أقلام ثقافية

كيف تعود أنت وكيف تستعيد حياتك؟ .. نحو آليات لتطوير الشخصية

mohamad husamadinوخلف الصمت يكمن الإبصار، وقبل القول تنطق الأفكار ..

 

تمهيد:

التحرر من أى شئ يلزمه أمرين :المشقة فى البداية، والإلتزام بعد العبور. المشقة تكمن فى التخلص من الأحبال والأربطة التى تقيدنا فكريًا. وهنا أمران : (أولًا) وجوب التخلص منها مرة واحدة وبإستمرار (ثانيًا) وجوب التخلص منها بشكل صحيح هادفين إلى أمر صحيح أيضًا. أما الإلتزام بعد العبور من حقل المشقة هو جوهر الإستمرار وإلا لأصبحت مثل من يفرح بلعبة حتى يمتلكها ثم يلقيها بعيدًا. وبذلك يلزم هنا أيضًا أمران: (أولًا) حشد الدافع والتصميم والعناد الموجه صوب الهدف بشكل يقارب للتعصب. (ثانيًا) الإستمرار بشكل متصل دون إنقطاع أو راحة حتى تحقيق أول خطوة مكتملة.

 

كيفية آليات التطوير:

وجوب التخلص من القيود مرة واحدة وبإستمرار؛ لأنك –الأمر الأول- إذا تخلصت من رابط واحد أو عدد من الروابط أو القيود ثم توقفت لأي سبب أيًا كان، سوف تعود لتبدأ من الصفر من جديد، وقد يصيبك ذلك بالإحباط، وقد يحبط ويجهض محاولاتك المستقبلية، ويضعك بذلك داخل دائرة مفرغه من اليأس والعجز. الأمر الثانى إن لم تتخلص منها بشكل متصل ومباشر وعاودت مره أخرى ستجد الروابط أقوى من ذى قبل عما كانت عليه وكأنما هى خضعت للتدريب على يديك فى كل مره تمتنع فيها. لكن فشلك فى التصدى لها وتخطيها يعد تجريح لها، لذا هناك فرق بين تركي لها مع المقدرة أو الفشل فى تخطيها مع إستمرار المحاولة دون توقف حتى أخترقها.

وجوب التخلص منها بشكل صحيح، لأنه أحيانًا عند الإختراق والخروج من القيود تهيء لك النفس مخرج فى ظاهره صحيح وفى باطنه سم، كمن يحاول التخلص من فكره ما أو قيد ما أو إحساس ما، وتساومه النفس. وتلك مرحلة من مراحل الحروب التى تمر بها المساومة. لا تريد تلك القيود، حسنًا، خذ تلك وتقدم لك قيد آخر لكن شكله مختلف يقودك إلى الفشل.

بشيء من التبسيط، أخرج من القيود بفكرة قائدة تؤمن بها وبتصميم وهدف واحد وأفكار مسبقة موضوعة، لا تخرج عنها حتى وإن شعرت أنه جائك وحي جديد لسرعة التخلص منها، إلتزم بما سبق وحددته وكأنك عبد لتلك الشروط التى وضعتها. إنك مجبر على إتمامها دون نقاش دون إلتفات لأي تلاعب فكري أو لفظي أو أنفعالي من نفسك، أو حتى الأخرين.

الحشد الموجه للدافعية والإلتزام بعد العبور هو سر وصولك للقمة، كمن يتخطى أول 7 كم فى تسلقه لجبل بالفعل قد تخطى المجهود الأكبر فى حربه مع شدة الجاذبية الأرضية وكلما إرتفع كلما خف الحمل، ولكن إن توقف؟ سوف يسقط للقاع لذا لا تتوقف نهائيًا إلا عند بلوغك أول خطوة من هدفك بحيث يكون الأمر مغلق عند أمر معلوم بلا عودة للصفر.

الإستمرار فى أقرب وقت لإستكمال الخطوات حتى النهاية، بعدها الهدف الذى حققته ليس هو الحافز أو الهدية، بل هديتك هنا المقدرة ذاتها على بلوغ الهدف نفسه بنفسك.

بعض مجالات الفائدة كمختصر لفعالية الاجراء هنا: المشاعر السلبية، الأفكار السلبية، الدراسة، الخروج من الأزمات، الكسل، الملل، الحزن الطويل، التفكير المستمر الطويل، الركود، الإحباط، الفشل،..... إلخ

المطلوب: وضع جدول زمنى إلزامي، وتوقيت بدء مناسب، ليس قبل الزواج مثلًا أو قبل الامتحانات، لائحة قيادة كخريطة تمشى عليها، فقط بدل التضاريس ستكون خريطة أفكار وزمن.

 

بقلم: محمد حسام الدين

باحث في كلية التربية، قسم الصحة نفسية، جامعة عين شمس. مرشد ومعالج نفسي في عدة مراكز مصرية للخدمات النفسية والأسرية والتربوية

 

في المثقف اليوم