ملف المرأة

صراع المرأة ضد تيار الاسلام السياسي / كاترين ميخائيل

 

كيف تقيّمين إنجازات المرأة في العالم العربي؟ هل هي على الدرب الصحيح المؤدي الى الحرية والمساواة مع حقوق الرجل؟

كاترين : الثورات والانتفاضات التي قامت في الشرق الاوسط خلال العامين هي من أجل الحقوق والحريات الديمقراطية ، وتوفير العيش الكريم للمواطن في المنطقة وتوفير احتياجاته في الصحة والعمل والتعليم ، وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة وركاب موجة العصر التكنلوجية الحديثة.

كانت مطاليب المتظاهرين ضد كل اشكال الاضطهاد الديني والعنصري والجنسي والنفسي

. هذه الدول تعاني الفساد والطغيان , المرأة كمواطنة تمت مصادرة كل حقوقها وحرياتها الأساسية، واضطهادها كجنس بشري والنظرة الدونية التي كرستها مجتمعات الرق والاقطاع التي تنظر للمرأة كسلعة وليسر كيان بشري ، لامواطن له حقوق متساوية مع الرجل زائداَ الاستغلال للدين والتقاليد البالية لتكريس استغلالها واضطهادها , لذا لم يكن غريبا مشاركة المرأة جنبا الي جنب مع الرجل في هذه الثورات والانتفاضات ، مثلما شاركت المرأة بنشاط في كل الثورات التي غيرت مجري التاريخ العالمي نجحت الثورات أجمع عندما تساهم المرأة فيها كعنصر فاعل , بغير ذلك لم يُقرأ النجاح لهذه الثورات .

المعروف أن قضية المرأة من القضايا الرئيسية في الثورة الوطنية الديمقراطية وترتبط بتحرير نصف المجتمع من القهر والجهل والتخلف ، قضية المرأة تهم الرجل والمرأة معا، وأن تاريخ المرأة في المنطقة طويل في الصراع ضد تيارات الاسلام السياسي التي تهدف الي تقليص دورها السياسي والاقتصادي والثقافي، والردة عن حقوقها المكتسبة في بعض البلدان نتيجة الموجة الأولى من حركات التحرر الوطني في المنطقة منذ بدايات القرن الماضي ، وتيارات النهضة وتحرر المرأة التي طالبت بحقها في التعليم والعمل والحقوق السياسية والاقتصادية المتساوية مع الرجل، وضد حبسها في البيت والحجاب . أصبح مستحيل في هذا العصر الاستمرار بنفس النهج الكلاسيكي وكان للمثقفين دور وأستشهد حينها (بأبيات الشاعر الزهاوي في منتصف القرن الماضي التي تقول :

 

أسفري فالحجاب يا ابنة قهر

هو داء في الاجتماع وخيم

 

كل شئ إلى التجدد ماض

فلماذا يقر هذا القديم ؟

 

أسفري فالسفور للناس صبح

زاهر والحجاب ليل بهيم

 

أسفري فالسفور فيه

صلاح للفريقين ثم نفع عميم

 

زعموا ان في السفور انثلاما

كذبوا فالسفور طهر سليم

 

لايقي عفة الفتاة حجاب

بل يقيها تثقيفها والعلوم

 

مزقي يا ابنة العراق الحجابا

أسفري فالحياة تبغي انقلابا

 

مزقيه واحرقيه بلا ريث

فقد كان حارسا كذابا

المهم بهذه الثورات مواصلة النضال من أجل تحررها من كل أشكال استغلالها واضطهادها، ومن أجل انتزاع حقوقها السياسية والاقتصادية الكاملة حسب واقع وظروف كل مجتمع، والصراع من أجل نيل حقوقها القانونية يبدأ منذ أول يوم من مساهمتها في العملية النضالية الصعبة مثلا مطالبتها بقانون تقدمي متطور يحفظ لها حقوقها للاحوال الشخصية يصون حقوق المرأة في القوامة والحضانة والارث والطلاق والنفقة والاجر المتساوي للعمل المتساوي ، وقانون ديمقراطي للاسرة يضمن حقوقا متساوية للمرأة والرجل واستقرار الاسرة وحقوق الأطفال وفقا للمواثيق والعهود الدولية، اضافة للمطالبة بالغاء القوانين التي تحط من كرامتها ، وتبيح الاعتداء علي جسدها .

المرأة مسئولة عن تحرير نفسها بالعمل الجماعي النضالي الثوري الموحد مع كافة الفئات المشاركة في الثورة من الشباب والرجال والعمال والفلاحات والفلاحين وكل فئات الشعب الذين خرجوا الي الشوارع بالملايين كان للشابات دور مشرف بهذه الانتفاضات فكل المنطقة .

 

ما هي العقبات التي تحول دون تحقيق هذا الهدف السامي على يد المثابرات في نضالهن الطويل؟

كاترين: أتكلم عن العراق الان هذا الامر لاينعكس على المرأة فقط، بل مشكلة الرجل ايضا، لكن المرأة اكثر سهولة للاستهداف، معظم من اتى لموقع القرار في الحكومات الجديدة سواء من الرجال او النساء لايملكون مع الاسف خلفية سياسية، او عملاً سياسياً سابقاً او خلفية عن قضايا المرأة مثلا في العراق تكون معلمة او طبيبة او حتى ربة بيت وغيرها اي انها ممارسة لوظيفتها فقط، , فهي مهنية ناجحة لكن ليست ذو تجربة بحقوق الانسان وألالام المرأة وقوانين الدولة الحالية لذا أطالب بتضمين قانون الاحزاب المرتقبة التي ستساهم في الانتخابات الاعتماد على كوتا للمرأة في قيادة الاحزاب لاجل اختيار المرشحات في الانتخابات المقبلة من داخل الاحزاب وليس من خارجها بنفس الوقت النساء السياسيات ذو خبرة ضعيفة في مجال الدولة والقيادة وعملية صنع القرار لذا يجب أن تدخل المرأة المعارك الانتخابية وتكون جزء من الصراع ليستطيع المواطن العادي ان يُميز من ينتخب , ثانيا هناك نساء لاينتمين الى الاحزاب السياسية وهن من درجة كفاءة عالية بمعاناة المرأة في المنطقة , لكن لهن دور كبير في المجتمع المدني والاعلام يجب أن يساهمن في الانتخابات أيضا .

في قسم من هذه الدول وصلت الأحزاب الدينية الي مجالس الشعب بطرق غير شرعية ,هذه الأحزاب الدينية تحاول حرمان المرأة من حقوقها الانسانية لكن الصراع سيستمر ولن تهدأ الثورة نساءا ورجالا حتي تحقق كل أهدافها بفضل الاعلام الواضح والنشط وبوعي الشباب من كلا الجنسين يحاولو إيصال صوتهم , حيث يصل الاعلام الى أبعد قرية وريف في معظم المنطقة

 

هل ترين بصيص أمل في نهاية سراديب ما يُسمى بـ "الربيع العربي" لفك قيود المرأة العربية؟

كاترين : الحريات عموما لاتمنح انما تنتزع، وهناك فوضى غير مدروسة لاندلاع الثورات والانتفاضات في كل البلدان التي إنطلقت فيها انتفاضات شعبية ، هناك محاولة لتقليصها والسيطرة عليها، والدليل هو قانون حرية التعبير وفرض حظر التجوال ومطاردات الناشطين واعتقالهم واقتحام منظمات المجتمع المدني ، والسعي لتشريعات غير سليمة مثل قانون جرائم المعلوماتية ، وقانون حرية التعبير والتظاهر السلمي والاجتماع، تصب في جميعها تحجيم وتضييق الحريات في العراق و وتونس ومصر وليبيا . من هنا تأتي الضرورة لتعديل مشاريع تلك القوانين والالتزامات العراقية الدولية بالنسبة للحقوق المدنية والسياسية وقضايا حرية ومساواة حقوق المرأة وازالة كافة اشكال التمييز ضدها والالتزام بمعاهدة سيداو التي ترفض التمييز ضد المرأة . كل نشاط او حراك سياسي الان يحتاج مساهمة فعالة للعنصر النسوي .

الحركة الشعبية يقوم بها النساء مع الرجال ، المرأة شاركت في الثورة في كل بلد بدمها ودم أولادها وبناتها ،في بعض الدول نعم تخلصنا من رأس النظام الفاسد فقط لكن جسد النظام لا يزال يحكم من خلال العسكر والبوليس والاعلام .  

على المرأة في كل هذه الدول تنظبم صفوفها في حركات جماهيرية متعددة ومتنوعة المستويات من أجل المساواة الفعلية مع الرجل، ومقاومة تيارات الاسلام السياسي بطرق سلمية التي تهدف للعودة بها لمجتمع الحريم والقرون الوسطي.

تغيير مناهج التعليم التي تكرّس دونية وانحطاط المرأة واضطهادها، وتمثيل المرأة في المواقع القيادية (جهاز الدولة، الاحزاب السياسية، المجتمع المدني مثلا النقابات والاتحادات والجمعيات والمؤتمرات العالمية والمحلية) حسب كفاءتها وثقلها.

النضال مع الهيئات والاحزاب المهيمنة على الساحة السياسية للتوقيع علي الاتفاقات الدولية الخاصة بالمرأة والالتزام بتنفيذها.

أعلم سيكون صراع المرأة شرسا ضد تيار الاسلام السياسي الذي يهدف الي تكريس اضطهادها وقمعها. لكن هذه مرحلة مؤقتة يجب أن تمر بها , صراع لابد منه سوف تقدم تضحيات مثلما قدمت ولا زالت المرأة العراقية تقدم كثير من الضحايا من أجل كسب حريتها ولم يكن المجتمع المدني نشطا كما كان اليوم والصراع يحتدم يوما بعد أخر وأساليب النضال تختلف قبل وبعد الانتفاضة . والمرأة واعية لهذه القضية لهذا السبب تنزل الى الشارع رغم علمها هناك رصاص يواجهها ماذا نريد أكثر من هذه التضحية . مع هذه التجربة التي ليست قليلة فهي مطالبة بإستمرار النضال وعدم السكوت والكف عن المطالبة بحقوقها المشروعة لاسيما وأن المجتمع الدولي بجانبها

الذين صنعو الثورة هم من الشباب والشابات لذا يجب أن يشتركو في صنع القرار السياسي ويستمرو لبناء أنظمة ديمقراطية جديدة أبتداَ من الدستور وصياغة القوانين السياسية والاجتماعية , كما يجب أن يساهمو في عملية تغيير الايدلوجيات الاجتماعية والتعليمية والاعلامية . هذا يحتاج عمل يومي مثابر من قبل كلا الجنسين  

الربط بين حقوق المرأة على جميع المستويات الاجتماعية والسياسية والثقافية وبين مرحلة التغيير الديمقراطي ، يجب ان تتولاه النخب السياسية الوطنية والعلمانية ومؤسسات المرأة ذو المعرفة بحقوق الانسان قبل أن تجرنا الاحزاب الدينية الى امور ثانوية مثلا في العراق الان أصبح الشغل الشاغل للاحزاب الاسلامية هو لباسها والمناداة بالحجاب وهم بذلك يجرونا الى هاوية لابعادنا عن المطالبة بقضايا الدستور والقانون ومساواتها في العمل وفي الأجور وفي الانخراط في الحياة العامة، والتأكيد على مفاهيم المساواة والعدالة في المناهج الدراسية، ووسائل الإعلام والمراكز الاجتماعية والثقافية. لا يُعقلْ في مرحلة التحول التاريخية التي نعيشها ان يطلع علينا رئيس المجلس التأسيسي في ليبيا، ليتحدث عن أربع زوجات ودولته لازالت مهزوزة بعد ان قضي على جيشها ومؤسساتها وكأن مشكلة ليبيا اليوم هي تعدد الزوجات فقط متناسيا الجانب الامني وحرية التعبير والدستور والعملية الانتخابية والاقتصاد وهيكلة السلطات الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية .

خاص بالمثقف، ملف: المرأة المعاصرة تُسقط جدار الصمت في يومها العالمي

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2053 الخميس 08 / 03 / 2012)

في المثقف اليوم