صحيفة المثقف

إنسانيّة الفكر في اللغة والأدب.. قراءات في أعمال العلاّمة الدكتور علي القاسمي

بتول الربيعي

صدرعن مركز الكتاب الأكاديمي في عمّان كتاب جديد بعنوان (إنسانيّة الفكر في اللغة والأدب قراءات في أعمال العلاّمة الدكتور علي القاسمي)، وهو من تنسيق د. نزهة بوعياد رئيسة شعبة اللغة وآدابها، وساعدها في إنجاز هذا العمل كُلٌّ من د. موراد موهوب، ود. عبدالإله تزوت ـ ود. فيصل الشرايبي.

يقع الكتاب في (313) صفحة من الحجم الكبير، وهو يُمثــِّل سجلًا لأعمال الندوة العلمية التي نظّمتها جامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء في كلية الآداب عين الشق لتكريم العلّامة الدكتور علي القاسمي.

ويشتمل الكتاب على أكثر من (25) دراسة، تنوّعت بين الأدب واللغة والترجمة،  قدّمها أساتذة جامعيون من المغرب والعراق والسعودية.

وقد قدّم للكتاب الأستاذ الدكتور موراد موهوب عميد كلية الآداب  بمقدّمة وصف فيها الدكتور علي القاسمي بأنّه مشروع علمي عربي حضاري، فقال: "يتواجد معنا الأستاذ الدكتور علي القاسمي العراقي المغربي الذي يعيش بيننا، والذي يشرفنا بتلبية دعوة تكريمه؛ فنحن جميعًا طلبة الأُستاذ الدكتور علي القاسمي، وقُرّاؤه، والعاشقون لمشروعه الذي أعدّه شخصيًّا منوالاً "براديغما" يتشكّل من مكونات عدّة. إنّه منوال متكامل ومتجانس ومتناسق في خطوطه ومحاوره ومجالاته المعرفية. فنحن أمام  مشروع علمي عربي حضاري نعتزُّ به، غايته خدمة الإنسان العربي في مختلف أبعاد تنميته. ففي هذا المشروع تمتزج اللغة بالأدب والفكر والثقافة والمعرفة والبحث العلمي والأكاديمي، ضمن نسق عام متناغم المكونات والمستويات".

وتَمَّ التركيز في هذا الكتاب على جوانب محدَّدة داخل المنظومة الفكرية المتشعّبة والمتنوّعة التي يشتغل بها الدكتور علي القاسمي، والتي بُنيَت باعتماد قراءة عامة عن تصوّره للإبداع واللغة والنقد عبر قراءات وعروض علمية تستند إلى عمليات الوصف والتفكيك والتركيب والتأويل، وذلك على وفق محورين، وقد أسهم في هذين المحورين عدد من الباحثين المقتدرين المختصين في الدرس الأدبي والدرس المعجمي من داخل المغرب وخارجه.

وجاء المحور الأول بعنوان " التجربة النقدية عند علي القاسمي: أسئلة الإبداع ورهانات النقد " وقد اشتمل على تسعة بحوث قيّمة، وقد استهل هذا المحور د. نايف مهيلب الشمري رئيس نادي حائل الأدبي، السعودية ببحثه الموسوم ب"المفكّر العراقي د. علي القاسمي: قراءة تحليلية في كتاب "مفاهيم  الثقافة العربية""  عرض فيه لأهم المفاهيم  التي بحثها القاسمي في كتابه هذا، مثل مفهوم: الحياة، والحرية، والعلم، والوطن، والجوار، والتواضع، والمرأة، والجمال، والحب، والمال، والكرم، والغربة، والاغتراب، والبكاء، والشيخوخة، والموت.

وقدمت الدكتورة نزهة بوعياد رئيسة شعبة اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق، بحثا بعنوان كتاب  " العراق في القلب( دراسات في حضارة العراق)  بين سؤال القلق والعودة إلى الماضي " وتساءلت فيه الباحثة لماذا العراق في القلب لا العقل؟ ولماذا هذا الجمع بين الذاتية الكامنة في الأدب والموضوعية الكامنة في التاريخ؟  فأجابت عن ذلك بأنّ للقلب والعقل مزية، فبهما معًا سينهض العراق من جديد، يقول الدكتور علي القاسمي:" إنّ العراق في تاريخه الطويل، مثل العنقـاء آشورية، وهـي طـيـر أسطـوري، يطـيـر إلى الأعــالي حتى يحترق بلهب الشمس فيهوى إلى الأرض، وبعد مدة من الزمن، ينتفض من بين الرماد ليعاود التحليق والارتفاع، لكنّ السقوط الأخير يعود سببه أساسًا إلى عدم توافر العراق، خلال العقود الأربعة الأخيرة، على قيادة مخلصة حكيمة، وهي ترى أنّ العلّامة علي القاسمي يعيش بين جدل العقل والقلب، ففي اللحظة التي يحلّل فيها سبب السقوط، يأمل في بناء الوطن من جديد، يأمل في مستقبل زاهر للعنقاء الآشورية الأصيلة، فصحيح أنّ القلب ينبض، يضخ الدماء في أعضاء الجسم عامّةً، إلَّا أنّ العقل وإن كان عضوًا يتلقَّى دماء القلب فهو مفكر مسيَّر، وكل تعذُّرٍ لوظيفته هو تعَذُّرٌ لحركات الجسم عامّة.

أمّا البحث الموسوم ب"الصورة السردية في قصص الدكتور علي القاسمي " قصة "الحلم والحنين" أُنموذجًا" للدكتور عبدالإله تزوت. مدير مختبر الثقافة والعلوم والآداب العربية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، عين الشق، فقد اختار فيه الباحث من نصوص الدكتور علي القاسمي قصة قصيرة عنوانها: "الحلم والحنين"، وهي آخر نص قصصي يرد في كتاب: "الأعمال القصصية الكاملة" لعلي القاسمي عن مكتبة لبنان ناشرون في طبعته الأولى سنة ٢٠١٢ الصفحة ٤٧٩.

ونوّه الباحث إلى أنّ هذه القصة القصيرة ترد في آخر هذا الكتاب منفردة من دون أن تنتمي إلى أي مجموعة قصصية من المجموعات الخمسة المتضمنة في الكتاب، ومن دون تاريخ يقربنا من سياق تأليفها، ممَّا يساعد في تحليل وتأويل أبعاد صورها، وذلك ديدن القاص علي القاسمي في كل قصصه، وهذه نقطة قوة تُمنَح لهذه القصص لتتأبى عن أي انحسار تاريخي عمودي، ولتبقى امتداداتها التاريخية أُفقيةُ كناية عن رؤية زمنية منفتحة قابلة لقراءات تاريخية متعدّدة، مما يضفي على هذه النصوص غنًى دلاليًّا ورمزيًّا قلَّ نظيره، ويستغرب الباحث كيف اختصر هذا النص حياة المؤلِّف اختصارًا ذكيًّا وبشكل مركز، وبرهن على أنّ الصورة السردية قادرة على أن تختزل ما يعتمل في وجدان المبدع القاص بشكل أدبي فني عجيب، كيف ذلك؟ فأول ما استوقف الباحث هو هذا العنوان "الحلم والحنين"، ولا سيّما حرف الحاء قبل أن يلج معنى الكلمتين ورمزيتهما في القصة، إذ يرى أنّ الحاء حرف حلقي فيه بحة يصدر عن الإنسان بشكل تلقائي تعبيرًا عن الألم، وحينما نسمع حرف الحاء كذلك من دون تفكير يذهب الذهن إلى مصطلح الحب، لكن ما الذي يعضد هذا التوجه في التأويل؟ برجوعنا إلى ما جاء في كتاب د علي القاسمي "صياد اللآلئ" في الصفحة 10، حينما قال: "حالما أنهيت دراستي أُصبت بمرض الحنين إلى الوطن، ولا يُشفَى منه إلا بمعانقة الحبيب"، فالحنين الموجود في عنوان القصة هو حنين في حديث القاص عن نفسه في "صياد اللآلئ" علما بأنه في هذه القصة تحدث بضمير الغائب، وفي"صياد اللآلئ" تحدث عن نفسه صراحة بضمير المتكلم،وكما خُتمت سورة يوسف بتأويل الرؤيا بحسب ما ذكره الباحث ، يختم الدكتور علي القاسمي قصته بتأويل رؤيا بطل القصة الذي تحدّث عنه بضمير الغائب، ولم يعطه اسمًا ليخرجه إلى العلن، بل تركه متواريًا وراء ضمير الغائب فاسحًا المجال لخيال القارئ وتأويل المتلقي.

وفي البحث الموسوم ب"استقلال الجنس الأدبي وتخاطر النصوص، قراءة ترابطية في كتابات علي القاسمي القصصية" للدكتور إبراهيم عمري جامعة سيدي محمد بن عبد الله، الكلية متعددة التخصصات بتازة، ذكر فيه أنّ قارئ أضمومة علي القاسمي لن يستطيع مقاومة إغراء التهامها دفعة واحدة، حينها سيتكشف ما بينها  من خيوط وقواسم غير مرئية وموجات وذبذبات فوق نصية. فنحن ننتقل فيها من القصة القصيرة إلى القصة الكاملة أو التامة أو الترابطية. إنّها تستجيب لكل شروط الجنس القصصي تمام الاستجابة، بل هي بلا مراء أُنموذج لما ينبغي أن تكون عليه الكتابة القصصية، لكنها نزّاعة، في أوج اكتفائها الذاتي واستقلالها الأنطولوجي، إلى لقاء شقيقاتها كما هو حال قطعِ الفسيفساء وتشكيلاتِه المتداخلة.

في حين يرى الدكتور عبد الواحد المرابط جامعة القاضي عياض، كلية الآداب العلوم الإنسانية – مراكش، في بحثه "التجربة النقدية عند الدكتور علي القاسمي"، أنَّ الارتباط بين الحياة والأدب يُعدُّ مبدأً أساسًا في رؤية القاسمي النقدية؛ لذلك لا يمكن دراسة أيّ نص أدبي معزولًا عن مؤلِّفه وسياق إنتاجه وبيئته الاجتماعية ومرحلته التاريخية، ولا مفصولًا عن النصوص الأُخَر التي تحيط به، سواء أكانت للمؤلِّف نفسه أم لمؤلِّفين آخرين، عرب وغير عرب. فرسْم الشخصية الأدبية تقليد علمي شامل يربط الجزء بالكل؛ ومن ثَمَّ فهو منهج تكاملي يتطلب مقاربات متعدّدة ومتنوعة ومتفاعلة: يقتضي مقاربة بيوبيبلوغرافية تستحضر سيرة المؤلِّف وأعماله؛ ويقتضي مقاربة موضوعاتية تدرس الموضوعات الأدبية والقضايا التي يعبِّر عنها المؤلِّف، ويقتضي مقاربة سوسيوتاريخية تربط الأدب المدروس ببيئته الاجتماعية وبسياقه الزمني؛ ويقتضي مقاربة نَصِّية تُبرز الجوانب الفنية والتقنية للنصوص؛ ويقتضي مقاربة هيرمينوطيقية (تأويلية) تعالج علاقة العمل الأدبي بقارئه؛ ويقتضي أيضًا مقاربة مقارِنة تبحث أشكال التأثير والتأثر الأدبييْن.

ويوقفنا البحث الذي حمل عنوان "بنية "كما لو" في رواية مرافئ الحب السبعة لعلي القاسمي" للدكتور محمد مساعدي الكلية المتعددة التخصصات بتازة، إذ ينطلق الباحث من منظور فلسفي محاولا رصد مظهر من مظاهر التخييل (التخييل الذاتي) في رواية "مرافئ الحب السبعة" لعلي القاسمي. فهذه الرواية توهمنا بأنها ترسم صورة واقعية عن حياة المؤلِّف، إلَّا أنَّ المؤلِّف في الحقيقة انتقى وقائع من حياته الشخصية، ثم رمّمها بعناصر تخييلية لرسم صورة عن الذات يلتحم فيها الواقع بالمتخيل. وهذا لا يعني أنّ القارئ ملزم بتمثل الصورة نفسها التي تَمثَّلها المؤلِّف، ورسمها في عمله الأدبي، لأنّ ما رسمه المؤلِّف تتخلله ثغرات وفراغات يجتهد كُلّ قارئ في ملئها بحسب مهاراته التحليلية وقدراته التأويلية، فيسهم بذلك في إغناء النص المدروس. إنّ هذا التأرجح بين الحقيقة والخيال – بحسب ما يرى الباحث - بين المرئي واللامرئي، بين الكائنات السردية وظلالها، يوحي للقارئ بأنّ المؤلِّف يستثمر العلاقة بين الأنا والهو لتفعيل التخييل الذاتي بوصفه آلية فنية لانتهاك حدود السيرة الذاتية، وذلك "بأخذ الغيرية أو الغربة بالحسبان، وجعلها ملازمة للذات. وقد ساعد قرن من التطور الذي عرفه علم النفس على جعل المعرفة المتعلقة بالذات تأخذ اللاشعور بالحسبان وتدرجه في صلب عنايتها، مما أدى إلى تجاوز الإطار الضيق لإعادة سرد الأحداث المعيشة بطريقة واعية وتحليلِها تحليلًا عقلانيًّا.

وكان للدكتور أحـمـد زنـيـبـر المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين/ الرباط، بحث بعنوان  "استراتيجية القراءة في كتاب "صياد اللآلئ" لعلي القاسمي" ، وهو عبارة عن دراسة شاملة لكتاب صياد اللآلئ، وقد حاول فيه الباحث الوقوف عند أهم الاختيارات التي وجهت مسار القاسمي القرائي، وحددت طبيعة المقاربة المنهجية لديه عبر مجموع القراءات المتضمنة بكتاب (صياد اللآلئ)، وهو يرى أنّ القاسمي يتغيَّا استراتيجية تقوم على الاختيار والضبط وإعمال الذوق، ولا تنساق وراء التعقيد المصطلحي وإصدار الأحكام. وقد حرص القاسمي في قراءاته على الدقة والموضوعية، انطلاقًا من حصر القراءة في نقط مركّزة، واستنادًا إلى عناوين فرعية تفي بالغرض. فضلًا عن توسُّله بشواهد مختلفة تنمُّ على مرجعية ثقافية شاسعة، وكذا توسُّله بلغة رشيقة وتعابير دقيقة، تنمُّ على ذائقة فنية وجمال. "

وفي البحث الذي جاء بعنوان "الإبداع الفكري والأدبي المغربي من خلال "صياد اللآلئ" للدكتور علي القاسمي" ، بيّن الدكتور عبد الجبار لند من كلية الآداب والعلوم الإنسانية في مدينة الجديدة، أنّ اختياره قراءة كتاب صياد اللآلئ جاء لسببين، الأول منهما يتمثَّل في رغبته في الاطلاع على متن يتضمن معارف علمية وأجناسًا أدبية لأعلام مغاربة مختلفة المضانّ ومتعدّدة المشارب، والسبب الثاني هو رغبته في أن يقرأها بعين مشرقية كانت أُصولها مهد الحضارة العربية في أوجها، بل مهد الحضارة الإنسانية جمعاء ألَا وهو العراق "الشقيق".. ويرى أنّ الصياد العبقري النحرير استطاع ببصره العلمي والمنهجي وبصيرته الفنية وذائقته الأدبية المرهفة، أن يلتقط نخبة من أجود ما أنتجه العقل المغربي فكرًا وإبداعًا، وأن يقدِّمه في حلة قشيبة قلَّ نظيرها، تمتزج فيها معاني الوفاء والإخلاص.

