ملف المرأة

موضة جديدة من مشايخ "عراعيرية" تعري اجسام النساء / زكية خيرهم الشنقيطي

 

1- كيف تقيمين انجازات المرأة في العالم العربي؟

لعبت المرأة في العالم العربي دورا مهما للارتقاء بنفسها والخروج بها من الظلام إلى النور، كما لعبت أدوارا مهمة على الساحة الدولية وهناك نماذج كثيرة برزن من خلال انجازاتهن ونشاطاتهن في مجالات متنوعة.

في المغرب حققت المرأة انجازات في عدة مجالات، في الرياضة كانت أول عربية تحرز على ميدالية اولمبية في العدو الريفي، وأول أمرأة عربية تنتخب لتصبح عضوة في اللجنة الأولمبية الدولية وبشرى البرنوصي أول ربانة طائرة عربية ومريم شديد أول عربية عالمة فضاء تصل القطب الجنوبي إلى جنب عمالقة ومحتكري غزو الفضاء الفرنسيين والأمريكيين والاستراليين وترفع العلم المغربي هناك. وعائشة المكي التي شاركت في المباراة الدولية للطيران سنة 1956، وهي المسابقة التي حصلت فيها على الجائزة الأولى ورفعت فيها راية المغرب خفاقة. فأول قاضية في العالم العربي هي الأستاذة المغربية سلوى الفاسي الفهري التي تولت كرسي القضاء في المحاكم الإدارية. وأول امرأتين في العالم العربي تقرران الذهاب إلى إسرائيل للقيام بعميلة فدائية، وهما الشقيقتان المغربيتان نادية وغيثة برادلي قبل أن تكشفهما سلطات الاحتلال وتعتقلهما في تل أبيب. ورجاء المكاوي التي ألقت درسا أمام الملك محمد السادس بعنوان"كونية نظام الاسرة في عالم متعدد الخصوصيات"، ونساء أخريات وعالمات في مجال الدين يعتلين المنبر أمام جلالته ويتحدثن عن التاريخ والحضارة الإسلامية . لم يكن صوتهن عورة ولم يكنّ خياما متحركة. وهناك امرأة تقتحم عالم رجال المطافئ وأخرى تنضم إلى الهيئة العالمية لتنمية النيازك. وكنزة اليزناسي كانت العربية الوحيدة المشاركة في قافلة الحرية واستشهدت اثناء مهاجمة اسرائيل للأسطول. صفية لعنان وزيرة الثقافة ببلجيكا ورئيسة الثقافة والاعلام في الاتحاد الأوروبي. المرأة المغربية في الجيش حاضرة وهي أول سائقة قطار في العالم العربي. وفي عالم الأدب الرائدة المشرقة الكاتبة العالمية فاطمة المرنيسي وفي ميدان السينما ايمان كروان التي اقتحمت سينيما بوليود وفي عالم الاقتصاد هند بوهيا أقوى 29 امرأة في العالم لعام 2008 وأضا في مجال سباق السيارات وهناك الكثيرات اللواتي لم أذكرهن..

في السعودية رغم التحجيم والتقزيم للمرأة فهي تتفتح أكثر عن العالم بطموحاتها التي تخترق القيود والقضبان وتحصد الجوائز. وبرزت كاتبات جريئات يطرحن في كتاباتهن موضوع المرأة السعودية من زواج ومهور وسفر وترحال. أثارت مواضيعهن جدلا كبيرا في النقد لما طرحنه من مواضيع تعرّي حقيقة التّخلف الذي لا يزال يتخبط فيه المجتمع السعودي. ومن أبرز هؤلاء الكاتبات وجيهة الحويدر وهدى المعجل وسحر الرملاوي ونجوى هاشم وهيام المفلح، ومنال الشريف وانتصار العقيل، وندى سلطان وشريفة الثملان، وفاطمة العتيبي، وفوزية بكر ونبيلة محجوب وثورة السعد.

وفي الإمارات بعدما كانت نسبة الأمية عند النساء خمسة وثمانين في المئة، إلا أن التعليم مكّن المرأة الإماراتية من دخول الحياة العملية في مختلف الاختصاصات والمناصب وفي القطاعين العام والخاص على السواء، وتعتبر المرأة الإماراتية أوّل برلمانية في الخليج حيث بلغ معدّل النساء في المجلس الوطني الاتحادي ثلاثة وعشرين في المئة ، كما تربّعت في عالم المال والأعمال. لكن تبقى انجازات المرأة في العالم العربي متفاوتة بين دولة عربية وأخرى. ففي الكويت مثلا بقيت المرأة محرومة من حق التصويت والترشيح إلى 2005 . وفشلت أن تدخل البرلمان، لكن في عام 2009   اكتسحن الأصوات وفزن فوزا ساحقا غير متوقع. وبطبيعة الحال فهن يواجهن عراقل ويحاربن من طرف السلطة الذكورية لبعض السياسيين المستبدين ذووا العقول المتحجرة، أحدهم أقسم ألا تدخل المرأة البرلمان إلا على جثته، وأخر اتهم احداهن بازدواجية الجنسية.

العراق كانت رائدة الدول العربية لثقافة شعبها العالية ولنضال شعبها عبر التاريخ . فيها النساء الشاعرات والعالمات وفي مجال الطب والعلوم ورائدات في مجال السياسة ، لكن بعد الغزو الأمريكي للعراق رافعا لها لواء الديموقراطية جالبا لها وابلا من الانتهاكات الإنسانية، أصبح وضع المرأة العراقية مزريا في كلّ المجالات، فهي الآن تعاني من تحدّ الاحتلال والأمراض والفقر وظلم المجتمع عليها. اصبح الرجل يتزوج أكثر من امرأة بذريعة انه كثر عدد الأرامل ليحل المشكلة ب"بذكورته" عوض استعمال العقل وانشاء مؤسسات انسانية نسائية ليشقن طريقهن في العلم والعمل والعيش بكرامة. لكنّ النساء في البرلمان العراقي يبدو أنهن بعيدات عن تحدي الصراعات الحقيقية التي تواجهها المرأة العراقية واصبحن يتأرجحن بين تيار الدستور الديني والدستور العلماني، كما أن الإسلاميات والعلمانيات في البرلمان ما هن إلا ممثلات لأحزاب تصنع المشهد السياسي العراقي.

في مصر ناضلت المرأة في تاريخ الثورات منذ 1798 ووقفت في احتجاج شعبي ضد الظلم العثماني كما خرجت في مشاركة تاريخية بقيادة السيدة صفية زغلول في ثورة 1919 وفي 1951 قامت بإعداد فرقة شبه عسكرية من النساء المصريات للمقاومة ضد الجيش البريطاني وسقطت أول شهيدة مصرية "شفيقة محمد" برصاص الانجليز . نساء كثيرا ناضلن من الأسماء اللامعة هدى الشعراوي وفكرية حسن و استر فهمي وواصف برلنتي وبهيرة فتحي باشا وعنايات سلطان وغيرهن كثيرات. ولا ننسى نوال السعداوي الرائدة والكاتبة والمفكّرة الكبيرة التي انجزت علما وفكرا وثقافة نسائية، تعلمنا على يدها بفضل كتاباتها والكثيرات من الفتيات والنساء في العالم العربي والاسلامي يقرأن لها وتأثرن بها وتعلمن الكثير منها وأنا واحدة من النساء التي كنت أقرأ لها منذ سن الخامسة عشر من عمري وكانت نوال السعداوي ولا تزال المرأة التي احلم أن أخطو خطواتها وأناضل نضالها أنا والآلاف من النساء العربيات.

إن المرأة المصرية لا تزال تناضل حتى اليوم وشاهدنا في 25 يناير نساء كثيرات نزلت إلى ساحة الميدان بجانب الرجل ولاقين عنفا وانتهاكات في الميدان من طرف العسكر الذي مارس كل أنواع العنف عليها مساويا لها بالرجل في الضرب والتكسير. ورغم ذلك فالمرأة المصرية تعي جيدا الوضع الراهن في مصر الذي انبثق فيه ظاهرة التمييز والطائفية إلا أنها ومعها الملايين من الشباب المصري الواعي الراقي الذين يعتبرون شمعة منيرة في طريق الأمل لكي ترجع مصر أم الدنيا كما كانت وأفضل..

في الجزائر يعتبر نضال المرأة أيضا سلسلة صراع عبر التاريخ، وكان حافلا بالتضحيات والانجازات تحت الاستعمار الفرنسي الذي صدمته المقاومة الجزائرية فاطمة نسومر وابهرته بشجاعتها وصمودها في وجهه. وكانت المرأة الجزائرية في قيادة المقاومة كالرجل، وقهرت أعلى الرتب في الجيش الفرنسي ولقنتهم دروسا في البطولة والفروسية وكانت بمثابة الحصن الحصين الذي تحطمت عليه كلّ مخططات المستعمر. أطلق عليها المؤرخ الفرنسي لوي مايسينيون لقب "جان دارك جرجرة" تشبها لها بالبطلة القومية "جان دارك" ، كما أطلق اسمها على جمعيات نسوية وألقت حولها أعمالا أدبية وفنية واطلقت الجزائر اسم فاطمة نسومر على إحدى بواخرها العملاقة المعدة في اليابان تخليدا لذكراها. إن المرأة الجزائرية حاضرة على جميع الاصعدة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية. وهناك جزائرية فكت لغز بناء الأهرامات واعترفت المنظمة الدولية للملكية الفكرية بنظريتها وستجسّدها على أرض الواقع . وأخريات في مناصب القيادة وفي مجال الشرطة وفي مجال الأدب، وهناك الاديبة والشاعرة الكاتبة العالمية أحلام مستغنامي التي رفعت بإبداعاتها الأدب الجزائري وكانت لنا نحن النساء في العالم العربي مفخرة.

 

2- هل هي على الدرب الصحيح المؤدي إلى الحرية والمساواة مع حقوق الرجل؟

المرأة العربية على الدرب الصحيح إلى الحرية والمساواة، ولقد خرجت جنبا لجنب للرجل في الثورات بمصر واليمن وتونس ومازالت هذه النساء مستمرات، فخطة المرأة العربية كما ذكرت هو نضال قبل الثورة وفي الثورة وما بعد الثورة، تناضل لأجل حريتها واستقلاليتها وتشارك في البرلمان وفي كل المجالات العلمية والأدبية والسياسية لتحرير الوطن ونقله من مرحلة التخلف والظلام الذي هو فيه إلى مرحلة التطور لكي يستطيع هذا الوطن التعايش مع المجتمعات الأخرى وهذا لن يتم إلا بتحقيق حقوق المرأة والقضاء على تسلط العقلية الذكورية والعقلية الرجعية.

 

3- ما هي العقبات التي تحول دون تحقيق هذا الهدف السامي على يد المثابرات في نضالهن الطويل؟

المؤسسات الدينية التي يخرج شيوخها بين الفينة والأخرى بفتاوى تشمئز لها الأبدان ، فتاوى تضع الرجل والمرأة أقل درجات من الحيوان ، بل شوهوا صورة الدين وقللوا من قيمة الرسول ومصداقيته واستعملوا الجوامع منبرا للإصلاحات السياسية والاجتماعية وخرجت لنا موضة جديدة من مشايخ "عراعيرية" تعري اجسام النساء لإخراج الجن وتفتي بإرضاع الكبير وتفخيد الرضيعة واجازة اغتصاب الزوجة وإجازة ممارسة الجنس مع الزوج المتوفاة وفتوى بول البعير وفتوى الخيار والموز، وعدم خلوة الأب بابنته إن كانت متبرجة حتى لا تغريه جنسيا وتقع الفاحشة. يريدون الرجوع بالمرأة إلى عصر ما قبل الجاهلية وتحجيمها في المنزل لتبقى مجرد أداة للخلف والعلف من غير عقل ولا روح. جسد يثير الإغراء لابد من تغليفه بعباية وبرقع ولتقر في البيت ولا تخرج إلا بإذن زوجها لأن المجتمع مليئ بذكور شرسة جائعة ستضايقهم في القافلات وفي الشوارع ... هؤلاء المشايخ الذي لا يشغلهم شاغل غير الجنس وجسد المرأة مرة يجيزون اغتصابه ومرة يحللون الممارسة الجنسية به حتى ولو فارقت الروح الجسد ، هؤلاء النوع من المشايخ ليسوا متشددين ورجعيين فقط ولكن مريضين أمراضا نفسية يصعب شفاءها، شاذين جنسيا ، والمصيبة الكبرى أن المؤسسات الحكومية تخضع لهم خوفا على مصالحها. بل المؤسسة الحكومية تستخدمهم لصالحها. مشايخ لم نسمع لهم صوت ولا فتاوي عن تحرش الرجال للنساء في الشوارع ولا فتاوى عن المقاومة الفلسطينية وعن شعب غزة الجريح، لكنهم يتسارعون لإرضاء حكامهم والتملق لهم، حكام سرعان ما انهاروا واندثروا رغم صرحهم المنيع. فكانوا الناطق الرسمي لكل الشعوب العربية واعتبروا الثورات العربية غير شرعية وأنه غير جائز الخروج عن الحاكم حتى ولو كان جائرا ويستوجب السمع والطاعة له وإلا حدث فساد عظيم. والفساد الأعظم في مجتمعاتنا الآن هو هذا النوع من المشايخ الذين هم بعيدين كل البعد عن أخلاق الرسول، يتكاثرون كالفطر. وهم حجرة عثرة ليس فقط لتقدم المرأة العربية والمسلمة بل هم صرحا منيعا لتقدم الأمة الاسلامية كلها.

 

4- هل ترين بصيص أمل في نهاية سراديب ما يسمى بالربيع العربي لفك قيود المرأة العربية؟

لم يكن الربيع العربي فقط أملا لفك قيود المرأة العربية بل كان فرصة لخروجها من التهميش والصمت والقمع، للتغيير رغم العنف والتعذيب ورغم السجون. ولا ننسى أبدا الأديبة والشاعرة والصحافية الشجاعة توكل كرمان رئيسة منظمة صحافيات بلا قيود اليمنية والحاصلة على جائزة نوبل لما ناضلت به لأجل فك قيود المرأة اليمنية. لقد برزت بشكل كبير في الثورة وناضلت مع نساء كثيرات وشباب بشجاعة وبطريقة سلمية وحضارية وكانت غير أبية ولا خائفة من تهديد رئيس بلدها ولا من السجن أو الضرب أو لمن خوّلوا لأنفسهم التحدّث باسم الشعب اليمني من اصحاب اللحى الصفراء.

 

 

خاص بالمثقف، ملف: المرأة المعاصرة تُسقط جدار الصمت في يومها العالمي

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2053الخميس 08 / 03 / 2012)

في المثقف اليوم