أقلام حرة

علي حسين: بوتكس رئاسي!

أعرف أنّ النصائح والمناشدات ليست من شأن صحافي "على باب الله" مثل جنابي، لكنّي مع كل حكومة جديدة تصل إلى كراسي السلطة، أعيش في حالة من التمني في زمن يرى فيه البعض من منظري الفضائيات أنّ إرضاء المواطن عيب وجريمة.

اليوم نعرف جميعاً أنّ الخراب لا يحدث إلا في ظل مسؤول لا يسمع سوى صدى صوته، ولا يعود هناك متسع لمستشارين يقدمون النصيحة، بل أصوات مقربين "حبابين" ينتقلون بخفة ورشاقة من مسؤول إلى آخر .

في كل دول العالم يسبق المسؤول، مستشاروه. فيما المسؤول العراقي يصل من "الحزب والعشيرة" وتضاف لها هذه الأيام العائلة وهو يدّعي ختمه لعلوم الأرض والسماء. ويعتقد أن التفويض الذي منحته له الناس في صناديق الاقتراع، يسمح له بأن يتجاهل معايير العمل الحقيقي والجاد.

ولهذا عزيزي القارئ إذا أردت أن تعرف كيف تدار أمور 40 مليون عراقي، فأتمنى عليك أن تقرأ هذا الخبر المثير: "استقبل رئيس الجمهورية في القصر الرئاسي خبير التجميل اللبناني، نادر صعب"، هل انتهى الخبر؟، لا ياسادة فقد أخبرنا خبير التجميل أنه ناقش مع فخامة الرئيس موضوع التطورات في القطاع الصحي وضرورة فتح مستشفى للتجميل "البوتكس" من أجل أن تصبح بغداد مرجعية للعالم العربي في هذا المجال.

ماذا نفعل ياسادة عندما نقرأ مثل هذا الخبر؟، وعندما يقف الطبيب وهو يبتسم وسط الحرس الرئاسي؟، بماذا يذكرك هذا الإنجاز التاريخي الذي عجزت اليابان وسنغافورة عن تحقيقه؟، أنه يذكرني بالنشيد الذي كتب ولحن ابتهاجاً بالمنجزات الكبيرة التي كانت قد حققتها وزيرة الصحة السابقة عديلة حمود.

للأسف، المقربون من أصحاب الفخامة والمعالي والسيادة ستدلك عزيزي المواطن المغلوب على أمره على أبعاد المحسوبية التي تتم فيها إدارة مؤسسات الدولة. وإذا لم تصدق عليك أن تراجع قائمة أسماء المستشارين في معظم الرئاسات، وكيف أننا أعدنا إلى الخدمة عدداً من كبار "الجهابذة" في ستراتيجيات بناء الدول، وطرق التنمية.

نقرأ الكثير عن مستشاري الرؤساء، فقد كان الرئيس ديغول محاطاً بالكاتبين أندريه مالرو وفرنسوا مورياك. وفيما عيّن ميتران الفيلسوف ريجيس دوبريه مستشاراً له.. وصنعت سنغافورة نهضتها العظيمة أولاً من خبرة رجال أكفاء اختارهم لي كوان بعناية، وثانياً من النزاهة، والفارق كبير بين الذين يضعون مصلحة الدولة والناس أولاً والذين يريدون إرضاء الأحزاب السياسية.

إن القوى السياسية في بلاد الرافدين لا  تزال تصر على إعلاء شأن المحاصصة والطائفية، تُصر على أن لا استقرار من دون تقاسم الحصص. وأن تبقى مؤسسات الدولة حبيسة أسماء ساهمت وروجت للخراب والشعوذة، واضيف لها مؤخرا "البوتكس".

***

علي حسين

في المثقف اليوم