ملف المرأة

شاعرات يشعرن بالدونية وليس بالشعر

في نمط محدد وافضل من تأليهه حد التطرف وذلك مايفعله بعض الشعراء . لذلك في الشعر يجوز كل شيء بحسب من ينظمه،  أما المتلقي فله رأي آخر إن حاد الشاعر عن غايته ووظف شعره لامتهانه او امتهان الاخر .

شاعرات عربيات واخريات عراقيات سرت بيهن العدوى على ما يبدو في كتابة قصائد  غزل اباحي  تستعرض فيها الشاعرة جسدها ومفاتنها ورغباتها ومكنونات روحها بكلمات مباشرة وصريحة مجسدة بذلك صورة خالية  تماما من حياء المرأة وخفرها المزين دوما لروحها مذ خلقت،  وداعية الى صورة مكشوفة الملامح والاهداف لشد الانتباه والتميز بقالب لا يدعو سوى للاثارة وتحريك مابعد الحواس في غير أوانه . ولا يدل ذلك الا على كبت ٍ ُتنفِس عنه الشاعرة بكلمات تخدش الحياء غير مبررة ولا تخدم  موضوع الشعر وهذه حالة باتت منتشرة بين مواقع الانترنت المختصة بالشعر . فإن كان مثل تلك الشاعرات يسعين الى الشهرة السريعة وهن في بداية مشوارهن بهذا المنهج،  فالاستغراب الاكبر ينصب على شعراء كبار ومعروفين بابداعهم على مر سنين طوال، ُتنشر قصائدهم الغزلية مع صور فاضحة جدا على بعض المواقع لتأطير الكلمة بالصورة لمزيد من الاثارة المفتعلة .

يحتاج الامر الى دراسة تخصصية نفسية لمناقشة حاجة المرأة الشاعرة الى كل هذا  الكم من البوح عن مشاعرها في شعرها .... لكني سأطرح الامر من وجهة نظري وتجربتي المتواضعة في كتابة النصوص النثرية ودخولي عالم الادب والثقافة منذ ثلاث سنوات وما شهدته من احداث غيرت من نظرتي لنفسي وللاخرين ....فقد بات جليا لي بأن المرأة تزداد دونية في اختيارها كلما زادت فسحة حريتها ، مع تحفظي على كلمة دونية وسوء استخدامها ، فالدونية لم تعد مرتبة  توضع المرأة فيها بل هو اختيار المرأة لنفسها حتى صارت مسؤولة الى درجة كبيرة عن ذلك لانها تقلد الرجل بشكل اعمى ولا ترسم لنفسها ملامح تليق بها وبامكاناتها  وبذلك تقدم للرجل فرص من التنازلات على طبق من ذهب  ليتهمها بسوء استخدام حريتها المكتسبة آخر المطاف .

ولكي نبقى في صلب الموضوع ، أتساءل كيف تعتبر الشاعرة وصفها الفاضح والصريح لشهوتها وحاجاتها الجنسية حرية تعبير؟

إن ذلك يعد احدى الطرق السهلة لاستمالة مشاعر الرجال أما لقراءة شعرها وبالتالي تسويق نفسها وبأسرع الطرق كشاعرة ثائرة على المألوف أو لتقريبهم منها لغرض اشباع الانا غير المستقرة على ما يبدو لانها تحتاج الى طرق عنيفة في التعبير لسد حاجاتها المكبوتة سلفا وبالتالي تسويق جسدها هذه المرة .

ان المرأة بفطرتها ميالة الى كتم اسرار انوثتها ومشاعرها ورغباتها وذلك ما كان دوما مصدر جذب جميل للطرف الاخر، فان كانت المرأة شاعرة رفعت عنها بعضا من تلك الاسرار وقاسمتها الجمهور ومزجت بتحذلق بين الشخصي والعام لتخلط الاوراق كي يضيع القاريء بالصور الشعرية الجميلة غير مبال ان كان من واقع الشاعرة ام من خيالها  فلا يعد يطالبها بتفسير .

أما حين تنشر شهوتها ورغباتها الشخصية كما تنشر غسيلها غير مبالية برياح عاصفة او مغبرة تحمل معها كل شيء وقد تلوث غسيلها ، عندئذ سيطالبها من يقرأ شعرها بعد أن تستفز غريزته أن تكمل ما بدأت به لأنها المسؤولة عن تحريك شهواته في غير وقتها .

لذلك سيراسلها الكثيرون وسيلاحقونها بشتى الوسائل ودون كلل لطلب المزيد مما تجود به امرأة كريمة معهم دون تحفظ ومختلفة التوجه عن السائد من السلوك الانثوي .

الشاعرات الايروسيات يجهلن تماما بأنهن يقيدن حريتنا أكثر نحن بنات جلدتهن، فأنا شخصيا -وبالتأكيد مثلي الكثيرات - اصبحت ُ أتقيد في اختيار الكلمات في كتابة النصوص النثرية بالذات، كي لا أدخل ضمن هذا التصنيف من الشاعرات وأحسب ُ حسابات كثيرة لما أعبر عنه كي لا يثير غرائز وشهوات الرجال المفتوحة قريحتها اصلا بسبب الاثارة المجانية والرخيصة في التلفزيون والنت .

أود التذكير هنا بأن الشاعرات العراقيات بالاخص والعربيات على وجه العموم اللواتي اشتهرن بشعرهن الجميل لم يكنّ بحاجة الى وصف اجسادهن او شهواتهن لكي يوصلن مشاعرهن ومكنوناتهن بل اخترقن وجداننا بما هو راق ٍ وسام ٍ يرتفع بالمرأة الى درجات اعلى من حرية حقيقية بخلاف ما تفعله الشاعرات المسميات بالايروسيات المحدثات حين تبدأ احداهن من اعلى زر في قميصها ولا تنتهي الا في الجوارب  وصفا وتشريحا وتفصيلا!

 

إن الشعر روح وجسد ... هو ليس أمرأة مثيرة ولا رجلا شهوانيا ، انه كائن اسطوري يعبر الازمان والاماكن والشخوص ، يصعب عليه قبول الاطر المشروخة الصورة والمهزوزة المعنى أوتقييده بعمل غير شرعي ولأغراض اكثر لاشرعية . فلايمكن التزاوج بين الشاعرة والشعر او بين الشاعر والقصيدة الا اذا كان الهدف ولادة غاية سامية ترتقي بهم اولا وبنا ثانيا .....حينها سنبارك للجميع .

 

[email protected]

 

...........................

خاص بالمثقف

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (عدد خاص: ملف: ظاهرة الكتابة الايروسية عند المرأة، الثلاثاء 16 - 20/02/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم