أقلام ثقافية

شخصية المهتدي بالله!!

صادق السامرائيمحمد بن الواثق بن المعتصم بن الرشيد (215 - 256) هجرية، مولود في سامراء وتوفي فيها، تولى الخلافة لأقل من سنة (255 - 256)، بعد عزل المعتز بالله إبن عمه، ومن ثم تعذيبه وقتله عطشا.

وقال قولته المشهورة بعد أن مد المعتز بالله يده إليه مرغما ومبايعا: " ما إجتمع سيفان بغمد"، وأنشد: "تريدين كيما تجمعيني وخالدا...وهل يجمع السيفان ويحك في غمد".

 وبذلك أعطى الأمر للأتراك بقتل إبن عمه.

ويذكر السيوطي في كتابه تأريخ الخلفاء: "كان المهتدي أسمر، رقيقا، مليح الوجه، ورعا، متعبدا، عادلا، قويا في أمر الله، بطلا، شجاعا، لكنه لم يجد مناصرا ولا معينا".

ويقول الخطيب: " لم يزل صائما منذ ولي إلى أن قتل"

وكان المعتز بالله قد نفاه إلى بغداد، وما آذاه، لإبعاده عن الحكم.

هذا مثال لشخصية عدوانية إنتقامية متخفية برداء دين!!

فقبوله بالبيعة وموقفه تجاه إبن عمه (المعتز بالله) وهو في أزرأ حال، تؤكد خبايا شخصيته المتسترة بما وصفوه به، ويبدو أنه معروف بذلك ولهذا قل مناصريه، وإبتعد عنه الناس، لأن أفعاله تنفي ما يبدو عليه من الورع والتعبد.

فهو في أشد حالات الازمة والتهديدات الخطيرة يجلس لمحاكمة إبن عمه أحمد بن المتوكل، وكان يريد الخلاص منه بالقتل العادل وفقا لمفهومه الإنتقامي.

والعجيب في أمره أن تماهى مع (صالح بن وصيف)، ذلك الوحش المفترس الميت الضمير، وكأنه كان مرآة شخصيته، وما تنازل عنه حتى بعد قتله بل رثاه، ولميله الشديد نحوه ومحاولته قتل من قتلوه، تم قتله شر قتلة وذلك بعصر خصيتيه بحجر حتى مات بعد أن ساموه أشد العذاب.

وقد أمر صالح بن وصيف بضرب أحمد بن إسرائيل الذي كان وزيرا، وأبي نوح عيسى بن إبراهيم كاتب قبيحة، فضرب كل منهما (500) سوط، بعد إستخلاص أموالهما، ثم طوف بهما على بغلين منكسين فماتا، وما تمكن من فعل شيئ!!

وقد نفى المغنين والقيان من سامراء، وقتل السباع والنمور التي في دار السلطان، وقتل الكلاب المعدة للصيد أيضا، وأمر بإبطال الملاهي، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورد المظالم.

وهذه العدوانية ضد الحيوانات تشير إلى سايكوباثية مروعة، يحاول أن يتستر عليها بما يشير إلى دين، وفي حقيقة سلوكه أن ما يقوم به ضد الدين.

فهو بلا رحمة ولا غيرة على الحق، وأضعف من أن يكون خليفة، وإرتضى القيام بدور الدمية، والتسليم لصالح بن وصيف الذي جاء به من المنفى، وأجلسه على كرسي الخلافة، وقد غذى فيه روح الإنتقام من أبناء عمومته إجمعين!!

ولهذا كانت نهايته متوازنة مع شر أعماله وما في نفسه من أحقاد وكراهيات!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم