أقلام ثقافية

الجمال.. قيمة مطلقة ام نسبية!!

 (كن جميلا ترَ الوجود جميل) .. ايليا ابو ماضي

تختلف معايير الجمال من شخص لاخر ومن شئ لاخر، فما تراه جميلا قد يراه البعض غير جميل او مقبول، هذا يعني ان الجمال لايخضع لقواعد وشروط معينة وان وجدت، انما يعتمد بالدرجة الاساس على رؤية الانسان ونظرته الى ذلك الشئ الجميل، وعليه فالجمال نسبي وليس مطلق وان نسب التفاوت تكاد تكون واضحة تماما من شخص لاخر وعليه قام هذا الكون بما رحب ..

ان للجمال صورا واشكالا متعددةمختلفة باختلاف الكون وان تعددت انواعه واشكاله لكنه يتحدد بنوعين من القياس احدهما حسي او مادي وهو مانلمسه ونراه بالعين ونستمتع به كجمال الطبيعة او جمال الوجوه والثاني كامن او معنوي وهذا مايقال عنه "جمال الروح" والذي يخص مايتصف به الانسان من خصال جميلة داخلية لانراها بل نحسها ونلمسها من خلال التصرف، كالصدق والوفاء والاخلاص والتواضع .. الخ وكلما رايت شيئا جميلا او شخصا جميلا تقول سبحان الله دلالة على عظمته وتذوقه وتفننه في صنع هذا الجمال وابداعه في ذلك، قال تعالى (بديع السموات والارض) الانعام101

ان صور الابداع التي خصنا الله بها وكرمنا باعتبار الانسان اكرم خلقه وهذه الصورة هي اجمل صورة قدم الانسان فيها كاملا من غير اعواج او نقص دليلا على ربوبيته سبحانه وتعالى وابداعه في خلقه قال تعالى(ثم انشاناه خلقا اخرا فتبارك الله احسن الخالقين) .. المؤمنون14

كما قد م لنا صورة اخرى عن الانعام فقال جل وعلا(ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون) .. النحل 6

والجمال هذه الكلمة الشفافة الواسعة الطيف انما تشمل كل شئ ابدعه الله لنا فجمال الحدائق الخلابة وتلك الزهور على اختلاف انواعها واشكالها وعطورها، السماء بما حوت من جمال واجرام تبهر العقول، البشر على اختلاف الوانهم واشكالهم .. الجبال العظيمة .. الشلالات الحارة والباردة .. المروج الخضراء .. الغابات بما حوت ، البحار بشعابها المرجانية، بامواجها ، بلالئها، باختلاف وروعة احياءها المائية، ماهي الا لوحة من ابداع الخالق .. تلك القيم الجمالية التي تفاوتت نسبها تعتمد على رؤية الانسان نفسه وتقبله لتلك القيمة وتقييمه لها فتكون جميلة بعينه هو وفق مفاهيمه للجمال، وبذلك تتكون قيم انسانية قائمة على رؤية شخصية بحته تقوم على اساسها الحياة، ولولا هذا التفاوت لنفذت اشياء وتكدست اخرى يقول المثل (لولا اختلاف الاذواق لبارت السلع).

وكما ان الله قد ابدع في خلقه فقد ابدع الانسان كذلك بترويض الجمال من خلال الفنون بانواعها وذلك بتطويع خامات الطبيعة وتحويلها الى قطع فنية غاية في االروعة ..

وكلما كان لانسان جميلا انعكس ذلك على رؤيته للجمال والمقصود هنا ان تكون روحه جميلة قبل كل شئ ليستطيع ان يرى الكون بالجمال والروعة التي يستحقانها، لان "الاناء ينضح مافيه" وبما ان الجمال صفة جوهرية واحدى الصفات التي يقوم عليها الكون فقد خصها الله بعنايته من خلال اياته التي تبين ان الجمال صفة جوهرية من صفات الانسان ونمط من انماط سلوكه ومظهرا مهما من مظاهر الحياة ، فالجميل يرَ كل شئ جميل بعينه هو والعكس صحيح ..

من هذا نخلص الى القول ان الجمال نسبي وليس مطلق ويعتمد على الرؤيا الفلسفية لكل شخص وعليه تقوم هذه الحياة وتستمر بكل انماطها الجمالية ..

 

مريم لطفي

 

في المثقف اليوم