أقلام ثقافية

عنوان أزمتنا ثقافي محض

hasan jamieقبل الأزمة الإقتصادية يجب أن ننتبه الى أن عنوان أزمتنا ثقافي بامتياز، كان حالنا أفضل يوم كنا نقرأ نجيب محفوظ ودرويش وطه حسين وكارسيا ماركيز، ونسمع فيروز ونناقش في الملتقيات والندوات في مدارس الفلسفة وروائع الأدب العالمي، كان فينا قدر من العقل النقدي والمنطق، أما اليوم فتراجعت مكانة هاته

القيم في حياتنا لصالح أجهزة التحكم عن بعد والغيبيات وثقافة الدعاة فصرنا قبائل وطوائف عدنا لبدائيتنا في لحظة نحن أحوج ما نكون فيها للثقافة والمعرفة واستعادة العقل النقدي الذي يقبل الآخر ولا يقصيه أو يستأصله، أما وزارة الثقافة فتخرج إلينا بحزمة قرارات لمعاقبة المثقفين وحرمانهم من نافذة مفتوحة على الإبداع بدعوى

فقر الميزانية المالية المخصصة لهذا القطاع ؟

الثقافة والتعليم والإعلام حقول متداخلة لا يمكن لمشروع إصلاحي أن يقف على قدميه من دونها، معركة الإصلاح في جوهرها ثقافية تعليمية إعلامية، السياسة

مجرد مخرج من مخارجها ولن ينصلح حال السياسة من دون حياة ثقافية فكرية فلسفية سليمة .

لم تدرك الحكومة بعد حقيقة الأزمة ولو كان لدى وزرائها وعي بحقيقة الأزمة وإيمان بقيم العصر لحشدوا أغلب الموارد والدعم اللازم لمعركة النتوير وبناء الوعي حيث تكاد أجيال بكاملها أن تغرق في مستنقع الأفكار الظلامية والعدمية، المدرسون والتلاميذ وأساتذة الجامعات جلهم صاروا أسرى ثقافة تحط من قدر العلم والعقل النقدي، ثقافة تمجيد القبيلة والطائفة والحزب الواحد وتزدري قيم الحرية والإختلاف وتبني أسوار العزلة والإنغلاق، وفي غياب تقدير المثقفين وأهل الفكر

يتصدر المشهد أكثر الناس جهلا وحقدا فعمت ثقافة الكراهية حياتنا من أصغر دوائر المجتمع إلى أكبرها، وتراجعت مكانة الهوية الوطنية وحب الإنتماء لصالح

ولاءات قديمة دفنها المجتمع منذ عقود أو هكذا اعتقدنا .

المبدعون في حقول الأدب والشعر والمعرفة عموما نماذج تحتذى في العالم المتحضر هم مرجعيات المجتمعات وذخيرتها في أوقات الأزمات ومعين الشعوب

في مسيرة نهضتها وتقدمها، لكن في بلادنا احتل فقهاء {دم الحيض} والجهلة مكان العلماء يتصدزون الشاشات وتنظم لهم المهرجانات بدعوى دعم الإعتدال .

شعارات الإضراب العام جلها اقتصادية تنموية وواحد في المائة منها ثقافية فكرية وهنا تكمن المعضلة حينما تغلب سياسة الإستهلاك على معركة التنوير

تنقلب الحقائق وندخل دوامة أجنحتها بين الإجرام والتطرف أيها المسؤولون لا تجعلوا من شباب هذا البلد حطبا للإجرام والتطرف إنقذونا ...

في المثقف اليوم