تكريمات

المثقف في حوار مفتوح مع الاديبة وفاء عبد الرزاق (10)

shaker_algheziخاص بالمثقف:الحلقة العاشرة من الحوار المفتوح مع الاديبة وفاء عبد الرزاق، لمناسبة تكريمها من قبل مؤسسة المثقف العربي، وفيها تجيب الكاتبة على اسئلة الشاعر: شاكر الغزي.

شاكر الغزي: شاعر / العراق:

الأديبة العراقية والمبدعة الجميلة وفاء عبد الرزاق تحية إجلال وإكبار لقلمك وما يسطر، سأطرح بعض الأسئلة الخفيفة لئلا أثقل عليك :

س132: شاكر الغزي: كلمة (الشعر) ما تعريفها في قاموس وفاء؟

ج132: الشعر بكاء حبيس في أضلع وفاء،، قسوة حزن وفراق، نار تسري من القلب إلى القلب،،طفل،،نبتة جدار،، طفل،، ماء،، شجرة..

كل ما يمت للحياة بصِلة هو الشعر.

س133: شاكر الغزي: ما رأي وفاء الأديبة بالنقد حالياً؟ العربي عموماً والعراقي خصوصاً؟

ج133: قبل أن نحدد قيمة النقد العربي والعراقي علينا البحث في ماهية الأدب و قيمته الجمالية..

هل كل ما نقرأه من نصوص نثرية أو شعرية هي أدب بمعنى الأدب الفني أو نقول عن رواية إنها رواية أدبية؟

هل كل ما ينشر في المواقع الثقافية بُنسب إلى الفن الأدبي أو له فنه الخاص كونه بعيد كل البعد عن مفهومنا للأدب؟ وهل نطلق عليه فنا أم هذرا وهلوسة كلامية؟

للأدب الفني الجميل نقاده.. متذوقون ومتعايشون مع ضربة الأصابع وهي تنقر على آلة الكلمة لتعزف قصيدة أو قصة تحيلنا إلى وجود ناقد حقيقي تساقط على نهر الكلام كقطرات المطر واحدة تلو الأخرى كما تساقطت لمسات الشاعر وقطرات الأديب لتخلقان نصا ببعده الجمالي ومتعته الجمالية ونشوته.

نوعية هذا الناقد نادرة فأغلبهم يحاسب النص وفق مقاييس ثابتة بينما النص متحرك وثائر، هنا يُبدي رأيا مغايرا للنص حتما، عليه البحث عن ميزان المعيار الفني لتلك اللحظة والثانية والتي خلقت النص وليس على معياره خارج النص وبعين أخرى غير عين المبدع،، بهذه الحالة سيحصر نفسه بزاوية ضيقة لا تتشابه وزوايا الإبداع...

لا يختلف النقد العربي عن العراقي.. كنت أتابع النقود التي يكتبها حسين سرمك في المثقف فأجد لها تأثير مباشر وغير مباشر علي أنا الشاعرة والقارئة العادية....المباشر يلتقي مع قارئة متابعة بينما غير المباشر يقترب مني أكثر في البحث عن قدسية النص الداخلية التي عكست صورها على المرئي بتكثيف الحزن والطرب، لا يضع قيمه كحسين سرمك الناقد بل تتسع حدقته المدركة لتعطيني برهانا على أن النص فنا أدبيا علينا الوقوف إليه إجلالا.

س134: شاكر الغزي: هناك من يرى أن النقد حالياً قائم على مبدأ (أكتب عني وأكتب عنك) !! ألا تعتقدين أن التردي في نوعية المنتج الأدبي سببه تردي نوعية الناقد؟!

ج134: كلاهما يتبع الآخر.. بسبب وجود ناقد غير مخلص مع ذاته ومع الآخرين،، قُدمت نصوص لا تستحق القراءة وكتب عنها مطولات أوقعت الكاتب نفسه في إشكالية فهم الأرضية التي يقف عليها .

قد نكتب إعجابا لكن ليس على حساب النص .. أما مهمة الناقد مختلفة عما نكتبه من إعجاب.