وكان لبحث "قراءة في عتبات "رواية المرافئ السبعة" لعلي القاسمي"، للدكتور مولاي البشير الكعبة  شعبة اللغة العربية وآدابها، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، عين الشق، أثر كبير في الكشف عن رؤية الباحث التي تتضمن في أنَّ خطاب بداية الرواية ونهايتها في رواية مرافئ الحب السبعة  قد حدَّدت لنا مسار دخول عالم علي القاسمي الروائي؛ وصنعت هذه العتبات مجتمعة: الداخلية منها والخارجية بمساعدة القارئ المؤول نصًا احتماليًا، هو نتاج تفاعل مقصديات كل من الكاتب والقارئ، له وظيفة جمالية وأخرى تداولية.. فالرواية برأيه فضلًا عمّا مَرَّ تنماز ببلاغة سرد رائعة، وبلغة شعرية معبّرة عن ثقافات متنوعة، وعن وقائع اجتماعيّة وسياسيّة ونفسيّة مختلفة؛ ومن ثَمَّ فهي إضافة نوعية للمكتبة العربيّة وإغناء لها. وقد اقترح الباحث أن تُقرَّر الرواية مؤلفًا بالمرحلة الثانوية؛ تقديرًا لجهود الدكتور علي القاسمي وتميُّزه.

وربط الدكتور عبدالله عبد الرحيم عسيلان رئيس نادي المدينة المنورة الأدبي، في بحثه الموسوم ب"علي القاسمي بين مفاهيم الثقافة وطرائف الذكريات"،  بين كتابَي مفاهيم الثقافة العربية، وطرائف الذكريات، وذكر أنّ القاسمي قد انفرد بنهجه وأسلوبه في العرض على نحوٍ فيه جِدة وحضور للمؤلِّف.

وفي الجانب الشخصي ذكر أنه عرف القاسمي عن كثب، وجالسه، وتجاذب معه أطراف الحديث في موضوعات وقضايا شتى فوجده أنه يأنس بالحديث عن القضايا العلمية والأدبية، وعن الأدباء والمثقفين ممن له علاقة وثيقة بهم وما أكثر من يعرفهم ويعرفونه منهم في الوطن العربي وخارجه، وله جاذبية عندما ينتقل بك إلى حديث الذكريات فإنَّه يأسرك بحديثه، ويجبرك على الإصغاء إليه؛ لأنه يصدر عنه بصيغة شبه درامية وبأُسلوب جذاب.

وضمَّ المحور الثاني الذي حمل عنوان" أسئلة المعجم والمصطلح والترجمة في أعمال علي القاسمي"  ثلاثة أمور:

1ـ الصناعة المعجمية عند على القاسمي.

2ـ الدرس المصطلحي عند علي القاسمي.

3 ـ إشكالات الترجمة والتواصل في أعمال علي القاسمي.

ويشتمل هذا المحور على عشرة بحوث، سألخِّص القول فيها على النحو الآتي:

البحث الأول "قراءة في كتاب "علم اللغة وصناعة المعجم" لعلي القاسمي: جهوده في توحيد المصطلح" للدكتور عبد الهادي الدحاني شعبة اللغة العربية وآدابها، كلية الآداب، عين الشق، الدار البيضاء، وقد أشار الباحث عبر قراءة كتاب "علم اللغة وصناعة المعجم" إلى أن صناعة المعجم قد حظيت خلال الحقبة الأخيرة من القرن الماضي بعناية كبيرة، تبلورت في مجالات رئيسة ثلاثة هي:

1- البحث المعجمي.

2- نمو علم المصطلح.

3- تطور مؤسسات الترجمة وتقنياتها.

 ويلخّص قكر القاسمي في أنّ صناعة المعجم لها صلة وثيقة بعلم المصطلح والترجمة، ومن ثَمِّ فهي تؤدي وظيفة على جانب كبير من الأهمية في حياة الناس العملية والعلمية، ودعا إلى تعميم دراستها في أقسام اللغة العربية واللغات الأخرى في الجامعات العربية والإسلامية.

وركَّز الدكتور كبور كريم الله ، شعبة اللغة العربية وآدابها، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، عين الشق، في البحث الموسوم بـ"الدكتور علي القاسمي لسانيا تطبيقيا"،  على الجانب التطبيقي في مؤلفات القاسمي، فأول كتاب باللغة العربية في موضوع المعجم - بعد "مختبر اللغة"_ فهو كتابه الرائد "علم اللغة وصناعة المعجم"..

ومما تجدر الإشارة إليه أنّ القاسمي يواكب التطورات اللاحقة في مجال المعجمية الحاسوبية والترجمة الآلية. وقد واصل المؤلِّف مسيرته المعجمية الحافلة بـ"معجم مصطلحات علم اللغة الحديث" برفقة آخرين سنة (1983) و"معجم الاستشهادات" سنة (2001) و"المعجمية العربية بين النظرية والتطبيق "سنة (2003) من غير أن ننسى "المعجم التاريخي".

وإذا كانت الأبحاث التي تنصب على لغة الطفل ذات طبيعة لسانية نفسية، تشكِّل دراسة حالة، وتعتمد على بروتوكولات خاصة، فإنّ مقاربة علي القاسمي للغة الطفل العربي في كتابه " لغة الطفل العربي: دراسات في السياسة اللغوية وعلم النفس" تزاوج بين التحليل اللساني النفسي والتحليل اللساني الاجتماعي، وهما معًا من صميم اللسانيات التطبيقية.

وهو يرى أنه بفضل الأعمال الرائدة للأستاذ علي القاسمي، ظهرت اللسانيات التطبيقية في المغرب العربي كما هي الحال في الرباط والراشدية وكلية الآداب عين الشق الدار البيضاء، ومن المرتقب امتدادها إلى مدن أُخَر.

وجاء البحث الموسوم ب "قضايا معجم الاستشهادات" للدكتور جمال بندحمان شعبة اللغة العربية وآدابها، كلية الآداب، عين الشق، ليبين فيه أنّ الدكتور علي القاسمي يعتمد الجرأة والابتكار والتجديد عبر الاشتغال على معجم نادر النوعية مثلما هو الحال مع (معجم الاستشهادات) الذي يتجاوز مفهوم التخصص في الإنتاج المعجمي العربي، أو في إصداره عددًا من الكتب الأكاديمية في المعجمية والمصطلحية مثل: "علم اللغة وصناعة المعجم"، و"لغة الطفل العربي"، و" الترجمة وأدواتها"، والسياسة الثقافية" ما يُلحظ أن الصناعة المعجمية لدى د. القاسمي ليست مجرّد عمل تطبيقي وإنجاز عملي، بل إنها تتجاوز ذلك لتخوض في قضايا نظرية مؤسسة لمرتكزات تفتح أمام الباحثين فيضًا من الأسئلة مما يجعلها أُفقًا رحبًا للاشتغال أو لتطوير المنجز منه.

ووسم الدكتور لحسن توبي/ المركز الجهوي لمهن التربية، والتكوين بالدار البيضاء،  بحثه بـ"المصطلح اللساني في القواميس اللسانية: معجم مصطلحات علم اللغة الحديث" نموذجًا"، فبيّن فيه أنّ القواميس اللسانية التي فتحت نقاشًا علميًّا (معجم مصطلحات علم اللغة الحديث الصادر سنة 1983) الذي شارك فيه ثلة من اللسانيين، من بينهم د. علي القاسمي. والحقيقة أنّ التقويم العلمي لهذا العمل يستدعى التوسل بعُدّة دقيقة (شبكات تقويمية)، تنطلق من زمرة من المعايير التي تنهض عليها الصناعة القاموسية، فتتقيد الأحكام بضوابط موضوعية، كالمصداقية والوثوقية.

ومن هذا المنطلق، فقد ركز الباحث على معيارين متكاملين: الأول، كمي، يخص حجم الذخيرة الاصطلاحية اللسانية في القاموس المذكور، مع موازنته ببعض الأعمال الأُخَر. أما المعيار الثاني فذو طابع نوعي، يتعلق بجريان تعريف المصطلح اللساني، ومدى استيفائه الدلالة المطلوبة. وقد ذيّل بحثه بشبكة تقويمية للقواميس اللسانية، من شأن الاهتداء بها الإسهام في استجلاء قيمة هذا القاموس اللساني.

 أمّا البحث الموسوم ب"مساهمات علي القاسمي في تطوير المعجمية العربية" للدكتور محمد اليملاحي، المدرسة العليا للأساتذة – الرباط. فقد عَدَّ الباحث إسهامات علي القاسمي في مجال المعجمية تسير في منحيين، أولهما: نظري يندرج، مع شيء من التجوّز، بضمن علم المعجم، وثانيهما: تطبيقي يندرج بضمن صناعة المعجم.

وقد أرجع أصول المنحى الأول إلى كتاب علم اللغة وصناعة المعجم، ويهدف الكتاب إلى الإسهام في" تطوير الصناعة المعجمية من أجل إنتاج معجمات أفضل من أجل تيسير حركة الترجمة والتعريب، وتسهيل دراسة اللغات الأجنبية".

 ويرى اليملاحي أنّ هذا الكتاب ما زال ينطوي على بعض المبادئ العامة التي لا غنى عنها في صناعة المعاجم المزدوجة اللغة، على الرغم من أنّه يبدو اليوم قديمًا بالنظر إلى تاريخ نشره، ومن المرجح أن المعاجم العربية الثنائية اللغة قد أفادت من الكتاب، ولا سيّما أنه قد ظهر في وقت لم يكن هذا النوع من المعاجم قد انتشر بعد. و هو يرى أنّ البحث المعجمي عند الأستاذ علي القاسمي لا يُطلَب لذاته ومن أجل ذاته لا غير، بل يُطلَب لما ينطوي عليه من إمكانيات للنهوض بالمستوى العلمي والثقافي للأمة.

