ملف المرأة

ظاهرة الكتابة الأيروسية عند المرأة: أهي ضجة مفتعلة؟ (ق2)

 في حالةِ غيابِ الرقيبِ القانوني يُترَكُ الأمرُ للذوقِ العام للمجتمعِ الذي تنشأ فيه هذه الكتابات. الحسَّ الفنيُّ والثقافةُ الفنيَّةُ للفردِ القارئ ِ، في الكثيرِ من الأحيان، هي التي تقوده ليتحسَّسَِ الفرقَ بالتذوق .

 لنأخذ العُري على سبيلِ المثال، هناك العُري في الفنِّ الراقي وهناك العُري في الصوَرِ الإباحيةِ التي تتَّصِفُ، بعُرفِ الكثيرين، بالبذاءةِ والانحطاط .

فاللوحاتُ الفنيَّةُ لمشاهيرِ الرسامين تُظهِرُ الجَسَدَ البَشَري بأحلى صوَرِه وخاصَّةً جَسَدَ المرأة، هذا الجَسَدُ الذي أبدَعَ الخالِقُ في صُنعِهِ يُصَوِّرُهُ الرسّامُ ويُضيفُ لهُ إبداعَهُ. الرسّامون الإنطباعِيّون، وعلى رأسِهِم رينوار، رَسَموا العديدَ من اللوحاتِ لأجسادِ نساءٍ عارياتٍ وما زالت هذه اللوحاتُ ليومِنا هذا تُعتَبَرُ من الفنِّ الرفيع . والمثالُ الآخرهو بروزُ الجسدِ العاري في أعمالِ الفنان مايكل انجيلو كما في تصويرِه قصَّةَ سَفَر التكوينِ في العهدِ القديمِ على سقفِ كنيسةِ سيستاين ولوحةِ يوم القيامة في مذبَحِ كنيسة سيستاين في روما . ويرجعُ مايكل انجيلو في فنِّه مرجعاً دينياً مع تأثيراتٍ لأفكار تدورُ حولَ النيوبلاتونيسم، او الأفلاطونية الحديثة، وهي أفكارٌ فلسفيةٌ تَجمَعُ بينَ الأفكارِ الأفلاطونيةِ والمسيحيةِ واليهوديةِ وتدورُ حَولَ فلسفةٍ تعتَبِرُ أنَّ الجَسَدَ هو مخزَنُ الروِح التي تتوقُ للعودة إلى خالقِها. وأعمالُ أنجيلو تصوِّر جماليَّةَ الجَسَدِ الذكوريِّ، وهي رغمَ كشفِها عن أجزاء كثيرةٍ من الجَسَدِ إلا أنَّها لا تتجاوزُ إلى التصويرِ الكرافيكي للجَسَدِ في أوضاعٍ جنسيَّةٍ مفَصَّلةٍ . وهذا مايجعلُها لوحةٌ فنيَّةٌ رفيعةٌ فوقَ الإبتذال رغمَ أنَّها أثارَت ضجَّةً وجَدَلاً في القرن السادس عشر . إلا أنَّ بعضَ المحللين يفسِّرون أعمالَه ووَلََعَهُ بالجَسَدِ الذكوري على أنَّها مزيجٌ بينَ الأفلاطونيةِ الحديثة واشتهاءِ المِثلِ الذكوري استشهاداً بما كتَبَه من الشِعر، ومثالُ ذلك ما كتَبَهُ في رثاء شاب كان قد توفّي وهو في السادسة عشرة من العمر بعد فترةٍ وجيزةٍ من تَعَرُّفِه عليه.

 وفيه يقول:

"الجسدُ الآنَ في الثرى وهنا عظامي

محرومٌ من العيونِِ الجميلةِ و المظهرِ الرشيق

مازلتُ مخلِصاً له من كان نِعمَتي في السرير

ذلكِ الذي أحببتُ، والذي روحي اليوم تسكنُ فيه."

