تكريمات

شعر الرؤى الممزوجة بالجمال والفاجعة .. (عمي الله بالخير) انموذجا

فللوعي والرؤى المتجذرة في اعماق الوعي نفسه مايساعدها على ذلك.

(عمي الله بالخير) تحية يعتاد عليها العراقي سواء في بيته او أثناء جلوسه في مقهى أو مكان آخر، تبدأ القصيدة بالعبارة كعنوان ثم بلغة معجونة بالرجاء الذي تغلفه براءة الطفل:

اترجيتك بالله وياعمي

لا.. لتصيح الله بالخير

ظليت اتمرغل بترابي

ذبحه وخانت ذبحة طير

فعل تراجيدي مشدود لأعماق أزمنة  بعيدة، الى هناك حيث الاقاصي التي تشتعل سماواتها بنجوم غربة تلتف على حياة الشاعرة، طير يذبح فتوازيه ليكون الذبح أشد، والجرح أعمق، في زمن منافق ليس للشاعرة معها سوى مقاومته، وبالشعر، وبما فيه من جماليات .

تستدعي الماضي، ولربما قاع الماضي الذي لايشبه الا الذهب الراكس في بئر مهجور، ولربما معظم ماكتبه الادباء العراقيين الذين عاشوا المنافي اعتمدوا الذاكرة كمكان لأشتغالاتهم:

لاجاني الموكد ياعمي

ولا جه احصير

مكونات بيئتها الجنوبية هذه تشدها داخل النص لتضيء اوجاعها وكأنها تعيد لنا بيت الشعر العربي:

(وداوني بالتي كانت هي الداء) .

الغربة – أو المنفى هي التي تلقي ظلالها على معظم كتابات وفاء ، منذ مجموعتها الاولى ولربما البكر(آنه وشوية مطر) .. الا انها في هذا النص تمنح المكابرة اللون الحقيقي للصراع من اجل وجودها الجمالي:

فريت الصحرا ابنص روحي

شديت الكاع ابسدرتها 

تميل وفاء في قصيدتها هذه الى الرشاقة، هذه التي يصفها تشيخوف بمقولته (الرشاقة هي ان يعرف الانسان أقل الحركات الممكنة لتأدية عمل معين) ووفاء لن تفتعل الاشياء، غربتها حقيقية مريرة، قاسية، تأخذها الى ابعد بعد معتم فتضيء:

ضايع كبري

والغربه لغربه تناوشني

كأنها تذكرنا بموجة شعراء فلسطين (نحن من منفى الى منفى) والعراقيين كذلك ، حيث كتب لهم الهجيج منذ زمان بعيد ،  يبحثون عن قبور ضائعة، وطن تنهشه الاقدار دونما رحمة.. لكن تشبث الشاعرة بالأمل وبمفردات الجمال يبعدها شيئا فشيء عن الخيبة :

 الخزامه اتطخ بالهيله

لكن ا الرؤى تبقى مسكونة بالتمني لسحر مكانها الأول :

هنياله الطالع من جلده

وصاير بيتج

الاحتفاء بوفاء عبد الرزاق يحمل دلالات كثيبرة لعل في مقدمتها، انصاف المرأة في مجتمعات هيمنت عليها عقلية (الفحل).

 

*شاعر واعلامي من العراق

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1590 الاحد 28 /11 /2010)

 

في المثقف اليوم