ملف المرأة

المرأة بين المراهقين والواقع: الخيال والحقيقة

الاغتراب التي يعيش منها المثقف العربي، بحيث أنه تحول إلى مجرد موظف في ديوان يخدم الرسالة والخطاب الاستعماريين، أو إلى مجرد لا إبالي وعدمي وغير مكترث بسبب الضغط والتهميش ودور المحاباة وهلم جرا...

و بخصوص موضوعنا عن المر أة الأيروسية، أين هي من الحالة العامة التي نعيش فيها من فلسطين إلى العراق، و من لبنان منارة الحرية، إلى لبنان القائمة على توزع طائفي ومذهبي . ثم يجب أن لا ننسى الوضع في السودان والصومال وما شابه..

في الواقع إن الحالة العامة (أقله الاجتماعية) تضغط على الذكر والأنثى وتساوي بينهما من ناحية الأعباء، ولكنها تفرق قليلا من ناحية الثقافة . فالمجتمعات الإسلامية لا تعترف بامرأة قائدة للعائلة، ودائما للذكر مثل حظ الأنثيين. وكذلك الصورة بين أبناء الطائفة المسيحية .. ليس من الوارد حاليا أن يكون باب الفاتيكان من بين النساء الورعات والمؤمنات . ولم أجد حالة واحدة يكون الواعظ فيها بالكنيسة امرأة.

 

هذا من ناحية الواقع. و لكن من الطرف الآخر، من الناحية اللغوية والفقهية، أقصد فقه اللغة والخطاب، وبعد تجاوز التمارين البلاغية العقيمة التي تشبه نقاش رجال الدين يوم حصار الأستانة : هل الملائكة ذكور أم أناث، أنا أدرك أن هناك مجتمعات أمومية كانت المرأة فيها هي رأس العائلة، ليس لأنها امرأة، ولكن لأنها الحوض الذي يرمز إلى الخصوبة،  والذي ينجب الذكور. ومن هنا أصل الإلهة الأنثى : الفكرة والطقوس.

وأعتقد أن أضابير فرويد تحتفظ لنا بعدد من هذه المفاهيم . فهي تتحدث بشكل صريح عن امرأة قضيبية. وفي نفس الوقت ترسم صورة غامضة لأصل الحياة (أو غريزة الإيروس) وأصل الموت (أو غريزة الثاناتوس). وإن صراعهما المستمر في البنية الواحدة يتسبب بالأمراض وبالشذوذ . ومنها السلوك المنحرف الذي يعبر عنه ماديا المازوشيون والساديون، إلخ...

و لكن يبقى اليوم، بعد أن حسم الصراع (بضغط ظروف الواقع والثورة الصناعية وانتشار أفراد الطبقة البورجوازية الصغيرة) مقهوم المرأة العاملة، التي تنافس الرجل في جميع الميادين، باعتبار أن درجات سلم القيم مصنوعة من حجم العمل الذي نقدمه، وليس من قوانين الاحتمالات وعشوائيتها، وما يقف وراءها من فانتازيا وعواطف وتناقضات.

و لقد بدأت تتسلل إلى ثقافتنا (وهذا جانب أؤكد عليه ويطيب لي أن أسوّقه) مفاهيم طارئة وبديلة، هي نتيجة للاندماج بين المخزون الثقافي غير المكتوب والمتداول وظروف الواقع القهرية التي تنمو تحت مظلة التثاقف وعلاقات الأثر والتأثير بين الحضارات.

و من ذلك على سبيل المثال وليس الحصر : الأم الشريرة، التي قد ترمز إلى مدينة قاسية وبيت بارد وشروط عمل لا ترحم. والأب الطيب الذي ربما يرمز إلى مؤسسة أو قائد أو رب عمل متفهم وما شابه.

و إلى أن نحقق نهضتنا ونأكل مما ننتج ونلبس مما نصنع، لا أعتقد أن المرأة الأيروسية عملة تقبل التداول . إنها صورة تنتشر بين مراهقين بحاجة لمزيد من التدريب للتفريق بين واقع مريض ووهمي ومتعارض مع حاضر أوله منعطف الحرب الخاسرة وتبديد هيبة القوات المسلحة العربية...

 

صالح الرزوق - 2010

...........................

خاص بالمثقف

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (عدد خاص: ملف: ظاهرة الكتابة الايروسية عند المرأة، الثلاثاء 16 - 20/02/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم