أقلام ثقافية

إليكِ أنتِ يا طيّبة..

eljya ayshسال الكثير من الحبر في الحديث عن المرأة ومواصفاتها، وحاول كل واحد أن يرسم  لوحة لهذه الأنثى، ليست تلك المرأة التي كتب عنها أحمد  العدوية، التي بلغ صيتها، إنما هي امرأة من نوع آخر، في وجهها تقرأ كل اللغات، كل شيء فيها يتكلم،  قد يخشى أحدنا التقرب منها،  ظنا منه أنها "ساحرة"، أو "جنيّة" تظهر في هيئة بشر، أو ربما هي واحدة من  "الآلهة" التي قرأنا عنها في كتب التاريخ، ...لا... هي بشر مثلنا، تأكل ما نأكله، وتلبس ما نلبسه، تنام وتنهض وتمشي، وتقضي حاجتها مثلنا تماما، ذكرها الله في كتابه وأحسن وصفها..،  "الطيّبة" وصف نادر تتصف بها المرأة، وليست الطيبة بالمعنى الذي يُرَدَّدُ في مجتمعنا بـ:"  ( نَاسْ مْلاَحْ)، ولكن لها معنى روحي، لا يفهمه إلا القليل من البشر، المرأة الطيبة بشرٌ ولكنها مَلاكٌ  في نفس الوقت، هي تلك التي تتحمل جنون الرجل وشطحاته وعناده وهمجيته المعتادة، فهذه المرأة التي خرجت من ضلع رجل، لها طباع وخصائص تنفرد بها عن غيرها،  تشعر أن هناك معاني كثيرة متعددة، تستتر وراء هذا الكائن البشري لو أحسنت معاملته، وأن هذه المعاني تكلفك أشق الجهد وأضناه في سبيل بلوغها، والوصول إليها.

يحلو للكثيرين إلصاق تهم أو مقولات متجنية أحياناً بالمرأة، ولكن لو نظرنا إلى انفتاح المجتمعات على بعضها وعلى الشعوب غير المتجانسة في الوقت الحاضر، وما تتميز به من انقسامات  لوجدنا حياة المرأة تختلف من مجتمع لآخر، وقد بدأت حياة الأسرة في المجتمع المسلم تتغير وتذهب نحو التفسخ، وظهرت جمعيات تدعو إلى التحرر المطلق والاستهتار المتعمد والمستمر للمظهر، أي الدعوة إلى العري بحجة العودة إلى الطبيعة التي خلقنا عليها الله، لولا بعض القلوب الصافية الطاهرة، التي ما زالت متمسكة  بالقيم والمبادئ، وظلت متشبثة بها رغم ما طرأ على الحياة العصرية من تغير، تقول النظرية الاجتماعية أن الفطرة الإنسانية يستهويها الجمال، وقد نصت السُّنة النبوية على أن مما يغري الرجل في الارتباط بالأنثى جمالها….كل هذا منطقي ولا شك فيه، لكن ما قيمة الجمال إذا كان الجانب النفسي والروحي فيها سيئ وخبيث.

إن الفرق بين المرأة الطيبة والخبيثة كالتي قال فيها الله: "ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السّماء،  تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها،  ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون، ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار، يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء" ( الآية 24-27 من سورة إبراهيم)، فالمرأة الطيبة كالشجرة الطيبة تعطي بلا مقابل، وبلا شروط، والمرأة الطيبة لا تسمع منها سوى الكلام الطيب، هي مثل الشجرة التي يرمونها الناس بالحجارة فترميهم بالثمر، هي باختصار شديد صاحبة القلب الكبير بحب الناس، القلب الذي لا يعرف معنى الكره والعداء، القلب المفعم بالخير والفضيلة،  لا مكان فيه للغرور والتكبر، حتى يخيل إليك أنها تعيش في عالم لا وجود فيه للشر، عالم كله طيبة، هناك  طبعا مئات من الأسئلة في مخيلة كل واحد منا، ولكن ألا  تستحق هذه المرأة الطيّبة أن نثني عليها بل ننحني أمامها إجلالا وتقديرا، لأنها صانعة للحياة والسعادة.

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم