أقلام ثقافية

العيد خدعتنا الكبرى؟!!

العرب خصوصا وبعض المسلمين عموما، جعلوا العيد خدعتهم الكبرى، التي يضللون بها أنفسهم وأجيالهم، وما عندهم سوى إجادة القول "عيد سعيد، وعيد مبارك"، أما في واقعهم السلوكي فكل ما يبدر منهم ويتحقق بديارهم غير سعيد، ولا يمتلك شيئا من البركة الرحمانية، وإنما تحتشد فيه النوازع الشيطانية المتوّجة بالشرور والمآثم والخطايا.

فلماذا هذه المخادعة النكراء؟!

هل حقا أننا نمتلك القدرات النفسية والسلوكية والروحية لصناعة العيد السعيد؟!

هذا ليس تشاؤوما ولا تحاملا، ولكن قراءة نفسية سلوكية لما ندّعيه ونقوم به، ذلك أننا أفرغنا أعيادنا من محتوياتها الإنسانية وحتى الدينية، وحوّلناها إلى مناسبات خرساء للتعبير عن هموم التعساء.

فالعيد إخبار عن إنجاز كبير، وهو كالإحتفال بالإنتصار، ومحطة لضخ النفوس بقدرات التواصل الأقدر، والتفاعل الأصلح للحاضر والمستقبل، ولم يكن العيد حفرة غمّ ويأس وبؤس وشقاء.

وسميّ العيدُ عيدا لأنه يعود كل سنة بفرحٍ مُجدّد.

وعيّد المسلمون أي شهدوا عيدهم.

فالعيد الحقيقي يتأكد في إرادة تجديد الفرح والسعادة، لا بنفي البهجة والحبور والتباكي بين القبور.

إن المعضلة التي نغفلها وننكرها أننا جعلنا العيد يعني العدد، أي نعدّ فيه خيباتنا وتداعياتنا، وما قمنا به من أفعال قبيحة، وتفاعلات كسيحة، أزرت بنا وأوقعتنا في المهاوي كالنطيحة.

قد يقول قائل أن العيد لا علاقة له بأي شيئ آخر، سوى التعبير عن فرحة الصائم بإتمام صيامه لشهر كريم، فيه ليلة هي خير من ألف شهر، وهذا أيضا دريئة، ومحاولة للتغافل عن المعنى الجوهري للعيد، وإقرار بالعجز عن تحقيق السلوك الإنساني السعيد.

فالذي يتمكن من صيام شهر بكامله، يؤكد على أنه يمتلك إرادة إيجابية صالحة مقتدرة، مؤهلة لصناعة الحياة الرائعة الهانئة الجامعة، المُكللة بالمعاني والقيم الإنسانية والدينية الرحيمة السمحاء، لكن واقع الحال في ديار المسلمين والعرب خصوصا لا يشير إلى هذا السلوك، بقدر ما يترجم حالات تفاعلية سيئة، تتناقض تماما مع هذا الجوهر وتنسفه نسفا قاسيا ومروّعا.

ووفقا لهذا فأن القول بسعادة العيد، إنما هو مخادعة واضحة، ومحاولة لتأكيد العجز ومنع التوافق والإنسجام ما بين القول والفعل، مما يشير إلى أن ما نقوم به عبار عن ميكانيكات منحبسة في ذاتٍ ضيقة، تأبى أن تتحول إلى وهجٍ منيرٍ بسلوكها اليومي، وتتناسى ما يجب أن تكون عليه وتعبّر عنه.

وفي هذه المغالطات السلوكية، تكمن العديد من أسباب الأوجاع المتراكمة في مجتمعاتنا، التي يتواصل فيها تعزيز وتسويغ تصرفات التقاطع مع الرحمان!!

 

د-صادق السامرائي

في المثقف اليوم