ثم لماذا يلجأ الناقد إلى نص مترد ليكتب عنه؟

صدقني ما تعج به المواقع والمكتبات سببها وجود مثل هذا الناقد، وعليه تقع عاقبة انتشار نصوص لا إحساس فيها بالحياة.

الفيس بوك بؤرة للتردي الآن وعلى النقاد الحقيقيين التصدي لها.. أتابع شعراء لا اسميهم بشعراء ينثرون كلاما متفرقا على أنه قصيدة نثرية ومليئة بالأخطاء النحوية والإملائية،،واقرأ معجبين لهم وبما ينشرونه.. ترى هل الذوق العام تردى هو الآخر؟ أم هناك أمية ثقافية؟ وعلى عاتق من يقع التنوير؟

س135: شاكر الغزي: ما رأيك بالقصيدة العمودية الحديثة؟ هناك جماعة يكتبون القصيدة العمودية الحديثة بطريقة مغايرة لما هو معروف وسائد (أقصد من حيث التركيب) تسمى (جماعة قصيدة الشعر) . هل قرأت لهم؟ وما رأيك؟

س135: نعم قرأت لهم وأسعدتني تجاربهم،، كما استمعت إلى قصائدهم مباشرة في أماس شعرية ومنها الأمسية التي أقامها معرض كتاب الشارقة هذا العام للشاعر نوفل أبو رغيف وأعجبت جدا بأسلوبه الحديث وصوره الجميلة التي من واقع عصرنا بحيث رأيت الجرح يغرد كطائر وسمعت الطائر يئن كجريح..

لا أختلف مع العمود الشعري أو القصيدة الحرة، اختلافي في ما هية الشعر وليس في إطاره، وجماعة قصيدة الشعر هم مني وأنا منهم كوننا نبحث عن الجمال .هذا التشكيل الشبابي الجديد قدم رؤية جديدة للقصيدة لحقت بها رؤية نقدية. لا يعني أني أكتب قصيدة النثر لا أتوافق مع جماعة قصيدة الشعر..كلانا باحث ومجدد.

س136: شاكر الغزي: يعتقد بعض من ساجلتـُهم أن الشعر لن يكون قادراً على مواكبة تطورات الحياة وما يستجدّ فيها من أحداث؟ كيف تردين أنت؟

ج136: الشعر يعني الحياة والإنسان الذي يحمل في داخله أمانة فنية ليخلق لنا متعتها حتما يكون عايش تدفقها السريع فهو منها،، ويكتب عن ذاته فيها .. بعضهم أصابه الخذلان نتيجة الحروب وانعكاساتها على الواقع، لكن حتى صمته وخذلانه معايشة من نوع آخر.. للصمت لغته أيضا كما الليل له لغة يدركها الصامتون المتأملون.

س137: شاكر الغزي: ما سبب ابتعاد عامة الناس عن الشعر برأيك؟ لاحظت أن معظم من يشتري كتب الأدب وخاصة الشعر هم الأدباء (الشعراء) أنفسهم ! أما قيل إذا كان جمهور الشعر هم الشعراء فقد مات الشعر؟ ألم تلاحظي أن معظم الأماسي الشعرية يحضرها الشعراء فقط؟

ج137: لنقدم لهم شعرا جميلا أولا ثم نسألهم أين أنتم منا...

الابتعاد له أسباب كثيرة أولها الغث المخزي.

وثانيهما الإعلام،، فهو ينقل إلينا الأمسيات الشعرية مجرد حدث خبري ولا يخصص برنامجا ثقافيا نتواصل من خلاله مع الشعراء،، ونستمع إليهم شرط أن تقدم الجيد ولا تفسد الذائقة.

وثالثهما المؤسسات الثقافية الرسمية ووزارة التربية،، والأخيرة أجدها مقصرة في خلق ذوقا عاما لمفهوم الجمال وتذوقه في كل الفنون.

س138: شاكر الغزي: لأيّ متلقي تكتب وفاء عبد الرزاق؟ وما معيار نجاح المنتج الأدبي برأيك؟ الإنتشار عند عامة الناس وتقبلهم له أم رضاء النقاد، ورضاء النقاد غاية لا تدرك؟

س138: لا أفكر بالمتلقي حين أكتب أو بالقارئ لو فكرت مات النص لأني لا أدخل العقل وقت الخلق،، الخلق سماء وطائر يحط كيفما شاء، ولأنه ليس بطائر عادي اترك له حرية اختياره في التحليق والحط ..حين أفق من جولتي وأقرأ نصي جديا بعين الناقدة أدرك تماما أنه سيعجب المتلقي بقوة لأنني رضيت عليه،، ومن خلال تجربتي أتضح لي ذلك جليا،،أي نص أشعر برضا تجاهه يتقبله الجمهور بحب لسبب بسيط.. يجد نفسه فيه وهذا راجع إلى أنني أكتب الذاتي الذي ذاب فيه العام.

معيار المنتج رضا المبدع، ذائقته،، موقفه الإنساني المتعلق كليا بموقفه الأدبي... إرضاء الناس غاية لا تُدرك.. والرضا نسبي.. بالنسبة لي أرضي نفسي ومبدئي وأخلاقي أولا وأقدم منتجي للقارئ وعليه الاختيار.

س139: شاكر الغزي: في خضم الصراعات الهائجة .. كيف تنظر وفاء لقصيدة النثر؟ ولماذا تكثر من كتابتها؟

ج139: لماذا نقول صراع؟

لنقل مجادلة من أجل الشعر ومن يريد المصارعة ليجعل له حلبة وعضلات.. الإبداع يخلق تساؤلات وهذه حالة صحية وإن اختلفنا معها أو وقفنا ضدها بالنتيجة نحن نسأل ونبحث عن الجمال..

قصيدة النثر أصعب بكثير مما نتوقع ..فهي خالقة إيقاعها الخاص، غير الإيقاع المتعارف عليه .. هي بذاتها لغة كونية ..الشعر ليس بعدد الضربات أو التفعيلات، بل التخيل الذي لا يقف عند حدود معينة وكلنا يعرف خصائص الشعر(الخيال، الإحساس،اللغة، الرؤية الشفافة وجمالية التركيب في الصورة)...وسوزان برنار أضافت الكثافة في استخدام اللفظ تركيبيا وسياقيا.

أكتب قصيدة النثر لأنها تستخرج مني الصفات التي ذكرتها وتشعل في داخلي بذرة التكوين الشعري وتتركني أفعل صدمتي في المتلقي تصاعديا.... حتى أصل خاتمة القصيدة فأضرب ضربتي القوية..وترى ذلك واضحا في نهايات قصائدي.

س140: شاكر الغزي: هل تكتبين القصائد العمودية (الشطرين)؟ أو بمعنى آخر لماذا لا تستهويك كتابتها؟

ج140: بطبيعتي أحب التحرر ولا أهوى القيود كما لا أهوى من يُملي علي شروطه وإن استمعت إليه بصمت، في النتيجة لا أحقق إلا ما أراه مناسبا حسبما أراه أنا .. واقترابي من قصيدة النثر ناتج عن توافقها مع طبعي .

س141: شاكر الغزي: نصحت شباب القصيدة الشعبية بأن (يتشربوا بموازين الشعر الشعبي جيدا ويكتبوا قصائد متعددة الأوزان ....) لماذا تؤكدين على الوزن في الشعر الشعبي وتتركينه في الشعر الفصيح؟ وما رأيك بكتابة قصيدة نثر شعبية؟

ج141: يبدو لم يصل إلى حضرتك جوابي سابقا عن القصيدة الشعبية.. قلت أرى أغلب الشعراء الشباب يكتبون على وزن النصاري بينما في الشعر الشعبي أوزان كثيرة فلماذا يجعلون قصائدهم على رتابة واحدة تُشعر المتلقي في الملل.. كما قلت عليهم تجاوز الموجود وخلق أوزانهم الخاصة وصورهم الخاصة.. ركزت على كلمة( خلق) بمعني تجديد غير مألوف في القصيدة الشعبية..

كتبتُ قصيدة النثر في الشعبي في ديواني (وقوَّسَت ظهر البحر) الصادر سنة 2000 وأعدتُ طباعته نسخة ثانية 2010، واشتغلت على بناء القصيدة الحديثة فصيحا باللهجة الدارجة.. والاشتغال جاء ابتداء من عنوان الغلاف إلى عدد القصائد وشكلها حيث كانت بشكل قطرات تكونت من ست وستين قطرة،، منها القصير جدا على شكل الومضة ومنها متوسط بعدد أربعة أو خمسة أسطر والقليل منها جاء نوعا ما طويلا. ثم لحقتها بديوان( عبد الله نبتة لم تُقرأ في حقل الله)،، ثم ديوان( تبللت كلي بضواك).

نماذج من القطرات:

(قطرة 25)

ضاع عمري؟

لا

شلون يضيع

وهوّا منّچ نرجسة

وشْوَيّة

حِزنْ

لفلف فراگ ملبّسة

ضاع

لو ماع؟

موعة گطيرة مطر

بنهِدْ جوري منعِّسة

ضاع؟

وهوَّ يضيع عمره

الـِّلي بحليبچ غمّسه؟ .

(قطرة 27)

أنساچ

وارجع انسى شگّد نسيت

وشگّد متت لـمّن نسيتچ

وشگّد

فرح بيچ ودفو

يختصر كل حليب بنِهدْ حوّا .

س142: شاكر الغزي: أي كتاب المثقف (من الجنسين) تقرأين له أكثر؟

ج142: أقرأ الشعر تحديدا والنقد،،.. أقرأ كل ما ينشر في هذين المضمارين.. كما يشدني المترجم منه.

والمواضيع الأخرى التي أتابع فيها ما يجري في واقعنا العراقي والعربي.

س143: شاكر الغزي: هل تعتقدين أن الإنترنيت مفيد في نشر الإنتاج الأدبي؟ أرى أن الكثير من النصوص تنشر ولا تقرأ؟ ثم لا توجد هناك سلطة قامعة لا تخاف في الشعر لومة لائم ترفض المنتجات الهابطة؟

ج143: أجيب على الشق الأخير من سؤالك لأنني أجبت على الشقين الأولين سابقا.

مؤسف جدا انتشار النص الهابط واللوم يقع على أصحاب المواقع في إثراء مواقعهم بالجميل والرصين.. علما أن فيهم أي أصحاب المواقع لا علم له في الشعر إطلاقا.

س144: شاكر الغزي: ألا تعتقدين أن النقد الآن يعتمد على الأسماء وليس الإبداع؟ سمعت أحد الشعراء يملي شروطه على الناقد .. بحجة أنه يوضح له مستغلقات النص؟!

ج144: إذا حضرتك سمعت أحد الشعراء يملي شروطه على الناقد لتوضيح مستغلقات النص، أنا سمعت ناقدا يملي على المبدع ويحدد له ثمن الكتابة عنه.. كما سمعت من ناقد يضع كل كتاباته النقدية تحت قدمي شاعرة شرط أن تكون خاصة له... سحقا لثلاثتهم...

س145: شاكر الغزي: أيّ النصوص التي قدمت لتكريمك (شعراً ودراسات) أعجبتك أكثر؟ (الأول والثاني فقط من كل صنف)

ج145: كل من كتب حرفا واحدا أنا مدينة له ومن كتب لي كلمة ملك روحي دهرا.. طبعا لسنا هنا على شاكلة الناقد الأخير.

...............................

ملاحظة: يمكنكم توجيه الاسئلة للمحاور عن طريق اميل المثقف

[email protected]

...........................

خاص بالمثقف

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (عدد خاص: ملف: تكريم الأديبة وفاء عبد الرزاق، من: 05 / 11 / 2010)

 

 

في المثقف اليوم