أقلام ثقافية

الرواية المشتركة.. لزوم ما لا يلزم

أنْ يكتبَ شخصان مختلفان في الرؤية والقدرة الابداعية والنظرة الى الكون روايــةً واحــدة أمــرٌ مُسْتَفِز  !

فلا تدري لمن تقرأ ! ولا تعلم من اتّكأَ على الآخر في الشكل السردي للرواية ولا في الاسلوب او التقنيات، ولا يتّضّحُ من هو  صاحب القلم الرفيع في فنيات العمل الروائي، ومن الذي يبدع في بلورة الحبكة الروائية وإشكالياتها المرتبطة بأنماط الشخصيات ووظائفها، وبُنى المفارقات التي تحكمها داخلياً وخارجياً، فضلاً عن تقنيات الرواية الجديدة الاخرى من استرجاع واستباق، ومفاهيم المكان والزمان، والراوي العليم، والتفاعلات النصية القائمة على التناص المتعدد الانواع، وغيرها من التقنيات التي أصبحت واقعاً في مسيرة الرواية العربية اليوم . واذا ما تلبَّثنا بعضاً من الوقت في اكتناه هذه الظاهرة فإنَّ منطوق العالم الروائي في رؤية الكاتب المبدع يضيع بالضرورة بين كاتب وآخر، أي بين وجهة نظر واخرى مختلفة بالتأكيد تبعاً لاختلاف المنظور الابداعي بين الكاتبين اللذان يتفقان على انتاج رواية واحدة فقط في الشكل والاخراج الطباعي ! وليس في احترام وجهة النظر التي أشرت اليها اعلاه والتي تحدد لنا من هو الذي يتكلم ومن الذي يرى لتوجيه " الحكاية عندئذ وجهتها " كما يقول المفكر الفرنسي " جيرار جينيت " . وغير ذلك فإنَّ من صفاء النظرة الحيادية للأمور أن يأخذنا التفكير الى إلصاق سمة - ولا أقول تهمة أبداً - لفت النظر او مبدأ " خالف تُعرف " بتلك المحاولات او التجارب التي أفضت الى اصدار روايات كتبها مؤلّفان  في ظاهرة أقل ما يقال أنها لزوم ما لا يلزم، وخلْط للعالم الروائي بين كاتب وآخر وعلى الأرجح تغليب واستسلام لأفكارأحدهما أمام شريكه في الرواية، بعد صراع مرير على السلطة على النص وسرديته بينهما، بما يترك القارىء في فضاء لا متناهي الحيرةِ والاضطراب في التعامل مع الرواية .

 

حسام محيي الدين / لبنان

 

في المثقف اليوم