أقلام ثقافية

صوت الكلمة!!

في المجتمعات المتقدمة للكلمة صوت وصدى وتأثيرات ذات قيمة سلوكية ومعرفية، وفي المجتمعات المتأخرة، تخفت الكلمة وترتفع رايات "مجرد كلام"!!

وهذا فرق شاسع ما بين التقدم والتأخر!!

فالكلمة صانعة حضارة، ولولاها وحروفها، لما وصلت البشرية إلى هذا المرتقى.

وفي مجتمعات إبتكرت الكلمة وهندست الحروف وصاغت العبارات، وعبّأت السطور بالأفكار والرؤى والتطلعات، تموت الكلمات، بل تقتل وتنحر، وتفقد دورها وقيمتها ومحتواها.

فالكلمة ما عادت ذات ثقل معرفي ودلالات إنجازية، فلا تشير إلى فعل أو عمل، وإنما هي كلمة مجردة حتى من حروفها.

وهذا التفاعل مع الكلمة تسبب في إضطرابات وصراعات ما بين المجتمعات المتقدمة والمتأخرة، لأن الأولى تحسب الكلمة تساوي العمل ، والثانية الكلمة عندها بلا فعل ولا قيمة ولا معنى ولا دور، ولهذا تكون كلماتها كثيرة وأعمالها قليلة، لكن التعامل معها يكون بحجم الكلمات المنثورة، فالقول في عالم متقدم يعني الفعل، وفي عالم متأخر يعني أحلام يقظة وأوهام وفنتازيا لا تمت بصلة لواقع الحياة.

هكذا بدت الكلمة أمامي هذا الصباح وأحد الناشطات تحفزني على لصق ورقة على صدري تقول : " أنا أقدّر عدم خصم نسبة 2% من مرتبي"، لكي تصل الكلمة إلى المسؤولين وصناع القرار، فيدركون بأن هذا الخصم غير مرحب به من قبل العاملين، وعليهم أن يعيدوا النظر في الموضوع.

ذلك أن للكلمة حسابها، وعندما تتوحد الكلمة وتنطلق من عدد كبير من المواطنين يكون لها ثقل وتأثير، ولا يمكن إغفالها أو عدم الإكتراث بها، فللكلمة صوت مدوي وصدى أقوى!!

فهل لكلماتنا العربية صوت وصدى؟!!

 

د-صادق السامرائي

في المثقف اليوم