ملف المرأة

المشهد والظل / هيام الفرشيشي

 

كيف تقيّمين إنجازات المرأة في العالم العربي؟

- إذا تحدثنا عن علاقات ندية بين المرأة والرجل، فلن نتحدث عن إنجازات بل عن مكتسبات حققتها المرأة بفضل الأطر القانونية التي ضمنت حقها في التعليم والتعبير والعمل والانجاز. المرأة موجودة في مختلف المواقع. موجودة في حقول السياسة والثقافة والفن والإبداع وفي حقول البحث العلمي. في مواقع الاحتجاجات. وفي ساحة الشهادة. ولكن تبقى إنجازات المرأة العربية محدودة على المستوى العالمي قياسا بانجازات المرأة الغربية، فلم تنل أي امرأة عربية جائزة نوبل في الأدب أو الاقتصاد أو في الطب. ولم تنل أي فنانة عربية جوائز فنية عالمية مهمة. ولم تصل إلى قمة الرئاسة، ومع ذلك فالمرأة العربية تنجز الكثير من أجل الارتقاء بوضعها ونحت مكانتها.

 

هل هي على الدرب الصحيح المؤدي إلى الحرية والمساواة مع حقوق الرجل؟

- لكي تكون على الدرب الصحيح المؤدي إلى الحرية والمساواة مع حقوق الرجل، على المرأة أن تتشبث بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبالمواثيق الدولية التي أمضتها الدول العربية سابقا عبر "إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة"، وأن لا تنصاع إلى أي رؤية بديلة تدعو إلى التمييز بينها وبين الرجل طالما أن الناس يولدون متساوين في الكرامة والحقوق. وبناء عليه فلا تمييز بينها وبين الرجل في كل الحقوق السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية. والدستور هو الذي يجب أن يضمن الحرية والمساواة باعتباره يرتقي سلم القوانين. كذلك يجب أن تكمل التشريعات الأخرى ما ورد في الدستور من تنصيص على الحرية والمساواة بين الرجل والمرأة. ولا بد من تحوير النظرة إلى المرأة، ولا بد من تفعيل النصوص القانونية في الواقع ودعمها.

 

ما هي العقبات التي تحول دون تحقيق هذا الهدف السامي على يد المثابرات في نضالهن الطويل؟

- العقبات التي تحول دون تحقيق هذا الهدف السامي على يد المثابرات في نضالهن الطويل تتمثل في تواصل النظرة الدونية للمرأة. والعمل على استعبادها أو تحويلها إلى سلعة لترويج المنتوجات عبر تقديمها في صورة تمس من كرامتها، والتفكير في المس من مكتسبات قانونية منحتها المساواة مع الرجل. ومحاولة العودة بالمجتمع إلى العادات العرفية. وعدم معالجة قضايا المرأة في الإعلام، وعدم التوغل في أماكن الظل وفي الأحياء الشعبية لتحليل ما تتعرض له من انتهاكات.

 

هل ترين بصيص أمل في نهاية سراديب ما يُسمى بـ "الربيع العربي" لفك قيود المرأة العربية؟

- دعني أنطلق من تونس التي شهدت ثورة، و كانت المهد للربيع العربي، والتي فازت فيها النهضة بالأغلبية، وهي التي تسير الحكومة الآن، ولها ثقل في المجلس التأسيسي. وبوصولها إلى الحكم صرنا نسمع بمن يطالب بتعدد الزوجات. هذا إضافة إلى ظهور مظاهر غريبة على مجتمعنا مثل لبس النقاب، والدعوات السلفية لمنع الاختلاط في أماكن التعلم والعمل. وجلب الداعية وجدي غنيم الداعي إلى ختان البنات. وسمعنا دعوات إلى الزواج العرفي واعتماد المأذون الشرعي، ثم ارتفعت نبرة المطالب إلى نبرة التكفير عند السلفيين ومحاولة المس من الحريات الأساسية. كل ذلك ما جعل بعض الأحزاب وجمعيات المجتمع المدني والهيئات الفكرية والفنية تدعو إلى عدم التفريط في مكتسبات المرأة في تونس. ومواصلة دعم الحركات الإصلاحية التي كرست حرية المرأة، وأن نواصل العمل بالفكر الإصلاحي للطاهر الحداد كما ورد في كتابه "الشريعة والمجتمع"، والاستنارة بفكر ابن رشد حول المرأة، وضرورة الحفاظ على مجلة الأحوال الشخصية. فعلى الحركات والأحزاب ذات المرجعيات القانونية الطبيعية الوثوقية. أن تنظر بعين الاعتبار إلى المرأة التونسية الوسطية المعتدلة. وأن تطلب من مناصريها الكف عن رمي المرأة الخارجة عن تفكيرهم بتهم لا أخلاقية وكأنها تحتكر الأخلاق والدين.

 

خاص بالمثقف، ملف: المرأة المعاصرة تُسقط جدار الصمت في يومها العالمي

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2053 الخميس 08 / 03 / 2012)

في المثقف اليوم