أقلام ثقافية

قراءة في اغلفة روايات سعد سعيد

لا يقتصر فعل القراءة على المتن السردي فقط، والذي يعد عملاً متأخراً؛لأنه يسبق بقراءة اولى تنطلق من العنوان، وهو الشريان النابض والباث والجاذب في الوقت ذاته للمتن الكتابي.

وإن كل انتاج كتابي، أو صحفي، اومقالي ينطلق من مؤشر جاذب يتمحور من انجذابية العنوان  وقدرة اقطابه على شد القارىء اليه.

تشابهت اغلفة روايات الروائي (سعد سعيد)، في اقترابها من الالوان والغاية، حتى وأن أختلفت بعضها عن بعض في التسمية،إلا أنها تلتقي في غاية وهدف ولون واحد.

وهو أمتياز يحسب للروائي في قدرته في السيطرة على الفضاء الكتابي المرتبط بذاته ومخيلته.

الدلالة الكتابية لصياغة العنونة الروائية امتازت بالخط المفهوم والبارز، بين الخط الكبير والمتوسط والصغير، وهي انتقائية متقنة ذات ذوق فني.

سيطر اللون (الأبيض، والبرتقالي المحمر،والأسود)على خط عنونة اسم الكاتب، أو عنونة رواياته.

فـرواية (الدومينو،والسيد العظيم،وثلاث عشرة ليلة وليلة) سيطر اللون الأبيض على صياغة اسم الروائي، بينما سيطراللون الأسود على صياغة اسمه في (خلدلوجيا،وهسيس اليمام،و إنسانزم).

وسيطر اللون الأسود على عنونة (فيرجوالية،وقال الأفعوان،وياحادي العيس، وخلدلوجيا)، فيما سجل اللون البني وجوده على صياغة اسم الروائي في (ياحادي العيس، وثلاث عشرة ليلة وليلة، والدومينو، والسيد العظيم، وإنسانزم)، وتوافق عنوان الرواية والكاتب في اللون ذاته في (قال الأفعوان،و فيرجوالية) .

سيطر اللون البني على بعض اغلفة رواياته،وهو لون مستقر نسبياً من ناحية نظريات علم النفس،وفي الوقت ذاته اشارة الى الحركات السياسية والحزبية، ورمز للثورات.

وحققت (الدومينو) انقلابية وذكاء ؛لأنها لعبة تحتاج الى ذكاء في لعبها، وهذا الذكاء اتقنه الروائي، في اسثمار الزمن (الماضي، والحاضر، والمستقبل).

وتوافقت رواية (هسيس اليمام) في تحقيق  استقرارية اللون، الذي يشير الى رمزيات عدّة.

وهي رواية الغموض والتحفظ، والممنوع، (5) نساء سيطرن على صياغة النسيج الكتابي، بأبعاد ايروتيكية وخروق ممنوعة، واعلان الرغبة من بداية الغلاف، وشخصية ذكورية رسمت بريشة الفنان احاطت بـ(النسوة) من غلاف الرواية والى داخل المتن، وتوافق الغلاف مع فكرة الرواية .

ومن جديد اللون (البني) نرصده في رواية (السيد العظيم)، مع هيكلية صورية لرجل غامض وغاضب، وهو اشارة مبدئية ذات معنى أن كل شخص يرغب في أن يكون هو(السيد العظيم)، وحقق العنوان الجاذبية؛لأنه خليط من الألوان (الأحمر، والأصفر، والبرتقالي).

واشتركت رواية (ثلاث عشرة ليلة وليلة!) في صبغة اللون البني، ليلحق العنوان بعلامة التعجب التي تحقق التوقف لمعرفة مقصديتها.

(فيرجوالية، وإنسانزم، وقال الأفعوان)، اشتركوا في صبغة اللون الواحد،وهو اللون المحايد، لاهو ابيض نقي، ولا أسود نقي، أنما خليط ممزوج بينهما مائل الى الرصاصي المعتدل، الذي يرمز الى اللون الرسمي الذي يعد لون ممل ؛لأرتباطه بكبار السن، ويقترب هذا الدمج اللوني من البنفسجي الفاتح ايضاً.

وحققت (فيرجوالية) اشارتها الى النور والتطورالتكنلوجي، (انسانزم) فضلاً عن عنونتها الغريبة، تأتي لتقترن بصورة القرد (تيمور)، الذي يدخل في صراع الذات مع الدكتور علي، وتحمل اشارة مبطنة الى فعل وممارسات (الكولونيالية)، وهي رواية فلسفية،(قال الأفعوان) اكتفت بدلالة العنوان والغلاف من دون وضع رمزية، او دلالة عليها، وهذا يعني أنها رواية ذات عالم ولغة خاصة بها.

(ياحادي العيس، وخلدلوجيا)، مزجتا الواناً عدّة، الأولى اختصت برسم شخصيات بشرية ذات رمزيات واللوان واضحة وصريحة ومعلنة،وهي رواية الحدث اليومي الواقعي، فيما ذهبت الآخرى لتتخذ من النسر قوة في مباشرتها، وأكملت وجوده بهيئة البشر الأعتياديين.

أخيراً، حققت عنونة اغلفة روايات (سعد سعيد) أشارات رمزية عالية، ومفهومة لا تحتاج الى اعمال الذهن، لينصب الأنشغال في فحوى المتن السردي؛لأن الأغلفة أشارت الى بعد ووعي قصدي هادف الى غاية، مما يتطلب وعي وفهم دقيق لمغزى كل غلاف ونص، وعمد الى دمج التقارب في الألوان بين رواياته اغلبها، وهي هندسة متقنة تحسب للروائي لاعليه، فضلاًعن توظيفه للحيوانات التي حققت غايات قصدية للروائي، نرصدها منذ الأشارة اليها من بداية الغلاف والى نهاية المتن الكتابي.

 

بقلم : وسن مرشد

 

في المثقف اليوم