تكريمات

شهادات حية: وفاء عبد الرزاق..صوتها كتابة!

ورسوخها كل شيء في ذاكرتي وأنا أفكر بالكتابة عن هذا الكيان الثقافي المتكامل!.

كان ذلك في المغرب حينما رأيتها أول مرة تلقي شعرها بصوتها المخملي بعدما كنت أردده أعواماً بيني وبين نفسي؛ في اللحظات التي فصلت بين تصفيق القاعة ووصولها إلى منبرها/ عرشها؛ تذكرت متى عرفتها واتصلت بها إبداعياً أول مرة، كان ذلك عبر قولها:

لذيذةٌ يدُكِ

ساعة تهشّم زجاجة نعاسٍ في مقلةِ نافذة

وجميلةٌ فراشةُ حضنٍ

تحط على غصنِ غربتي

دونكِ النوافذُ خرساء

ودونك هذا الذي أغلقه حزنٌ ناضجٌ كبكائكِ

 

إن الشعر مُلْك..هكذا قلت بيني وبين نفسي لما مشت وفاء بخطوات ملكة أسطورية إلى المنبر لتقف عليه تعتلى عرشها وتواجه رعيتها.

لحظات الصمت التي سبقت البدء بالشعر..لحظات هيبة واحترام كادت أن تنطق شعراً!...الكل كان ينتظر تلك النخلة العراقية النموذجية بملامحها وصوتها وهيبتها وحضورها، الكل ينتظرها...لست وحدي إذن.

لقد تملكتني وأسرتني بتلك الأمسية..أيضاً..لم أكن وحدي في هذا الشعور..كانت الرعية كلها مأخوذة بتفاصيل تلك المبدعة من إلقاء وصور وصوت وحضور.

وفاء عبد الرزاق؛ القاصة والروائية وكاتبة الأطفال والشاعرة والإنسانة بعمق، وفاء عبد الرزاق (الكتابة وحسب)!.

نعم هي الكتابة فقط..حتى أكاد أقول صوتها يكتب!.

ماذا سأضيف على كل تلك التكريمات والتشريفات التي نالتها هذه العظيمة؟، أي نوع من كتابتها سأتناول؟؛ لقد قيل عنها وبها الكثير وسوف يقال الكثير..الأمر مربك حقاً!، ولكني ـ ضارباً بعرض الحائط بما يعتمده رولان بارت ـ ألوذ بالإنسان فيها وأجنح إليه، الإنسان الذي رأيته بأرقى صوره وكامل بهائه. خطابها ومعاملتها الناس، صغيرهم وكبيرهم، كان ذلك شعراً أيضاً!.

مرت علي سنوات طوال جراء عملي في الصحافة، ازدادت فجيعتي بمبدعين كثر كانت نصوصهم بعيدة كل البعد عن شخصهم، وفاء باختصار..هي ما تكتب من جمال وإنسانية، هي الأم التي تكتب للأطفال، والعاشقة التي تفرد شعر قصيدتها للحبيب، هي المعجونة بالمرارة والأسى الطافح من شعرها الشعبي، وهي القاصة والروائية التي خبرت كل تصاريف الحياة.

أخيراً..وبضربة سيف واحدة..أنا أحترم وأحب وفاء عبدالرزاق، وكل ما تقوم به إبداعياً وإنسانياً. وأفتخر أيما فخر..أنها صديقتي.

 

هاني نديم شاعر  وصحفي سوري

 

...........................

خاص بالمثقف

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (عدد خاص: ملف: تكريم الأديبة وفاء عبد الرزاق، من: 05 / 11 / 2010)

 

 

 

 

في المثقف اليوم