العاشق يا واهب الحياة، وشاهد اجنحتي، فللحب اجنحة يطير بها العاشقون، ليعيشوا في جزر من البهاء، لايصل اليها العاذلون، فاهرب من نفسك الى نفس من تحبك ملء فؤادها، واسرق امرأتك، يا من سرقتها، هل استطعت ان تجد اللصة المتيمة بنعميك وجحيمك، تتطلع اليك بحنان في ليل سهدها ونهاراته، فمن تكون ايها الحبيب المجتبى؟

صلّ وانتصبْ لترى أجنحة َطيراني

أهربْ منكَ إليَّ واسرقني منّي

أيها المسروق منذ أعوام

ألا تجد اللصَّة َالحُبلى بكَ؟

في أرقٍ تحنُّ إلى خصائصِك

فمن تكونَ أيـُّها المُجتـَبى؟

 هل أنت لمحة في الظلام؟، ام انك نهران مخلوقان من الظن، من تكون ايها المحتوى، ما الذي يفصل من شعاع نفس حبيبتك وبينك؟

لمحة ٌفي الظلام؟

نهران في الظنِّ؟

الأوَّلُ قبل انتهاء الأخير؟

من تكونَ أيها المُحتـَوى؟

أ تعرف الفاصلَ بين شعاعي وبينك؟

 تسبغ الشاعرة القاصة العاشقة صفاتها الحسان على حبيبها، فهو المخلوق الذي تتبعه اشراقة الصباح، يشتد وضوحه بغموض عاشقته

هو أنت الذي يقفو إثره الصبحُ

ما أوضحك بغموضي

 ما اشد جمال الحبيب حين تصطرع حبيبته في لظى حبه، وفي تعطشها الى ما يسكت نيران اللهب من اندلاعها، فان مصرعها بين دفتي بحر الحب، الذي حمل الرياح رسالة بالرغبة المشتعلة، وعرفت العاشقة ان محبوبها يستوطن تلك الرياح، فوضعت خدها على شجرة لتسمع همس الحبيب الموجود في عبير الوردة، الم يأتك العطر؟ جمال رائع نستنشق عبيره في هذه القصيدة، المعبرة عن لظى امرأة شغفت ببهاء الحبيب

وما أجملك في مصرعي بين دفتيَّ وجدك

حين جاءتني الرياحُ برغبتها العارمة

عرفتُ أنك فيها

لذا وضعتُ خدِّي على شجرة ٍلأسمعك

تلمَّستُ الوردَ لأشمك

بكيتُ لأمطرك

ألم يجئكَ عطري؟

 ويبلغ الجمال اوجه والشاعرة تتساءل : من ترتدي يا حبيب القلب، في ليلتنا هذه؟ البسني انا وارقص بي، تعبر الأبيات عن توق الأنثى وشدة وهجها،وتطلعها الى الارتواء الذي هو قمة الحياة وألقها المستمر وتحقق السعادة القصوى باشتعال الشرارة وانطفائها

ألبسني إذاً وتراقص بي

لنعلـِّم الحُبَّ طباعـَنا

ولنكن المشردَيْن بين وشوشة الحشائش

أنا فوق جسدك

طفتُ به وارتديته.

انها ليلة لامثيل لها، يحلم بها العاشقون، وتتمنى الأنثى ان تصل الى بعض جمالها، وصحبتنا الشاعرة المبدعة في رحلة الحب التي لاتستقيم الحياة بدونه، ورأينا مشاهد من العشق بفضل الصور التي وهبتنا اياها شاعرتنا الرائعة، وكأنها تتحدث بلسان كل انثى قمعت عواطفها امتثالا او خشية، وكان الأحرى ان تعتز بلتلبية نداء القلب الذي لايتكرر

 

صبيحة شبر

 

 

 

 

في المثقف اليوم