 

كما في الفنِّ، كذلك في الأدب، هناك التلميحُ الذي يوحي للقارئ برسمِ الصورةِ في خيالهِ وبذا يحافظُ النصُّ على رومانسيّتِه، أما إن تجاوزَ التلميَح الى القولِ المباشرِ والصريح بالتفصيلِ الكرافيكي حيث لا يُبقِي للقاريِ مجالاً للخيال فإنّ النصَّ يفقدُ الفنيّة وقد يتحولُ إلى البذاءة إن هو تجاوزَ حدّا معيّناً.

 

في معظمِ المجتمعاتِ ــ وحتى الغربية منها التي تبيحُ كلَّ القراءات ــ المثلُ الجاري هو:

 "قل لي ماذا تقرأ، أقل لك من أنت."

 المعتقد السائد هو أنَّ قرّاء البورنوغرافي والروايات الأيروسية هم من الطبقة الأقل ثقافةً أو من المراهقين. إلا أن دخول الإنترنيت وتوفُّر ماهو أيروسي فيها كشف أن متصفحي البورنوغرافي ينتمون الى طبقات تتعدى طبقة الفقراء وذوي الثقافة المتواضعة.

ولكن ما زالت الفكرة ُ قائمةً أنَّ قراءة الايروسية لاتدلُّ على ثقافةٍ عالية.

 

 مثلاً في إحدى المسرحيات (الأمريكية) يقوُل الأب "ابنتي الصغرى تقرأ (فاني هيل) وابنتي الكبرى تقرأ سارتر " وذلك لتبيان الفرق بين مستويهما الفكري . وفي مسرحيةٍ أخرى حين تتعَرَّضُ الفتاة الى إشاعاتٍ عن سوءِ سلوكِها تدافعُ عن نفسها بالقول : " أنا لا أقرأ فاني هيل."

وفاني هيل هي من أشهر الروايات الأيروسية في أوربا وقد مُنع نشرُها في القرن الثامن عشر وما بعد، ولكنها كانت تتداول في السر، وهي تروي المغامراتِ الجنسيةِ لفتاةٍ تُدعى فاني هيل.

 وفي أحد الأفلام يحذر الأب ابنته من الشباب وما قد يحدث بينهم فتقول له ابنته: "هذا الزمن ليس زمنكم فكل شيء قد تغير "، فيرد الأب عليها : " فاني هِل * كتبت قبل قرنين من قراءتنا لها ولكن لم يختلف الأمرُ كثيرا حين قرأناها ونحن مراهقين عمّا كان عليه الأمرُ حينما كُتِبَت الرواية."

 

وفي المجتمعِ العربيِّ قد نتساءلُ ألا يوجد مثلُ هذه الكتب؟ أو هل توجد ترجمات لرواياتٍ مثل هذه الرواية؟ نعم إنها موجودةٌ و المراهِقون والمراهِقات يقرأونها. وأنا لا أقولُ ذلك تخميناً ولكنّي أذكُرُ ــ قبل سنينٍ طوال ــ أن هذا الكتابَ جاءت به إحدى الفتيات للمدرسة وتلاقفتهُ الفتياتُ الأخريات أثناء الفرصةِ بين الحصصِ الدراسية. وحين تَعالت الضحكاتُ وشهقاتُ التعجُّب صادَرَتهُ إحدى المدرِّسات. وربما أخَذَتهُ الى بيتِها وقرأتهُ من الغلافِ للغلاف.

 

والسؤال الآخر: هل تعني قراءة ُهذا الكتاب الرذيلةَ والفسوق؟ ربما بقدر مايعني ارتداء الحجاب الفضيلة.

حكمتي الشخصية تقول: ضع أمامي كلَّ أنواعِ الطعام وأنا لن أتناول إلا مايروقُ لذائقتي.

 

 هناك ملاحظةٌ مُهمَّةٌ عن الرواياتِ الأيروسيةِ وهي أنها غالباً ما تُروى على لسانِ إمرأة. فمثلاً رواية فاني هيل هي عن لسانِ الفتاةِ وهي تتحدث عن مغامراتِها رغم أنَّ كاتبَها رجلٌ. كما أنَّ معظمَ الرواياتِ الرومانسية الأيروسية التي يتمُّ التسويقُ لها بوصفِها ضمنَ "الأيروتيكا" الراوي فيها عادة إمرأة، و الكثيرُ من كُتّابِ الايروتيكا في الولاياتِ المتحدة هم من النساء. وهذا ينفي القولَ أن المرأَة تلجأ لهذا النوعِ من الكتابةِ بسبب الحرمان. قد يكون هذا هو الحالُ مع المرأة في البلدانِ العربيةِ، ولكن كم هو عدد هن ؟ فهل هؤلاء المعدودات على أصابعِ اليدِ هنَّ وحدهنَّ يعانينَ الحرمانِ الجنسي؟ قد يكون البحثُ عن هكذا كتاباتٍ نتيجةً للحرمان ما لم يكن نابعاً عن حُبِّ الاستطلاع، أما كتابتها فليس هناك دليل ٌعلى أنَّها نابعة ًعن الحرمان.

 

أما الهجومُ على المرأةِ التي تكتبُ الأيروتيكا فهذا إرثٌ اجتماعيٌ في الشرقِ بصورةٍ عامة، والبلادِ العربيةِ بصورةٍ خاصة . فالرجلُ الشرقي يحلمُ بالحبّ ويبحثُ عنه لدى كلِّ امرأة تملكُ مسحةً ًجمالية، وكذلك هو في بحثٍ دائمٍ عن الجنس ــ وبالطبع لايتحققُ له الجنس إلا بمشاركةِ المرأة ... ولكنها حين تستجيبُ له تسقطُ في نظرِه، لماذا؟ ألا يدلُّ ذلك على أنه لا يرى نفسَه مستحقا حبها؟ او أكثرَ من ذلك اشتهاءها له؟ فكأنها بحبِّها له قد أسقطت من قدرِ نفسِها لأنها نزلت الى مستوى أن تحبَّه!!! ألا يدعو هذا الموقفُ للعجب؟ وماذا لو أنَّ المرأة هي التي تدعوه؟ أليس من المنطقِِ أن يكونََ ذلك مدعاةً لسرورِه؟ أليست هي الطبيعة أن يرغبَ الرجلُ بالمرأةِ والمرأةُ بالرجل؟

 لو توقّفَ الرجلُ لحظةً وراجَعَ مفهومَهُ الخاطئ هذا لما تساءلنا عن حقِّ وحريَّةِ المرأةِ في الكتابة كما يكتبُ الرجلُ وفي التعبيرٍ عن رغبتها فيه، ولاقتصرنا على بحثِ فنيّةِ النصِ الأيروسي وارتقاءه الى مستوى يؤهله أن يكون في عداد المنتج الأدبي، بغضِّ النظر عن جنسِ الكاتب.

 البعضُ ممَّن يهاجمون المرأةَ الكاتبة للأيروسية ويتَّهِمونها بالفسوقِ ويعلنونَ خوفَهم وقلقَهم على أخلاقيَّةِ المجتمعِ يجعلونني أتساءل:

 مالذي يُفسِدُ الأخلاق؟ كتابةُ النصِّ الأيروسي أم قراءتُه؟

وحين يصِفونَ الكاتبةَ بالفسوق، هل فسوقُها ــ بنظرِهم ــ هو السببَُ لكتابَتٍها الأيروسية؟ أم هل هو نتيجةً لتلك الكتابة؟

 

