أقلام ثقافية

دور الصحافة الفلسطينية في النهضة الثقافية والأدبية ابان الانتداب البريطاني

shaker faredhasan2رافق انتشار التعليم في فلسطين ابان عهد الانتداب تطور ثقافي واسع، تجسد وتمثل في ازدهار وانتعاش الحياة الأدبية والفكرية، وظهور عدد كبير من الشعراء والأدباء والصحفيين والمؤرخين والمفكرين، ونشوء الاندية الثقافية والأدبية والمطابع، وصدور الصحف والمجلات التي بلغ عددها حوالي خمسين صحيفة ومجلة، واحتضنت الاقلام الفلسطينية والعربية المبدعة، وعملت على نشر نتاجاتهم واعمالهم الابداعية .

ولعبت الصحافة دوراً بارزاً وهاماً في تطور الأدب في فلسطين بشكل عام، والشعر بشكل خاص، والتعريف بعدد من الشعراء ودواوينهم .

وكانت قد صدر في فلسطين عدد كبير من الصحف والمجلات، ابرزها صحيفة " مرآة الشرق " لبوليس شحادة، وهي صحيفة سياسية كانت تصدر مرتين في الاسبوع، وكان رئيس تحريرها أكرم زعيتر، وتم اغلاقها من قبل سلطات الانتداب البريطاني، وذلك لنشرها قصيدة تحث على الثورة والتمرد والكفاح ضد الاستعمار الانجليزي .

وكذلك صحيفة " فلسطين " التي كانت ناطقة بلسان حكومة فلسطين الرسمية، وتحولت في العام ١٩١٨ الى صحيفة يومية .

هذا بالاضافة الى الجزيرة  وصوت الحق والصراط المستقيم والجامعة الاسلامية والدفاع والحياة والجامعة العربية واللواء والوحدة والكرمل  والعرب والفجر والزهور والمنتدى العربي والنفائس وغيرها .

وثمة صحف صدرت لتدافع عن وجهات نظر سياسية محددة منها : صحيفة " القدس " التي بدأت بالصدور سنة ١٩٣٢، وهي لمجموعة من المثقفين  العرب كانوا ينادون بالوحدة العربية الناجزة كوسيلة لاحتواء التهديد الصهيوني لفلسطين، واغلقت بعد انفجار لهيب ثورة ١٩٣٦، من قبل سلطات الانتداب، فضلاً عن  " المنبه " الصحيفة الرسمية للحزب الشيوعي الفلسطيني في اواخر العشرينات، التي استبدلت بصحيفة شهرية اخرى هي " الى الامام " التي نادت بدولة فلسطينية يكون للبهود فيها دور يتناسب وعددهم في البلاد .

وفي الخامس عشر من ايار العام ١٩٤٤ صدرت صحيفة " الاتحاد " الشيوعية العريقة التي ما زالت تواصل مسيرتها وتصدر بشكل يومي في حيفا، وكان اصدرها بداية المؤرخ والمناضل الفلسطيني د. اميل توما عندما انشق الشيوعيون العرب الفلسطينيون عن الحزب الشيوعي اليهودي العربي، وشكلوا منظمة جديدة باسم " عصبة التحرر الوطني " .

ومع نهايات الحرب العالمية الثانية بدأت هذه الصحف تأخذ على عاتقها نصيباً ودوراً مهماً في الحركة الوطنية العربية الفلسطينية، فراح الكتاب الفلسطينيون يولون قضية فلسطين الخصوصية، ورأى بعض المفكرين في انشاء جامعة الدول العربية من حيث المبدأ بعين الشك،  وانها صنيعة ووليدة السياسة البريطانية المخصصة لتقديم شيء من القناعة المزيفة للعرب، واستشهدوا بحجة أن اول ايعاز لانشائها جاء من انطون ايدن، سكرتير وزارة الخارجية البريطانية وانها خرجت الى الوجود بعد مدة قصيرة من القضاء على رشيد عالي الكيلاني في العراق .

وكان للمطابع ودور النشر ايضاً دور آخر في انعاش الحركة الاديية وتطورها في فلسطين، وما أن دخل القرن العشرين حتى أخذ عدد من المطابع في الزيادة، حيث انشئت المطبعة، ومطبعة جريدة الكرمل، ومطبعة النفير، هذا فضلاً عن المطابع التي اقيمت في القرن التاسع عشر واستمرت في عملها بعد مطلع القرن العشرين، اضافة الى مطابع الجمعيات والبعثات والمدارس التبشيرية .

وتم طباعة ونشر مئات الكتب في مطابع فلسطين المنتشرة في القدس وحيفا وعكا ونابلس في جميع الاصناف والألوان الأدبية، اما بعد النكبة فقد انتشرت المطابع ودور النشر العربية في فلسطين الانتدابية.

 

بقلم : شاكر فريد حسن

 

 

في المثقف اليوم