أقلام ثقافية

بعيدا عن ضجيج العامة

akeel alabodأوما يتصنعه الآخرون، المسافرون الى الحقيقة هم أولئك الذين تحرروا من زيف هذا الذي لم يتم تسميته بعد!

 

وقف الHomless عند مفترق الطريق المؤدي الى مكان ما، هنالك حيث زحام السيارات وأضواء الtraffic light، ثمة قصاصة كارتونية سمراء كتب عليها i am just hungry، بقي هكذا متسمرا في مكانه، منتظرا من يعطف عليه بورقة نقدية، أواي اوقطعة معدنية حتى ولو كانت من فئة الكوارتر، لذلك مع مرور السيارات كان البعض ينظر اليه باشمئزاز تام، بينما انصرف البعض الاخر آلى تفهم الموقف وفقا لزاوية يبرر فيها ما يسعى اليه، فقد يتعلق السبب بظروف لا يفهمها اي احد، فالمحتاج هذا قد يكون أستاذا او شخصية ما تعرض الى موقف يرتبط بوضعه المعاشي او الاجتماعي أومأ شاكل كمسألة العمل او الخلل في دفع ما يترتب على المواطن من التزامات مالية يرتبط الكثير منها بقانون الشركات الرأسمالية أواي سبب من هذا القبيل، على شاكلة ما يسمى bad credit. المهم لم يبق امام هذا الرجل فرصة للعيش او الاستمرار بالحياة الا بهذه الطريقة، لذلك تراه مسترسلا بوقفته لا يهمه نظرات من حوله، فالمترتب عليه هو فقط مقدار ما يحصل عليه أوما يساعده على ان يسد رمقه هذا اليوم، وما سيحصل عليه غداً أوبعد غد وهكذا. هو يختلف تماماً في تطلعاته عن أولئك الذين تراهم يمارسون حيواتهم الطبيعية وفقا لمعيار الحياة الاجتماعية وقوانينها بما تتضمنه من مظهر الملبس والمأكل والمنام، بل وحتى اختيار الأصدقاء، فطريقة هذا الواقف وطبيعة معيشته تختلف تماماً عنهم، اي أولئك الذين ينظرون اليه باستصغار، هو لم يمتلك سيارة ولا اجازة سوق سنوية ولا حتى ثياب نظيفة، هو لم يمتلك الا حقيبة رثة تحتوي بعض ملابس رطبة، مع كتيبات تعبت أوراقها بسبب كثرة الاستعمال، هو لم ينم مثلهم على فراش اوسادة مريحتين ومرتبتين في غرفة نوم مؤثثة ومجهزة بما يحتاج اليه هذا وذاك من البشر، هو أيضاً لا يحتاج الى هذا النمط آوذاك من المجاملات، فقد اقتصرت حاجته على مجموعة قطع كارتونية يتوسد عليها تحت مكان يقيه من البرد بنسبة يستطيع وفقها فقط ان يحمي نفسه من بلل الأمطار الهاطلة في فصل الشتاء القارص او حر الصيف، اوربما بموجبها يستطيع تأمين مكان قريب من مرافق صحية عامة تسهل عليه قضاء حاجته او الاستحمام على طريقة الغسل السريع للتخلص من رائحة الجسم التي قد لا يطيقها بعض المارة ما يمنعهم من مد يد العون اليه، لذلك ترى ان بعض هؤلاء يحرص ان يظهر بطريقة لائقة ومنظر جذاب وقد يمسك احدهم كيتارا او يمارس هواية ما تجعل الناس يجتمعون حوله ليستمتعون بما يعرض، مقابل بعض المتيسر من النقود. والقصة انه بحسب الحاجة يتغير منطق التفكير البشري، بل يتغير منطق الحياة أيضاً، فهؤلاء لا يهمهم عدد الساعات التي يجب ان يعملون، ولا مقدار الإيجار الذي يدفعون، ولا نوع الطعام الذي يشتهون ولا هذا الصنف آوذاك من النساء، ولا حتى هذا النوع آوذاك من العمل الذي يرغبون، ما يهمهم اي هذا الصنف من الناس، هو فقط ذلك السقف المفتوح الذي يجعلهم ينظرون الى الأفق، بطريقة تجعلهم اكثر ألفة مع الضوء وأكثر علاقة مع النهار، لهذا تراهم في الليل فقط يحسبون النجوم او ينظرون الى الغيوم، فلا علاقة لهم بما ينظر اليه العامة من الناس والمسافرين، ولا علاقة لهم بما يتطلع اليه هذا وذاك، فحاجياتهم قد تقتصر فقط على هذا الفضاء المسكون برائحة الليل والأشجار والعصافير.  

في المثقف اليوم