نصوص أدبية

ريما آل كلزلي: من دفاترِ نهر

من الوديان جِئتُ

بعضي يموجُ في بعضي

أبحثُ عن بحرٍ مُشَرَّعٍ

تَناديني الطريقُ

فأواجهُ النسيانَ

فاقدًا ذاكرةَ العودةِ

مع ذلك أمضي.

برحلةٍ لا عودةَ منها

كلُّ لحظةٍ تُحيلُني ماضٍ

وإن أقفلتُ الحياةَ على عتماتِها

كي أتفتَّقَ موتًا

فأواجهُ الظلماتَ بلا وَجَلٍ

نهرًا جديدًا كَهُطولِ المَطَرِ

أُصَلِّي للضفافِ فينبتُ الربيعُ..!

أُعانقُ الطريقَ في لحظةِ انكسارِ الضوءِ

والخفافيشِ

أشربُ من عينِ الصَّخْرِ

أُفَكِّرُ لمرةٍ واحِدَةٍ بِاحْتِلالِ البَحْرِ

ومثلَ تُرْسَانَةٍ نَوَوِيَّةٍ يلوحُ لي الطَّرِيقُ،

والكلّ يتساءلونَ مَنْ تكونُ؟

أنا لم أحملْ فِراشي معي فالتُّرابُ سَنَدي والأرضُ بيتي

والغُرْبَةُ نَشِيدي.

وهناك...

في الشمالِ، حيثُ يَرْتَخي الضِّياءُ

يهمِسُ الأملُ

قِصَصًا من نورٍ وظِلٍّ

لنهرٍ رأى في الأفِقِ إشراقةً

فَرَكَضَ نَحْوَ الأماني

يُعانقُ أرواحَ السكينةِ

وبِعَيْنَيْهِ بَرِيقٌ وسُؤالٌ:

متى نَعودُ أحرارًا؟

سأُنظُرُ للأمامِ

طالما تَلُوحُ الشمسُ في مَحارِيبي

فالأرضُ بكُلِّ تُرابِها

مَسْرَحٌ لزراعةِ الأحلامِ

سأُنظُرُ للغُرَّاسِ وأنتظرُ دَوحًا من قلبِ الأرضِ بكُلِّ شَوقٍ..

سأَجْري على الأرضِ المُنْبِتَةِ بالعَطاءِ

أُصافِحُ السَّنابِلَ

وأُغازِلُ الوَرْدَ وأُقنِعُ أزرار البنفسجِ أن تَبتَسِمَ

تَحْتَ شمسٍ تُذيبُ شَمْعَ الأمْسِ المُظلِمِ

وتُشرِقُ على كُلِّ زاويةٍ شَكٍّ

بنورِ يَقينٍ .

أَتْبَعُ دربَ العَصافيرِ

ترقُبُني الأشجارُ

حيثُ الأحلامُ تَتَجَسَّدُ

في رَقْصَةِ ألوانِ الفُصولِ

أَتَنَفَّسُ عَبيرَ البَداياتِ العَذْبَةِ

وأَشْهَدُ ميلادَ نُجومٍ تُحاكِي الأمَلَ.

أعزفُ سيمفونيةَ الحياةِ

بكلِّ نبضةٍ تُرسلُ أمواجَ الحبِّ إلى شطآنِ الوجود

فكُلُّ حَبَّةِ رملٍ تحتَ أقدامي

تروي قصةَ انتصاري على العدم

أمضي كرجلٍ يزرعُ قلبه ُفي البحرِ

وينسى روحهُ في الصّحراء.

***

ريما آل كلزلي

في نصوص اليوم