وقد عرجت الدكتورة فتيحة بلعباس شعبة اللغة العربية وآدابها، بكلية الآداب عين الشق،  في بحثها الموسوم ب"الترجمة عند علي القاسمي"  على مؤلفات القاسمي في الترجمة أولها مسرحية "الفلاح البائس" للود فيغ هولبرغ، فضلاً عن ترجمته للكاتب البريطاني جوليان سيمونس"القصة البوليسية"، وترجم أيضًا رواية "أحلام اينشتاين" لعالم الفيزياء والروائي الأمريكي الن لايتمن، فإنّ القاسمي كان مولعًا بالترجمة الأدبية.

وقد ركزت الباحثة على ترجمة رواية "الشيخ والبحر" لرصد مختلف تجليات هذه الترجمة وآثارها في الأدب العربي، وكيف أعادت ترجمة رواية "الشيخ والبحر"، ونقلها إلى القارئ العربي بطريقته الخاصة التي استثمر فيها معرفته بهمنغواي، وأُسلوبه وتقنياته، وكل ذلك من أجل أن تصبح الترجمة جسرًا لا لعبور المضامين فحسب، وإنّما لعبور الأساليب والتقنيات والتفاعل الثقافي والحوار الحضاري.

ووسمت الدكتورة فاطمة يحياوي بحثها ب"الدراسة المصطلحية عند علي القاسمي"، وذكرت فيه الباحثة أنّ الخبير اللساني علي القاسمي قد انشغل باستحداث المصطلحات في اللغة العربية بهدف التعبير عمّا يَجِدُّ من مفاهيم في مختلف الحقول العلمية والمعرفية والتكنولوجية، فكان إسهامه بارزًا في مجال إعداد ووضع المصطلح العربي وتوحيده في إطار المؤسسات التي عُهِدَ إليها القِيامُ بهذه المهمة في العالم العربي، وذلك من خلال عُضويته في مَجمع اللغة العربية بالقاهرة وعمله مستشارًا بمكتب تنسيق التعريب بالرباط، الذي كان ضمن هيأة تحرير مجلته "اللسان العربي".

وفي البحث الذي وسم بـ"الشاهد الشعري في معجم الاستشهاد للدكتور علي القاسمي بين معيارية الاحتجاج وسؤال التلقي، قراءة في الخطاب المقدماتي"، بيَّنَ الدكتور محمد المعروفي من كلية الآداب بفاس، أنّ الأخذ بالخلفية المفهومية والاصطلاحية التي بُنِيَ بها الشاهد المعجمي في مسالكه النصية الممثلة في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف والشعر العربي القديم وغير ذلك، وتحويلها إلى نظام نظري تأصيلي محدَّد، يناقش المفاهيم المرافقة لعملية الكتابة من جهة المعاني التي تقع الإشارة إليها ومداراتها السياقية. وذكر أنَّ دراسة الشاهد الشعري عند الدكتور علي القاسمي قد أظهرت التصورات المختلفة التي انتهجتها العلوم العربية في التقعيد المعرفي للموضوعات والقضايا، ممَّا وافر للدراسة في بعديها النظري والتطبيقي إمكانات ثقافية غنية، على مستوى تعيين النماذج الشعرية وعلى مستوى تفسيرها وتأويلها، بوصفها كيانات جمالية تروم تمثيل الاعتبارات المعيارية المقترنة بانشغالات العلماء من السلف الذين "شدوا الرحال إلى مختلف القبائل يروون عنها الشاهد والمثل، ويقيدون ذلك في نطاق ما يُسمَّى في تاريخ العلوم اللغوية بحركة الجمع. ولقد أدّى اهتمام هذه الطائفة بالشعر في وقت مبكر إلى جملة من النتائج سيكون لها أبعد الأثر في تاريخ البلاغة والنقد عند العرب".

وركّزت الدكتورة بتول عبد الكاظم حمد الربيعي في بحثها الذي وسمته بـ"التجديد في المعجمية العربية"، على جوانب التجديد في المعجمية العربية، وبيّنت أن القاسمي قد ترك المجال فسيحًا للمعجميين لينتهوا من النقطة التي ابتدأ هو منها، فقد قدّم دراسة مستفيضة في استشراف مستقبل العربية، فهو لا يكتفي بصناعة المعجم في العصر الحاضر، بل ينطلق بها إلى المستقبل على نحو ما نجده في كتابه (صناعة المعجم التاريخي للغة العربية)، فالكتاب بمجمله جمُّ المنافع، ويمكن عدُّه موسوعة معجمية نقدية تقويمية لا يستغني عنها المختصون بالمعجم العربي، والمعنيون بدراسة اللغة بصورة عامّة.

فقد نظر القاسمي إلى المعجمية العربية على أنَّها قيمة حضارية وثقافية ومطلب ديني وقومي في آنٍ؛ لذا فقد دعا إلى صناعة المعجم التاريخي للغة العربية، وقد تبلورت تلك الدعوة في مشروعين لصناعة المعجم التاريخي للغة العربية هما (مشروع القاهرة ومشروع الدوحة) والدكتور علي القاسمي أحد أعضاء هذين المشروعين.

ولعلّ من أصعب ما يعتور الدراسات المعجمية، صناعة المعاجم التعليمية، ولا سيّما إذا كانت للناطقين باللغات الأُخَر، وقد ذلّل القاسمي تلك الصعوبات، ووضع الأسس النظرية لصناعة المعجم المخصص للناطقين بغير العربية، فكانت ثمرة هذه الأُسس المعجم العربي الأساسي.

 ولأهمية الاستشهادات (القرآنية والحديثية والشعرية والنثرية والأقوال المشهورة والأقوال المقتبسة من الديانات الأخرى والحكم والأمثال)، فقد جمع القاسمي ما طالت يده منها في مصنّف واحد تسهل العودة إليه كُلّما دعت الحاجة، وهو مرجع يشتمل على خلاصة تجارب خاض الكاتب في غمارها سنين طوال. فالقاسمي ينطلق من فكر حداثوي غربي، وقد استثمر هذا الفكر لبعث الحيوية والنشاط في المعجمية العربية لمواكبة التطور السريع في المسرح اللُغويّ الذي يشهده العالم، فقد كان تأثره بالغرب تأثرًا إيجابيًا وليس سلبيًا، خدم به اللغة وفتح أبوابًا معرفية جديدة قائمة على بحث معمّق في التراث العربي، وربطه بالاتجاه اللُغويّ المعاصر.

وكان خاتمة هذه البحوث بحث الدكتور محمد أيت اعزي من كليــة الآداب والعلوم الإنـسانية، بعين الشق، بعنوان "التفكير النحوي عند الدكتور علي القاسمي"، فقد وقع اختيار الباحث على دراسة التفكير النحوي عند الدكتور علي القاسمي في كتابه الموسوعة "علم المصطلح أسسه النظرية وتطبيقاته العملية" وركّز في بحثه على ثلاثة فصول من الكتاب، وهي: الفصل الحادي والعشرون: تحدّث فيه عن المشتقات، والفصل الرابع والعشرون: تحدّث فيه عن النحت، والفصل الخامس والعشرون: تحدّث فيه عن التركيب، وانتهى الباحث إلى أنّ القاسمي قدْ تبنّى مذهب الكوفيين في كثير من المسائل النحويــة.

وتضمَّنَ هذا الكتاب أيضًا دراسة مهداة إلى الدكتور علي القاسمي قدّمها  د. أحمد متفكر بعنوان "مراسلة بين عالـمَين، أحمد الشرقاوي إقبال، ومحمد المختار السوسي"، وتضمَّنَ أيضًا قصيدة بعنوان سحر الذاكرة للأُستاذ الدكتور حسن مكوار رئيس جامعة محمد الأول في وجدة سابقًا.

واشتمل الكتاب على شهادات في حقّ المُحتفَى به، قدّمها كُلٌّ من:

1- الأديبة والشاعرة والمناضلة الدكتورة  (مليكة العاصمـي) (مراكش)   بعنوان "الدكتور علي القاسمي: أن تكون صديقًا لدائرة معارف"، وذكرت أنــَّه ليس غريبًا أن يجمع الدكتور علي القاسمي هذا الرصيد الهائل من المعلومات والمعارف العلمية والبشرية، والأحداث التاريخية أو الحية الحاضرة، وغير ذلك من القيم الأُخَر، فقد عاش حيوات في حياته. عاش العراق، وما أدراك ما العراق؟. وعاش في مصر، وبيروت، وعددًا من بلاد الشرق العربي. وتنقَّلَ في قارات أمريكا، وآسيا، وافريقيا، ودرس في جامعاتها. وأقام في كثير من هذه البلاد في مراحل أساسية من تاريخها وتحولاتها، ومراحل أساسية في حياته. وانخرط في أنديتها وأنشطتها ومكتسباتها ومعاناتها. ومارس مهام نوعية. وتقلَّبَ في مناصب ومسؤوليات حيوية دولية. وتحفل مجالس الدكتور علي القاسمي في الوقت نفسه بالطرف والأخبار والحكايات والبدائع لتكون في قلب دائرة المعارف بكل ما تحفل به من معارف ومكملات.

2- الدكتور محمد مساعدي الكلية المتعددة التخصصات تازة بعنوان " علي القاسمي المبدع الموسوعي"، قال فيه: مَنْ يعرف عن قرب فضيلة الدكتور علي القاسمي يدرك الدلالات العميقة والمتشعبة لعنوان هذه الندوة "إنسانية الفكر في الأدب واللغة"؛ فالقيم الكونية متأصلة في هذا المبدع المناضل، وبصماتها واضحة المعالم في إبداعاته وكتاباته الفكرية، ومَن يتتبع هذه الكتابات يدرك أنها علة اغترابه عن وطنه الأُم. وعلى الرغم ممّا عاناه علي القاسمي الإنسان من تجارب مريرة مع الغربة إلَّا أنّ علاقاتِه الإنسانية الراقية جعلته يَكْسِرُ طوق هذا الاغتراب القسري ويُحَوِّلُهُ إلى أُلفَة حينًا، وإلى ذخيرة ينهل منه البناء مشروعه الفكري، أو بياض يؤثث كتاباته الإبداعية أحيانًا. ولهذا يستحق أن يُقال عنه بحق إنّه مفكر ومبدع موسوعي اجتمع فيه ما تفرَّق في غيره".

3- مريم الناوي الكلية المتعددة التخصصات بتازة، بعنوان "في البدء كان الحب، رسالة من المرفأ الثامن" جاء فيها: هذه الندوة بدأت وهي فكرة، بالحب وأراها اليوم تنجح؛ لأنّ هذا الشعور الإنساني يغمرها من الجهات كُلّها، والمرفأ الثامن هو هذه القلوب مجتمعة: قلب السيد العميد، السيدة منسقة الندوة، قلب السيد رئيس الجلسة، قلب الشاعرة والمؤرخ، قلب القاص والناقد والمحقق، والأُستاذ الزميل والطالب الباحث الممتن، من المحيط إلى الخليج، قلوبنا جميعًا بين يديك فلترس عليها بسلام وبركات عليك.. قلوبنا مصابيح حب تضيء ليل الغربة في عينيك وكلنا على عهدك وعلى قولك: إننا عراقيون على الرغم من كل الظروف، وعلى الرغم من الزمن، وهناك ما هو أهم من أوراق التعريف، إن عراقيتنا مطبوعة في أجسامنا، في جيناتنا، والأوراق لا تغير الحقيقة والحقيقة لا يمكن أن تُمحَى.

 4- مرية الشوياخ  مكتب تنسيق التعريب بالرباط، بعنوان "ثقافة القاسمي غنى وعطاء"، ذكرت فيه أن الدكتور علي القاسمي عالم لغوي وشاعِر أَديب وقبل ذلك كُلّه، وفوق ذلك، هو إنسان نبيل بكلّ معنى الكلمة ومثال للخلق الإنساني الرفيع. وأقول: نحن نحبك ونقدرك ونحترمك، فقد تعلمنا منكم كثِرًا لِما وهبك الله من فكر مبدع، وقدرة على التواصل والتبْليغ ونتمنى لكم طول العمر وموفور الصحة وموصول العمل والإبداع.

4- سميرة زيراوي بعنوان " صداقة أدبية"،  وقد تحدثت عن الصداقة الأدبية التي جمعت بين الدكتور علي القاسمي ووالدتها زهرة زيراوي "رحمها الله" ،وجاء فيها أنّ تلك الصداقة لا أذكر متى بدأت، كنتُ أرافقهما في حواراتهما التي لا تنتهي، كانت تدوم أحيانًا لساعات، دون أن يَشعرا بالملل. وأرى كيف أن تلك اللقاءات تُسعدهما، وأشعر أيضًا برغبة كِليْهِما بتمديد تلك اللحظات، التي سيتقاسمان فيها مجموعة من الأطروحات والتساؤلات الفكرية العميقة. أحبَبْتُ أيضًا، كيف حاكُوا هذا النوع من المشاركة بثقة صارمة، إذ يتقاسمان كُلّ همومهما السوسيوثقافية، بكثير من الثقة والأريحية. افتخرتُ دائمًا بهذا النوع من الصداقة والنضج الإنساني العميق الذي يتعدى العلائق الاعتيادية، حيث يلغي الزمن، ونوعية الجنس، وفارق السن، كل شيء يُلغـَـى ويبقى الهاجس الفكري هو الوحيد المسيطر والقاسم المشترك بينهما. فشكرًا دكتور على كل اللحظات الجميلة التي منحتَهَا لوَالدتي، وعلى نُبْلكَ الدائم، وعلى ابتسامتِكَ الطفـولية التي ما فارقت محياك يومًا.

وجاء مسك ختام الكتاب كلمة المُحتفَى به الدكتور علي القاسمي الصوت المتعدد، وكانت بعنوان "حياتي بين التسيير والتخيير"، وقد نشرت في صحيفة المثقف الإلكترونية، وأُلحِقَت بالكتاب مشاركات وتفاعلات المثقفين من داخل الوطن العربي وخارجه مع كلمة الدكتور علي القاسمي وردوده عليهم، والتي نشرت في صحيفة المثقف.

فهذا الكتاب هو قراءة لأعمال الدكتور علي القاسمي التي استدعت الوعي بمجمل القضايا المعرفية التي ترتبط بالذات، والمجتمع، واللغة، والتربية، والأدب، والنقد، والترجمة، والمعجم، والمصطلح، ومدى انعكاساتها وأثرها في صوغ أُفقٍ علمي يستثمر التفاعلات والتقاطعات القائمة بين مجالات الفكر الإنساني، وهو مرجع مهم لجميع الباحثين والمهتمين بالدراسات اللغويّة والفكرية عند الدكتور علي القاسمي.

 

الدكتورة بتول عبد الكاظم حمد الربيعي.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم