أقلام ثقافية

نرمين شوقي: بين عروسة المولد وبابا نويل

إنه عالم ملئ بالأصوات التي تتداخل.. صوت الكنائس التي تعلو فتختلط بصوت الآذان المنطلق من المساجد.. فتهرع أجساد البشر لترفع الأيادِ تضرعاً إلى السماء..

وقد تحولت عروسة مولد يتشبث بها طفل إلى حاملة لأسراره.. يحكي لها آماله وأحلامه ويتذمر مما يحدث من حوله ويطرحها أرضاً فتقع بين أيادي "بابا نويل"..

 يختلط الحلم بالكابوس حتى أستيقظ على تساؤلات الإيطاليين من حولي، وما طبيعة ما يحدث في مصر، وما ذنب هؤلاء الأبرياء الذين يلفظون أنفاسهم الأخيرة تحت مظلة الكنيسة البطرسية بالقاهرة، تلاحقني علامات الاستفهام في عيون من حولي، بينما يعرب بابا الفاتيكان عن بالغ الأسى وخالص تعازيه لما حدث في مصر..

وتأتيني الإجابة بأن مصر ما زالت بخير حيث يتجمع عدد من المواطنين في منطقة سيدي بشر ليرفعوا العلم المصري الذي يربط بين كنيسة القديسين ومسجد شرق المدينة مع علامات الحداد بينما ترتفع صيحات الجميع بكلمة "مصر" فور رصدهم للمشهد.

1133-narmin

 إلى أن يأتي صوت السلام الذي ينادي الجميع فهل من مجيب؟!، وربما تتحول بعض الدماء إلى اللون الأحمر الذي يتجسد في بهجة يرتديها الاسطورة "بابا نويل" والذي يداوي آلام عروسة المولد ذات الأجنحة المتكسرة..

ربما كانت تلك الاسطورة تمثل رموزاً مختلفة، فهناك من يعتبره الأمل الذي ينتظره، وهناك من ينتظره ليحكي له ما حدث خلال عام مضى، فقد تتحول لحظات مريرة إلى لحظات فرح، وربما لحظات البهجة قد تلونت وارتدت ثياب الحزن.. ربما يرمز"بابا نويل" لدى البعض إلى شخص طال انتظارعودته بشغف، أو إلى شخص يعلمون أنه بلا رجعة فيكتفون بالاطمئنان عليه في عالمه الآخر..

كل عام .. ينتظر الجميع هدايا "بابا نويل" .. فيفتحون النوافذ .. ويهرعون للفراش بينما تنغلق الأعين علي أحلامهم .. ثم يستيقظون بحثاً عن تلك الهدايا تحت المدفأة.

وكلمة Christmas مكونة من مقطعين: المقطع الأول هو Christ ومعناها: (المخلِّص) وهو لقب للمسيح ، المقطع الثاني هو mas وهو مشتق من كلمة فرعونية معناها "ميلاد".

أما بابا نويل "Papa Noel" والذي يسمى عند البعض "سانتا كلوز" Santa Claus  فهو شخصية خرافية ترتبط بعيد الميلاد، وهي معروفة بأنها رجل عجوز ضحوك وسعيد دائماً، يرتدي اللون الأحمر بأطراف بيضاء، وتغطي وجهه لحية ناصعة البياض، وكما هو مشهور في قصص الأطفال فإن بابا نويل يعيش في القطب الشمالي مع زوجته السيدة كلوز، وبعض الأقزام الذين يصنعون له هدايا الميلاد، ليتم توزيعها على الأولاد أثناء هبوطه من مداخن مدافئ المنازل أو دخوله من النوافذ المفتوحة وشقوق الأبواب الصغيرة.

كل عام تحتفل الأسرة بشجرة الكريسماس الرمزية التي يملؤونها بالهدايا التي أعدوها وليس تلك المنتظرة من بابا نويل .. هكذا يستطيع المرء إسعاد نفسه بل إن الأمر سهل للغاية .. فيكفي استعدادك لاستقبال العام الجديد ..

كل عام .. عليك في كل الأحوال أن تفتح نافذتك .. واعلم أنك لن تستطيع دائماً الاعتقاد بأن ثمة هدايا قد تصلك من بابا نويل، لكنك حتي وإن لم تستقبل شيئاً منها .. فيكفيك الأمل في ذلك .. ثم انظر في الأفق.

ستري سماءً مبهرة وقد جاءت بك إلى هذا العالم .. تلك السماء التي ستغدق عليك بقطرات هائلة من الأمطار، وحينئذٍ ستدرك أن الهدية موجودة بالفعل ولا يجب أن تنتظرها بعد .. نعم أنت هي تلك الهدية !! وعليك إسعاد نفسك بنفسك.

والآن ماذا لو حاولت أنت أيضاً رسم البسمة علي وجوه الآخرين كما يفعل بابا نويل ...!

 

نرمين شوقي - روما

 

في المثقف اليوم