أقلام ثقافية

مالك بن نبي بين التملق والخصومة

moamar habarوصلني عبر زميلي الأستاذ محمد لعاطف، مقالا بعنوان "مالك بن نبي ودوره في الثورة الجزائرية"، بقلم: البروفسور رابح لونيسي، عبر مجلة "أصوات الشمال"، وقد كتب في أسفل المقال، "نشر في الموقع بتاريخ: السبت 12 شعبان 1436هـ الموافق لـ: 2015-05-30".

قرأت المقال وأعدت قراءته، فاستوقفني مقطعين مختلفين. الأول حين يتحدث صاحبه عن بن نبي، فيقول..

" إنتقل إلى القاهرة وما فتأ يعرض نفسه على قيادات الثورة، لكنه وجد رفضا له لدرجة تحوله كرد فعل منه إلى خصم لدود لكل هذه القيادات، ولم ينج ولا أحد منها من إنتقاداته، وهو مالا يجب أن يقع فيه مفكرا كبيرا مثله.".

وفي موقع آخر من المقال، يقول.. " لكن هناك سبب آخر جوهري يتمثل في وقوعه تحت تأثير النظام المصري، .. وأصبح ضحية لتلاعبات ومناورات المخابرات المصرية دون وعي منه".

ليست من صلاحيات هذه الورقة، مناقشة محتوى ماجاء في المقال، بغض النظر عن محتواها، لكن ستقف عند مقارنة لفتت الانتباه..

الكاتب يعاتب على مالك بن نبي، كونه فتح باب العداوة مع أطراف بعينها، حتى أنه تحول " إلى خصم لدود لكل هذه القيادات".

والحقيقة التي يجب أن تقال، أن بن نبي في كتابه "العفن"، إنتقد كل الأطراف ومن كل الأطياف، دينية كانت أو مدنية أو عسكرية أو سياسية أو ثقافية، باستثناء زميله حمودة بن ساعي، كما ذكرنا ذلك في مقالنا المنشور" حواري حول مالك بن نبي" و"مالك بن نبي من خلال كتابه العفن".

إذن القول بأن بن نبي فتح العداوة مع قيادات الثورة الجزائرية فقط، يحجب صفحة بأكملها من حياة الكاتب، الخاصة بانتقاده لجميع الأطراف، أو بلغة الأستاذ العداوة التي فتحها بن نبي.

ومن ناحية ثانية، يعاتب صاحب المقال على بن نبي بكونه أصبح " تحت تأثير النظام المصري"، الممثل يومها في عبد الناصر.

ونحن إذ نؤكد ماذهب إليه صاحب المقال، من استغلال عبد الناصر لمالك بن نبي لأغراضه السياسية، مع طرح تساءل شرعي لم يطرحه صاحب المقال، وهو ..

هل بن نبي كان يعلم باستغلال عبد الناصر له؟. أم لم يكن على علم بذلك؟، لأن قارئ لكتب مالك بن نبي، لايستطيع أن يجيب على السؤالين، كما جزم بذلك صاحب المقال، مع التأكيد على تبعية بن نبي لعبد الناصر، واستغلال عبد الناصر له.

بقيت نقطة هي التي كانت الدافع لهذه الأسطر، مفادها أن صاحب المقال، كأنه يريد أن يقول..

لماذا بن نبي لم يكن تحت تأثير فلان، وكان تحت تأثير فلان؟. ولماذا كان عدوا لفلان، ولم يكن عدوا للآخر؟. فالمسألة إذن لا علاقة لها بتبعية بن نبي أو عداوته لهذا الطرف أو ذاك، أو هذه القيادة أو تلك، إنما كان يجب عليه أن يتبع قيادة دون أخرى، ويعادي فلانا دون الآخر.

المشكلة في الذين يتطرقون لمالك بن نبي، يعاتبون تبعيته لأشخاص وأنظمة وعداوته لأشخاص وأنظمة، لكنهم يريدون منه أن يكون تبعا لأشخاص وأنظمة، وعدوا لأشخاص وأنظمة، لايفصحون عنها.

خلاصة، بن نبي إنتقد الجميع دون استثناء، وليس القيادات الثورية فقط. ويلام بشدة لأنه كان تبعا لعبد الناصر، وكذلك يلام لو كان تبعا لأي كان، بما فيها القيادات الثورية التي دافع عنها البروفسور رابح لونيسي.

لاأستطيع أن ألوم مالك بن نبي على إنتقاده للجميع دون استثناء، كما لاأستطيع أن أميل معه ميلة واحدة،فما هو متوفر لحد الآن لايسمح للمتتبع بذلك ، لكني ألومه بقوة ومازلت على تبعيته للسياسي داخل الجزائر وخارجها، ولا أستطيع أن أجد له الأعذار ، وأنا المعجب والقارئ لكتبه، المدافع عنه، الداعي لأفكاره.

 

معمر حبار

.....................

http://www.aswat-elchamal.com/ar/?p=98&a=48018

في المثقف اليوم