أقلام حرة

صلاح حزام: ما الذي يريده المجتمع من الشاعر؟

عندما يتم استعراض مسيرة شاعر قديم (مثل المتنبي) يبدأ الناس بالبحث في صفحات التاريخ عن مواقف يعتبرونها سيئة وغير مشرّفة لهذا الشاعر..

فتارة يقال انه مدح فلان وتارة يقال أنه جبان في الحرب وتارة يقال أنه مقرب من الحاكم الخ.....

وفي وقتنا الحاضر ، نلاحظ عندما يُتوفى شاعر ، تنهال عليه الاتهامات والطعن.

فيقال انه كان انتهازياً لأنه مدح فلان او لأنه عمل لدى فلان او كتب شعراً معيناً او انه حصل على جائزة من فلان الخ....

سؤالي لهؤلاء السادة :

هل ان الشاعر نبي صاحب رسالة؟

هل ان الشاعر بالضرورة زعيم ايديولوجي ولديه مشروع تغيير عظيم ويقود الجماهير؟

الشاعر انسان موهوب لديه قدرات فنية في نظم الكلام على شكل شعر؟

ثم انه انسان يحتاج هو وعائلته الى لقمة العيش والى الأمان.

كذلك فهو حُر في ان يمنح ولائه لمن يريد ولمن يحب وبالشكل الذي يريد شأنه شأن باقي الناس..انه انسان حر!!

هو لم يأتي بعقيدة او منهج (مثل الانبياء) وعندما يخون عقيدته ، نقوم نحن بالاحتجاج والانتقاد الشديد!!

هل ان نظم الشعر (في نظرنا) هو التزام عقائدي ام انه مهارة

وموهبة يمكن توظيفها لمختلف الأغراض؟

اعتقد شخصياً ، ان الالتزام بقضية او موقف يعتبر موضوع يتعلق بالحرية الشخصية ، ومن حق الانسان ان يلتزم او لايلتزم.

فاذا كان ذلك الانسان / الشاعر ملتزماً ، انعكس ذلك على شعره

واذا كان انساناً لايملك سوى موهبته الشعرية ، فنحن نكتفي بالاستمتاع بشعره الجميل الذي يصاغ لاغراض مختلفة كالغزل والسياسة والحزن والمديح والرثاء الخ....

ولايحق لنا اجباره على الالتزام ..

ثم كيف له ان يلتزم بموقف يرضى عنه الجميع؟؟

اذا كان يسارياً فسوف يُغضب اليمينيين واذا كان يمينياً يحصل العكس!!!

نحن نقسو على هؤلاء ونريد منهم ان يكونوا كائنات خرافية لاتخشى من سطوة الحاكم ومستعدة للتضحية بكل شيء ولاتحتاج الى المال والأمان وان تكون كما نشاء نحن لها!!

نريدهم ان يحققوا مانعجز عنه نحن!!

التاريخ الحديث يروي لنا حكايات عن شعراء غارقين في السفالة لكنهم كتبوا اجمل الاشعار وعن مطربين وملحنين يعيشون حياة دونية لكنهم قدموا لنا اجمل الاغاني التي نرددها رغم رحيلهم ...

الحياة الخاصة منفصلة عن الموهبة ..

الشاعر ليس نبياً ولا ملاكاً ...

***

د. صلاح حزام

في المثقف اليوم