 من هؤلاءِ من يكتُبُ المقالاتِ "النقدية" مقتَطِفاً مقاطعاً من النصِّ الأيروسي ــ وكأنه يتلذَّذ بها ــ يكون قد قرأ النصَّ ثمَّ ساهَمَ بنشرِه. وبهذا يكون قد اتَّهّم نفسَه بالفسوقِ لأنَّه ارتكَبَ الإثمين، فقد قرأ النصَّ وكتَبَ ضمنَ مقالتِه تعبيراتٍ أيروسية، ولا فرقَ إن كان قد كَتَبَها من بناتِ أفكارِهِ أم ردَّدَها نقلا عن غيره. أما إن كان يدّعي أنَّ قراءتَهُ لهذا النصِّ لم تؤثرعلى اخلاقيَّتِهِ، ًفلماذا إذاً يفترِضُ أنِّ قراءة االآخرينَ له تؤثر على أخلاقيتِهِم؟ أهو فوقَ الأخرين؟ أم هو يفتَرِضُ أنَّ له من متانةِ الأخلاقِ مايقيهِ شّرَّ الفسوقِ وأنِّ الآخرين يفتقِدونَ تلك المتانةَ التي يمتلِكُها؟

الأسئلةُ الأخرى:

هل تكتب المرأة الايروتيكا لتقول أنا هنا؟

هل تكتبُ طلباً لمن يشاركُها علاقةً جنسية؟

هل تكتبُ تحدِّياً لتقولَ أكتبُ ما دامَ بإمكاني ذلك؟

هل تكتبُ من منطلقِ "خالف تعرف" ؟

أم هل تكتبُ بهدفِ التسويقِ لما تكتبه؟

ربَّما... وربَّما ... وربَّما ...، ولكن كيف لنا أن نتحَرّى عن دوافِعَ أيٍٍّ منهنَّ؟ وهل يعرفُ دوافعَ الأنسانِ إلا هو نفسُه؟ كيف لنا أن ندخلَ ضميرَ الكاتبةِ ونقرِّرَ دوافِعَها؟ ثمَّ لو عرفنا، فرضاً، دوافِعَ إحداهن، كيف لنا أن نُعَمِّمَ ذلك على غيرِها من الكاتبات؟

 

إن كان لنا الحقُّ أن نسألَ هذه الكاتبةَ بالذات، أعني كاتبةَ الأيروتيكا، فما الذي يمنعُنا من السؤالِ عن دوافعِ أيَّ كاتِبةٍ أخرى ممن لايكتبنَ الأيروتيكا؟ وما الذي يمنعُنا من أن نسألَ أيَّ كاتِبٍ نفسَ الأسئلةِ سواءً كتبَ الأيروتيكا أم غيرَها؟ أكُلُّ مايكتبُ الأديبُ هو تعبيرٌ عن نفسِه ورغباتِه؟ لو كان ذلك حقيقةً لما تنوَّعَت كتاباتُ أيِّ أديبٍ، ولحُجِّمت كتاباتُه بحجمِ ذاتِه وحدودِها ومحدودِيَّتِها.

 حين كتب نِزار قباّني بلسانِِ امرأة، هل كان يشعرُ في قرارةِ نفسه أنه امرأة؟ أو هل تحوَّلَ إلى امرأةٍ نتيجةَ ذلك؟ حين كتبتُ أنا عن لسانِ رجلٍ قيلَ لي : كيفَ تكتبينَ هكذا وأنتِ امرأة؟ قلتُ أفضلُ الشعراء هو من بإمكانِه تصويرَ مشاعرَ غيرهِ وكأنّها له. مشكلة القارئ العربي أنه لا يستطيعُ الفصل بين شخصيةِ الكاتبِ وما يكتبُه هذا الكاتب. لا يُنكَرُ إنّنا نكشفُ بعضاً من ذواتِنا من خلالِ كتاباتِنا، ولكن ليس كلُّ مايكتبهَ الكاتبُ في نصوصهِ الأدبية نابعاً من تجربةٍ شخصية.

 

كلُّ كاتبةٍ تختارُ نَمَطَ كتابَتِها لأسبابٍ هي وحدها تقرِّرُها ولأهدافٍ هي وحدَها تتوقُ إلى تحقيقِها .. وماعلينا نحن إلا أن نختارَ مانقرأ ونقررَ إن كان مايُكتبُ موافقاً لأذواقنا ومنسجماً مع مبادئنا واعتقاداتنا ..

وما لم يجد سوقاً تستقبلهُ يموتُ في مهدِه، أما إن وجد قرّاءه ووجدَ السوقَ الرائجةَ له فهذا يعني أنَّ البيئةَ مهيئةٌ له ولن يُجدِي الكلامُ والنفاقُ نفعاً.

 

باعتقادي أنَّ أيَّ موجةٍ جديدةٍ تعيشُ وتنمو في المناخِ المُلائمِ وتموتُ ان لم تُعطى أهميةً تزيدُ عن قدرِها.،

وبكلِّ بساطةٍ، الموضوعُ لايستحقُّ الضجَّةَ التي يحاولُ البعضُ إثارتَها حولَه.، ولا يمكنُ النظر الى النصوصِ المتَّسِمةِ بالأيروسية التي بدأت بكتابتِها بعضُ الكاتباتِ كظاهرة، لأن الظاهرةَ هي مايعِمُّ وينتشرُ ولا أرى العددَ المحدودَ لمن يكتبنَ أيروسياً يشكِّلُ نسبةً تُذكرُ مُقارنةً بعددِ الكاتباتِ عموماً في البلاِد العربية. أما في الولاياتِ المتحدة فمعظمُ كاتباتِ الروايةِ الأيروسية هنَّ من النساءِ وهذه ليست بالظاهرةِ الحديثة. ولو قارنّا ماتكتبُهُ المرأةُ العربيةُ في هذا المضمارِ مع ما تكتبُهُ المرأةُ في الغرب لما عادَلَ ذلك قطرةً في بحر. كما لو حاولتْ الكاتبةُ العربيةُ نشرَ ماتكتبُهُ من أيروتيكا في الغرب لما وجَدً سوقاً له لأنه لايشبِعُ رغبةَ من يبحثُ عن الإثارةِ الجنسيةِ ولن يُرضِي ذوقَ الباحثِ عن الأدبِ الأنساني.

 

 الكتابةُ الأيروسيةُ يمكنُ دراستَها من نواحٍ عديدة: سايكولوجية، اجتماعية، دينية، أدبية، اخلاقية، الخ.. وليس بإمكانِِ غيرِ المُتَخَصِّصِ أن يأتي بدراسةٍ وافية ٍعن الموضوعِ في مقالٍة، أو ما يُسَمّى جزافاً مقالاً من مجموعةِ الآراءِ الشخصية التي يتبرَّعُ بها أصحابُها مِمَّن يكتبون في كلِّ شيءٍ وعن كلِّ شيء. المكتباتُ العامةُ الغربيةُ بضمنِها المكتباتُ الجامعيةُ عامرةً بدراساتٍ عن هذا النوع من الأدب. وتجدرُ الاشارةُ هنا الى وجودِ مؤلَّفٍ في هذا الموضوع وهو عبارة عن مجموعة من الكتابات في الأدب الايروسي (540 قطعة من الرواية والشعر والقصة القصيرة) من انحاء العالم ومختلفِ اللغات، مع مقالاتٍ ودراساتٍ فيها، جَمَعَها أستاذان للأدب الفرنسي (Gaétan Brulotte, John Phillips) في كتاب بعنوان "انسيكلوبيديا الأدب الأيروسي" وهو باللغة الانجليزية ونشر في نيويورك. ويذكرُ المؤلفان أنَّ معظمَ الدراساتِ التي قدَّمَها أساتذة وباحتون من أنحاءِ العالم هي عن الأدبِ الأيروسي الفرنسي الذي له أكبرَ مساهمةٍ في هذا النوعِ من الأدب. وأوّدُ هنا أن أذكرَ، لدهشة القارئ العربي، أن مكتبةَ إحدى الجامعاتِ الدينية في المانيا تضم في مكتبتها هذا الكتاب وهي:

Univ Bibl Johann Christian Senckenberg

Frankfurt, 60325 Germany

 

وأخيرأ وقبلَ أن أنهيَ سطوري، أترُك القارئ َمع أبياتِ شعرٍ للشاعِر الإنجليزي الشهير " لورد بايرون" الذي كان الآباءُ في عصرِهِ يحرِّمونَ على فتياتِهم قراءةَ أشعارِه خوفاً على أخلاقِهِنَّ من الفساد :

 

"هل لي أن أنسى ... وهل لكِ أن تنسي

حينما كنتُ أداعبُ شعرَك الذهبي

كيفَ كانَ خفقانُ قلبِك يُسرٍع

أه، أقسِمُ بروحِي أنني مازلتُ أراكِ

بعينيكِ الناعِستينِ ونهدكِ الجميل

وشفتين رغمَ الصمت فيهما تهمسان بالحب

 

وحين ارتميتِ على صَدري

وتلك العينان تلقيان نظرَةً حلوةً

نصف ناهرةٍ ولكنها أشعلت الرغبة

وتعانقنا بشِدّةٍ فأشَدّ

وحين التقت شِفاهُنا المتأجِّجة

 كأنّنا في القُبلةِ قد قُضينا."

 

هذه الأبيات تعتبر رومانسية في وقتنا الحاضر ولا غبار عليها لأنها وردت عن لسان رجل وكتبت من قبل رجل..

 

سأعيد كتابتها الآن بلسان الحبية:

-----------------

هل لي أن أنسى .. وهل لكَ أن تنسى

حين كنتَ تداعبُ شعريَ الذهبي

وكيف كان خفقانُ قلبي يسرع

آه، أقسمُ بروحي إنني مازلت أراكَ

وانتَ تنظر لعينيَّ الناعستين ونهدي الجميل

وشفتاي رغم الصمت فيهما تهمسان الحبَّ لكَ

 

وحين ارتميتُ على صدرِكَ

والقت عيناي نظرةً حلوةً اليكَ

نصفَ مُتَمَنِّعةٍ لكنها أشعلت الرغبة

فتعانقنا بشدّةٍ فأشد..

وحين التقت شفاهُنا المتأجِّجة

كأنّنا في القُبلةِ قد قُضينا."

-------------

 

ما الفرقُ بينَ هذه وتلك؟ وماذا لو أن أمرأةً كتبت هذا ؟

ربما سيمنع الآباءُ ابناءَهم وليس فقط بناتَهم من قراءتِها .. وسيكون الحُكمُ لا على محتوى النصِّ وإنَّما على شخصِِ الكاتبة..ما بين منافقٍ، ومتقرِّبٍ لها، ومعادٍ لها، وعلى أفضل تقدير محلِّلٍ نفساني لدوافِعِها!

 

هذا كل ما لدي حول الموضوع،وقد كتبتُه بناءً على دعوةِ "المثقف" للمساهمةِ في ملف " ظاهرة الكتابة الأيروسية عند المرأة."

 

حرير و ذهب (إنعام)

الولايات المتحدة

http://goldenpoems.wetpaint.com

February 6, 2010

 

..........................

*(1) .. الأدب الأيروسي : نسبة الى الإله أيروس، اله الحب والخصوبة لدى الأغريق، وهو الأدب الذي يتطرق الى الجنس ويبعث على الإثارة الجنسية. وكذلك يسمى الأدب الأيروتيكي أو "أيروتيكا" كما تصنف الروايات او الصور والأفلام التي تتخذ الأيروسية ثيمة لها.

 *(2) المقتطفات من أغنية سليمان أقتطفتها وترجمتها عن (The Song of Songs)

بالأنجليزية المترجمة عن اللاتينية والتي بدورها مترجمة عن الأصل بالعبرية.

...........................

خاص بالمثقف

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (عدد خاص: ملف: ظاهرة الكتابة الايروسية عند المرأة، الثلاثاء 16 - 20/02/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم