أقلام ثقافية

يا واسط الخير والكرم

saleh altaeiجئتها مهجرا، فقد حريته يوم خطفوه، وعذبوه ثلاث عشرة ظلمة ونهار، واسترد وجوده عنوة يوم تحرر؛ وهو الذي كان ممدودا على حافات الموت ينتظر جزاره أن ينجز عمله.

جئتها مخلفا ورائي تاريخا وجهدا وأموالا وبيتا ومزرعة وذكريات وأصدقاء وأهلا وأقرباء ومدينة يحبها، وسنينَ يعشقها.

جئتها وأنا أظن أن لا أرض ستعوضني عما فقدت، وإذا بها واسط النقاء والباقاء والكرم، تفتح ذراعيها لتضمني كما الحبيب، وأهلها يفتحون قلوبهم، لتصبح الوطن، وليصبحوا الأهل والأقرباء والأصدقاء والجيران.

وفي دنيا التوحش هذه؛ إذا حصل الإنسان على ما حصلت أنا عليه، فكل ما سواه يهون.!

 

شكرا لكِ

أيتها السيدة الموقرة

الحضرية البدوية

أيتها السيدة المبجلة

يا سيدة الزمن الجميل

والليل الجميل

والنهار الجميل

والعشق الطويل

*     *     *

شكرا لك

أيتها السيدة البهية الجميلة العفيفة النقية

يا عبق التاريخ والسنين والجنون

يا ذكريات أمسنا

تحملها القلوب والعيون

أيتها المملوءة عشقا وحنينا

أيتها الرائعة العذراء

يا عذبة الملامح

يا الفقيرة الغنية الندية الأبية

يا طيبة الجنوب والتاريخ والحضارة

يا قمة الجمال والنضارة

يا ضحكة القباب والمنارة

*     *     *

واسط يا سيدة الدهور

بحضنها غفا التاريخ متكئا

يسمع القصة الألف بعد الألف

متربصا متلصصا

يسرق من ثغرها ابتسامة

ومن قوامها ووجها الضحوك

مليون علامة

ويفتخر مما يرى أمامه

*     *     *

واسط يا سيدة اللاعودة في القرار

جامعة الضدين الرقراق والحراق

والليل والنهار

لقد آنستِ وحشتي

أعدتِ ليْ حريتي

أمنتني في غربتي

يوم لملمتِ هجرتي وتشردي

وحنوتِ عليّ حنو الوالد

وأنا الذي قد جئتها بالأمس كمدا

أنوء بكسرة حلم في رأسي الصدي

فغالبتْ جراحها

وضمدت تشردي

ومنحتني قبلة

ودعوة كريمة

وكوة أطل من فضائها

نحو الغدِ

 

صالح الطائي

 

في المثقف اليوم