أقلام ثقافية

هم الكتابة ورائحة الورق

akeel alabodهم الكتابة ما زلت أتذكره يوم كنا نكتب المقالات على الورق ونحرص ان تكون المقالة مكتوبة بين سطر وسطر؛ يوم كنا كما شهريار وشهرزاد ننتظر الصباح لكي نشعر بلذة هذا اللون من التجانس والتجاذب بين الحبر والهم والورق، يوم كنا ننتظر وصول الصحف الى صاحب المكتبة الذي كان يشجعنا هو الاخر على قراءة الجديد من المقالات والأخبار رغم المضايقات الأمنية وأجهزة الحزب الحاكم انذاك. العمود الصحفي الذي تصدره صحيفة الجمهورية، والقادسية ما زالت هويته خاصة بعد إغلاق صحف الأحزاب الاخرى ابان السبعينات،  ورغم ومصادرة حرية الكلمة، العمود الحر كان يحمل مع أنفاسه لغة فوكنر وكاليفينو، وماركيز، وماريوفارغاس يوسا، وجميع احفاد الادب العالمي بجميع تفرعاته بقي عامرا،  لكانه يهتف متمردا ثائرا بوجه السلطة التي فرضت طوقها لتفرض حتى اسماء الصحف وبالقوة ، لذلك صوت المثقف بقي ثائرا ينتظر بوابة ما تفتح أمامه لعله ينال ما يصبو اليه،  ولو بلقمة بسيطة، الحوار الجميل بين المثقفين لم يكن تحتويه صفحات الترويج الخاصة بالفيس بوك كما على نمط هذه الايام، فجلسات مقهى ابو احمد ما زالت في القلب مطرزة بالمحبة والألفة والنكتة الجميلة، و الشعراء والكتاب، نتاجاتهم رغم حصار السلطة الجائرة وجبروتها، أفكارهم كانت لها طقوس مثلما لغة النشر لها طقوس. 

لذلك ذات يوم، قيل ان رجلا في عينيه نعاس، فهو لم ينم طوال ليلة كاملة، جاء ببدلة رثة، لينتج موضوعا عن الفقراء، جاء  يسلمه لصاحب المطبعة، حتى ان صاحب المطبعة انبهر فقط بهم الرجل فما كان عليه الا ان يسارع لنشر الموضوع بسرعة متفانية.

ومعنى الحديث ان للكلمات والمقالات آنذاك  مصنع اسمه القلوب، وقلب الثقافة كان يحمل بين طياته الم ومحبة وحبر، مفردات  لها معنى،  هذا المعنى هو الذي يمنح الكلمة وسام الخلود، اي ليس على وتيرة زمن الكم من الكتابات التي تحمل اليوم مع عجلاتها شيئا مملا لا طعم له ولا رائحة، اقصد ما يكتب على صفحات الفيس بوك وبعض المواقع،  لولا أولئك الذين ما انفكوا يبحثون عن شيء يكاد ان يكون أسمى وأعظم من هذا الذي يروج له اليوم بفعل كل من هب ودب.

 

عقيل العبود 

 

في المثقف اليوم