أقلام ثقافية

وقفة مع الشاعرة السورية سوسن خضر ونصها: دثرني بضلوعك

شاكر فريد حسندثرني بضلوعك لتتجدد فصولي

فوق أجنحة الغيم دعني أنام

حتى يأتيني عطرك على مراكب شمس

نشعل طقوس العشق

وتسرق من بين أصابعي أزاهير المطر

كعروق الأرض تتعمق في قلبي

أين سأمضي وأنت كمصباح يغفو عند حلمي؟

أتنفسك رغبة في طرقات نبضي..

فيتحد عطري وقلبك

أنت يا رواية يتلوها سهري

تستفحل بعطر جنوني

ينهمر صوتك بمساماتي…

يستيقظ الصبح فوق جبينك

تولد مساحات من الدفء…

فوق ضفاف كفيك

وبين أضلع الروح

تهطل تنهيدات البوح…

لتحط كأغراس غيم….كسنابل ياسمين

…………. في حنايا جسدي.

هذا النص القشيب الخلاب الشفاف الطافح بالمشاعر العشقية الحنينية الفياضة والعواطف الأنثوية الجياشة، يبعث الدفء في أعماقنا، بما فيه من انفعال وجداني وفيض عفوي ودفقات شعورية شديدة الوضوح، خطته صاحبة الحروف المخملية الانسيابية والكلمات الحريرية الرقراقة، الشاعرة السورية المبدعة سوسن خضر، التي يرقد قلبها فوق صخور الليل، وعلى هودج الصمت تمسك نفسها، وتصقل روايتها وقصيدتها على بوابات الفجر .

ولعل من المصادفة وحدها أن أتعرف على سوسن خضر من خلال متابعتي لقصائدها التي تنشرها بين حين وآخر في عدد من المواقع الالكترونية وعلى صفحتها الفيسبوكية، حيث تسترعي الانتباه وتشدنا بمضامينها وصورها ومعانيها وايحاءاتها ودلالتها وأبعادها، وقد تقريتها جميعها وعشت مع حروفها ومفرداتها وعباراتها المشحونة بالصدق العفوي.

سوسن خضر شاعرة رقيقة ذات حس مرهف وحساسية عالية، تتسرب الى أحلامنا ومشاعرنا، وتلامس شغاف قلوبنا باحساسها الشاعري المبدع.

هي من بلدة سلمية السورية، وطن الماغوط، وخريجة معهد تربية موسيقية، تفتحت شاعريتها بعد العقد الثالث من عمرها، تقرض الشعر بلونيه الوطني والوجداني الغزلي، وتتسم بالعاطفة الوجدانية، وتكتب عن الحب وهموم الأنثى العاشقة، وتناجي الحبيب باحلى كلام البوح، وتخاطب دمشق، وتصور ما يجري في وطنها السوري من حرب دامية، متمسكة بالأمل والانتصار وبزوغ فجر جديد، ومؤمنة بأن دمشق ستبقى كتابًا مفتوحًا للناريخ، وغيمة منفردة على سطح الريح، تزهر على الكون مجدًا وكرامة.

تمتاز سوسن خضر بشفافيتها وتلقائيتها وعفويتها ووضوحها، فنصوصها شفيفة سهلة وواضحة، لا غموض، ولا رموز، ولا التباس، ولا تعقيد فيها.

وتتنوع موضوعات سوسن خضر في قصائدها ونصوصها النثرية وخواطرها الشعرية، وان طغى الحب وسيطرت الرومانسية على الغاليية منها، فأجمل ما في كتاباتها أسلوبها الشاعري الذي يجعل الكلمات المقروءة تنساب بين أيدينا كالنهر المتدفق.

وهي تأخذنا في نصها السالف، وفي نصوصها الأخرى الى عوالم زاهية ملونة مليئة بالنبات والزهور والطيور المغردة، فمرة نجدها سعيدة مبتهجة تزقزق فرحًا، ومزة تشدو بالأنغام والألحان الحزينة، حيث ترى أمامها مشاهد الألم والوجع والموت والدم المراق.

والقصيدة عند سوسن خضر تمتاز بالايحاء الموسيقي الجميل، واللغة الحية الهادئة، والصورة الشعرية الجديدة الزاهية الخلابة، وهذه الصورة هي المحرك الوسيقي الايقاعي لكلماتها المنسابة العذبة.

سوسن خضر شاعرة متميزة النبرة من دوحة الشعر الجميل، تكتب عن الحب بكل نبضات قلبها ونفثات روحها وارتعاشات جسدها، وتتأجج بالمشاعر الأنثوية العاطفية، بوعي شعري لافت، وحس انساتي راق.

ويمكن القول باقتضاب أن قصيدتها هي عصارة المشاعر الدفينة، وفيها الألق والعذوبة والجمال الفني التعبيري.

فللصديقة الشاعرة سوسن خضر، تحية فلسطينية تحمل عبق الزيتون الجليلي والزعتر المثلثي والبرتقال اليافاوي، مع تمنياتي لها بدوام العطاء، ومزيدًا من الابداع والتجدد والتألق والشهرة .

 

بقلم: شاكر فريد حسن

 

 

في المثقف اليوم