تكريمات

قراءة نقدية من مخيال شاعر .. انى يغص قلب الانثى وفاء عبد الرزاق؟ / جبار سهم السوداني

(مازلت موزعة بين اقنعتك: عيناك ارض../ قلبك موعد للعصافير../ ابوابك سر كل منتظر../ اخرج اليك متوكئة عليك) -.. (يابه والعباس ابو فاضل هذه لوحة لونية شعرية!!-

وفي (تبللت كلي بضواك).. تميط اللثام عن اللون الشعري الذي – ايضا – تأرج وتتوهج فيه ما اطلق عليه بـ(الشعر الشعبي او الشعر العامي، او المحلي) فترسم بريشة يراعها الوانا قزحية تختص بانوثتها المضمخة باريجها والوانها وموسيقاها.. ففي قصيدتها (اعتراف):

- لا نمتلك الا ان نصرح لها: الله يا وفاء - ... (اعترف مكتولة بيك../ وتعترف اوراگ جرحي../ الخضرت سل المواعيد../ وجابلتك يوم صلّت../ ويعترف نزفي الشهي!!)

انا شخصيا علمت حديثا منها عن (سلّ المواعيد) – وكنت ارتجف هلعا من سلّ السياب- وعلمت كذلك منذهلا عن (النزف الشهي).. وفي لوحة شعرية اخرى تقول: (حسبت اشريك مني../ وانتظر همس اللذيذ../ وحسبت تهمس بريتي للدفو../ وحسبت الكاك عيني ابكل مچان../ .. ليش؟).. وهل هذه اللوحة بحاجة الى اطناب واسهاب.؟ بل هي تأخذ بمقولة (خير الكلام ما قل ودل) او القول بان القول البليغ ما اتسع معناه وقل كلامه.. وذلك ما تشتغل عليه الشاعرة الماهرة في اغلب نصوصها.. هاك اسمعها في هذه الجملة الشعرية الاستفهامية (الانشائية) والتي تجتلب (الطباق) البلاغي ولكن بعفوية ذائبة بين انفاسها والخيال (شارد من يسارك../ واللاحگ نابك؟../ خايف من يمينك../ تلچم صوابك؟.. چا اذا جسمك عدوك../ يا هم احبابك).. فاليسار × اليمين.. وعدوك × احبابك.. هذا الجمال الباذخ في (مطولتها القصيرة).. اما في مطولتها المخملية (ادري) فهي زاخرة بالجمل الخبرية.. فتنسرح بخيالها الهائم الحالم فيها (ايدك مدينة، وعيونك صواري، وفيها – كذلك – وجناتك سمة) الاندغام بالحلم.. وهي اذ تؤكد رسوماتها الحلمية بتكرار (ضمير الرفع المنفصل : انت، انت الوحيد) وكأنها تقسم (والتين والزيتون) و(الضحى والليل اذا سجا).. ثم تعطف العين المغمضة على الاخرى مثلها (وغمضت هاي وهاي) ثم ترادف لفظيا بتجسير (ولحمت هذا بهذا) لماذا؟ لانها تشتري العري وتفصل القحط فستانا لاوهامها، اذ تقول:(وشريت العري../ والگحط فصلته).. لدفع عنه هذا (التوهمته):

حين بادأتنا بقصيدتها (ادري ايدينك مدينة../ ومن تمدها حدود../ وعيونك صواري../ ولفتتك لفتة../ وجناتك سمة../ والارض جرح طويل).. فتواصل (تفصيلها الگحط) عمن بدا (وگلت زاني../ واطمطم سرك بشتلات ../ طلع بواك شتلك../ بيدي اشتلته..)، هذه الخيبة القاسية تضطرها ان تطمطم سره بشتلات .. انما شتله طلع (بواك) !!

فياللعنة، وياللاسى .. ختاما: وفاء عبد الرزاق شاعرة موهوبة، مقتدرة، تمتلك اسرار اللعبة الشعرية وسحرها.. جديرة بان تقرأ مديدا من اكثر من متذوق ومتلقٍ وناقد.

...........................

خاص بالمثقف

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (عدد خاص: ملف: تكريم الأديبة وفاء عبد الرزاق، من: 05 / 11 / 2010)

 

في المثقف اليوم