أقلام حرة

فاضل الجاروش: خيار المُترف

‏سأل أحد الجنود نابليون بونابرت قبيل اندلاع معركة ''واترلو'': وهي «معركة فاصلة وقعت في قرية واترلوا قرب العاصمة البلجيكية بروكسل ....18يونيو 1815 » هل الله معنا نحن الكاثوليك أم مع البروتستانت؟؟.

فأجابه: الله مع صاحب المدفع الأكبر !! قال لي ذلك رجل لا يؤمن بالله ولايؤمن بأن الله ينصر من ينصره كما يعتقد أهل الإيمان والحقيقة ان ماقاله نابليون يُعبر بشكل دقيق وواقعي عن دوافع الحرب التي كان يخوضها والتي كانت تعبر عن خيار المُترف في دخول هذه الحرب فقد كان غازيا معتديا اثيما مدفوعا بهواجس المال والسلطة والاستحواذ. لذلك عليه أن يحتسب كل الاحتمالات المتعلقة بإدارة المعركة اقتصاديا واجتماعيا ولوجستيا، بما في ذلك حجم المدفع الذي سيضرب به ضحاياه وصولا إلى اتفه التفاصيل المتعلقة بانضباط الجند وجمال ملابسهم وقبعاتهم وخوذهم وربما ريش النعام المغروز في أعلى تلك القبعات الغازية المعتدية وعليه أيضا أن لاينسىالأوسمة والنياشين التي عليه أن يتقلدها احتفالا بالنصر !!! ... هذا طبعا اذا احتسبنا النصر بحسب دوافع الغازي أما ان احتسبناه بحسب المعيار الإنساني الأخلاقي فأن ذلك لايمكن إلا أن يوصف بأنه هزيمة فادحة أخلاقيا وانسانيا لذلك ولأن كلُ حقيقة ثابتة في ذاتها ولاتحتمل النسبية بحسب فهمي فأنك تجد أن حقيقة الهزيمة الأخلاقية. التي لحقت بالمجتمع الأمريكي بعد قصف هيروشيما وناكازاكي باقية وثابتة رغم أن المعتدي قد احتسبها نصرا عسكريا ولاكنه لايمكنه التصريح به أو الافتخار بل إنه مضطر للتغطية عليه منذ ٧٠ عام وغير ذلك من مئات الأمثلة لانتصارات الحقت العار بأصحابها رغم أنهم كانوا يمتلكون المدفع الأكبر ولكن الله تعالى لم ينصرهم بل اخزاهم ...

خيار المُضطر

أما من هو مضطر لدخول الحرب وخصوصاعندما يفقد كل الخيارات البديلة فأنه ليس مطالب ابدا بأن يكون صاحب المدفع الأكبر لكي ينصره الله لأن الأمر هنا يتعلق بدوافع دخول الحرب وبتعريف النصر حيث تصبح الارقام مقياسا ماديا سخيفا عند من يدافع عن أرضه ومصيره مضطرا وليس مختارا، لذلك فأن النظر إلى غزة من الاعلى والقول انظروا ماذا حل بغزة من جراء مغامرة حماس فإنه لابد أنه يطرح سيناريوا للاستسلام والخضوع والذل أو أنه من أنصار أصحاب المدفع الكبير الذين لا يؤمنون بالله

***

فاضل الجاروش

 

في المثقف اليوم