أقلام ثقافية

أبو تمام!!

صادق السامرائيحبيب بن أوس بن الحارث الطائي، (188 -231) هجرية، ولد في قرية جاسم من قرى حوران بسورية، وإستقدمه المعتصم وقدمه على شعراء زمانه، وتولى بريد الموصل لأقل من سنتين، ومات بعد وفاة المعتصم بأربعة سنوات، وقبل وفاة الواثق بسنة.

وفي ديوانه قصائد يمدح فيها المأمون (170 - 218) هجرية، مما يشير إلى وجود علاقة بينهما.

والمعروف عنه كان يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة من أراجيز العرب غير القصائد .

وهو أديب ومن فحول الشعراء، وتعرضت قصائده لشروحات متعددة من قبل أساطين اللغة والبيان كالخطيب التبريزي وغيره.

ومن تصانيفه: فحول الشعراء وديوان الحماسة، مختار أشعار القبائل، نقائض جرير والأخطل، الوحشيات، ديوان شعر.

ولشعره دراسات نقدية متنوعة لأنه إنتهج مذهبا جديدا في الشعر، فكان بعيد المعاني غريب الإستعارات، مليئا بالطباق والجناس، وسببا بإثراء اللغة العربية وتطوير مفرداتها وأساليب الكتابة بها.

ويُعد أبو تمام ثورة معرفية وموهبة شعرية نادرة زعزعت أركان الشعر العربي، وصدح صوته في آفاق الدولة العباسية، وهي في أوج قوتها وذروة إنطلاقها الحضاري، فعبّر عن جوهرها ومنطلقاتها الحضارية بشعره، الذي يتوافق وما وصلت إليه من مجد الإبداع.

ولديه العديد من القصائد التي يمدح بها المعتصم، وأشهرها قصيدته التي قالها بعد فتح عمورية، والتي مطلعها:

السيف أصدق أنباءً من الكتب

في حدّه الحد بين الجد واللعب

والعلم في شهب الأرماح لامعة

بين الخميسين لا في السبعة الشهب

....

وقد أمضى أبو تمام معظم حياته في العراق بمدينة سامراء، وعلى الأرجح أنه رافق المعتصم منذ بداية خلافته حتى وفاته، وهو الذي قدّم البحتري إلى بيت الخلافة العباسية وأجازه.

ولا يوجد ما يشير إليه في سامراء، ولا دراسات عن حياته فيها، وأظنه قد أنشد قصيدته المشهورة في عمورية بسامراء، لكن البعض يرجح أنها في مكان آخر أثناء العودة من الحملة.

 توفى في الموصل أثناء توليه لبريدها في زمن الواثق.

أبو تمام ظاهرة نادرة لا تتكرر، فأثناء عمره القصير أنتج شعرا متميزا وفكرا منيرا، وأسهم في تدوين أحداث دولة ذات كيان سامق، ففي عمر مبكر كان يرافق المعتصم، وينشد قصائده بمجالسه وأمام جهابذة اللغة والعلم والفكر والفقه.

فأية موهبة وطاقة إبداعية كانت تتخلق في دنياه؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم