نصوص أدبية

مصطفى علي: الى الحِلّه خاصِرةُ الفُراتِ

الى الحِلّه خاصِرةُ الفُراتِ وَخَصْرُه

والى بابلَ التاريخ

***

وقوفًا عِنْدَ خاصِرَةِ الفُراتِ

وَزيدوني نَبيذاً ياسُقاتي

*

لَعَلّي أنْثُرُ الأنْغامَ كُحْلاً

على عينِ الغزالةِ والْمَهاةِ

*

قِطارُ الليلِ قد فاتَ المُغنّي

فَعادَ مُغَنّياً بَعْدَ الفَواتِ

*

خُذوا قلبي بقافلةِ السّهارى

الى فيحائنا عَبْرَ الفَلاةِ

*

وَإنْ حَنّتْ قَوافِلِكمْ لِحادٍ

فَقلبي في السُرى أوْفى الحُداةِ

*

لِخاصِرَةِ الفُراتِ نَذرْتُ قلبي

دَواءً مانِعاً وَجَعَ الحَصاةِ

*

على خَصْرِ الفُراتِ لَمَحْتُ سِرْباً

عَنادِلُهُ تُناغي القُبّراتِ

*

على شَجَرِ الخَيالِ غَفَوْنَ دَهْراً

يُعَلِّمْنَ الورى معنى الأناةِ

*

إذا ما طِرْنَ سِرْباً أو سَراباً

تناهَبْنَ الفُؤادَ كما الفُتاتِ

*

فَيا أُمَّ المدائِنِ سامِحيني

إذا ما صِرْتِ في النَجوى فَتاتي

*

غَدوْتِ شَقائِقَ النُعْمانِ عِطْراً

وَهِنْدَ قَصائدي بينَ البناتِ

*

لِماءِ سَمائِنا الزرقاءِ ظَبْيٌ

فهل باتَ السَديرُ بِلا كُماةِ

*

فَليْتَ القلبَ قد أضْحى غديراً

فَيَرْوي كُلّما عَطَشَتْ قَطاتي

*

فؤادي دارَ حَوْلَ االسورِ فجرًا

كَدرْويشٍ سَما وَبِدونِ (قاتِ)

*

حَنانيْكِ الهوى صاباً سَقانا

وأسْكَرَنا الغرامُ بِلا شَكاةِ

*

وَقَفْنا عِنْدَ بابِكِ إِذْ شَمَمْنا

شَذى مِسْكِ الظِباءِ الموقِداتِ

*

بِهذا القلْبِ فانوسَ التَجلّي

فَهَوَّمَ في (دَرابينِ) المَشاةِ

*

كأنَّ قصيدتي طُبِخَتْ مَساءً

على جَمْرِ المَواجِدِ والطُهاةِ

*

أنا المسكونُ في عِشْقِ القَوافي

وأقلامي شَكَتْ شُحَّ الدَواةِ

*

خَيالي يوقِدُ الذِكْرى مَجازاً

فَيَشْتَعِلَ الجَوى بالْذِكْرَياتِ

*

تَلَفَّتَ خافِقي فَذَوى حَنيناً

وَهَلْ معنى الحنينِ سِوى المَماتِ

*

أَيَكْسِرُني الحنينُ لِشَطِّ ليلى

وأعذاقِ النخيلِ المُسْكِراتِ

*

لِأرْشُفَ ما تَجودُ بهِ الدَوالي

وَما تَعِدُ الكُرومُ مِنَ الهِباتِ

*

أَواسِطَةَ القِلادةِ من بلادي

حماكِ اللّهُ من زيْفِ الدُعاةِ

*

سَميرَ أميسَ قد تُهْنا سُكارى

بِكمّثْرى الجِنانِ بلا نواةِ

*

هَفوْنا نَحْوَ جَنّتكم عطاشى

أديري الكأسَ تَسْنيماً وهاتي

*

فَمِنْ جَبَلِ الأيائِلِ جيء َ فجراً

بِهوْدَجِها لِعَرْشِ المُعْجِزاتِ

*

رَأى في شَعْرِها شلّالَ ماءٍ

فأهْداها فَراديسَ اللواتي

*

سَلَبْنَ اللبّ مِنْ أعتى مَليكٍ

فّطوَّفَ سابياً نَسْلَ العُتاةِ

*

سَلوا أُمَّ الجَنائِنِ كيفَ أمْسَتْ

بِأهْدابِ السَماءِ مُعَلّقاتِ

*

لِشِعْري صِرْتِ سوسَنةَ البَوادي

وَلُؤْلُؤةِ العُصورِ الغابراتِ

*

فَأنتِ السِحْرُ مُذْ هاروتُ أوْحى

الى ماروتَ أسْرارَ الحَياةِ.

*

وَمُذْ أغْوتْ حَمورابي الوَصايا

فَلَقّنتِ الشرائعَ لِلْقُضاةِ.

*

فَمِنْ بُرْجٍ لِبابِلَ شَعَّ فَجْرٌ

حَكى شَدْوَ البلابلِ واللغاتِ

*

إذا ما ضجَّ في روحي العِراقُ

أرى العَنْقاءَ فَزّتْ مِنْ سُباتِ

*

فَحَوّلتِ الرَمادّ بَريقّ ضوءٍ

لِمُنْتَجَعِ الشقائقِ في رُفاتي

*

فَمُذْ غابَ النَحاريرُ القُدامى

تَغَجّرْنا دُهوراً في الشَتاتِ

*

فَيا سِرَّ البِدايَةِ عَلِّليني

فَقَدْ شَحَّ البريدُ على السُعاةِ

*

ويا مَهْدَ الغضائِرِ كُنْتُ أشقى

بِذي الخَجَلِ المُعَتّقِ في سِماتي

*

أنا الريفيُّ والقُرَويُّ نَبْعاً

وَطَلْعُ النخْلِ فَوْحٌ من صِفاتي

*

وكم جِئْتُ المَدينةَ مُسْتَنيراً

بأنغامِ النوى والأغْنياتِ

*

فَلَمْ تَحْفَلْ بألْحاني وَشِعْري

وَلَمُ تَغْفِرْ كما الدُنْيا هَناتي

*

فَليْتَ القلبَ قد أضْحى غديراً

فَيَرْوي كُلّما عَطَشَتْ قَطاتي

*

(صَفِيُّ الدينِ) ذَكّرنا قديمًا

بِأنْدَلُسَ الهوى وَ مُوَشّحاتِ

*

(مُوَفّقُ) في حَواريها يُغنّي

على عَزْفِ العَواذِلِ والْوشاةِ

*

تَوَضّأ في قصائِدِهِ فُؤادي

وَمَرّتْ كالسُلافَةِ في الّلهاةِ

*

الى تِمْثالهِ طَفَقَ الندامى

صَعاليكُ المدينةِ كالغُواةِ

*

وَسعْدي لم يَزَلْ حَيّاً يُغنّي

مَواويلاً كَنوْحِ مُطوّقاتِ

*

يَميلُ (الطاگُ) بالدنيا إذا ما

شَدا (بوذيّةً) طوْرَ (البَياتِ)

*

ظِباءُ (* الجامِعينِ) هُناكَ تَرْمي

على الأكْبادِ جَمْراً والْرِئاتِ

*

تَهُبُّ قلوبُنا للشَطِّ سَكْرى

هُبوبَ الريحِ في شتى الجِهاتِ

*

ذُنوبُ العاشِقينَ وَإنْ تَمادوا

غَدتْ كَفّارةً للسيّئاتِ

*

توضّأنا بأمطارِ الأغاني

وأطْفأْنا جِمارَ المَعْصِياتِ

*

تَطَهّرْنا بِها ثمّ إرْتَقيْنا

صعودًا رغْمَ عَزْفِ المُغْرَياتِ

*

فَطِرْنا نعْتَلي ريشَ القوافي

وأجنحةِ الخَيالِ الموحِياتِ

*

سُمُوّاً حَيْثُ أخْيِلَةِ النَدامى

لَها قَدْحُ الجِيادِ المورِياتِ

***

د. مصطفى علي

في نصوص اليوم