أقلام ثقافية

إختصار المختصر!!

صادق السامرائيالإختصار سلوك إبداعي إنتبه إليه العرب قبل غيرهم فقدموا العديد من المختصرات التي يزدحم بها تراثهم المعرفي، فحتى قبل عشرات القرون أدركوا ضرورة الكتابة المختصرة، وإيصال الفكرة بأقل الكلمات، فقالوا "خير الكلام ما قل ودل"، وإنتهجوا أن يكون "الشعر ديوان العرب"، لأنهم يمكنهم أن يكدّسوا الأفكار في بضعة أبيات.

وفي عصر السرعة الذي نحن فيه، ما أحوجنا إلى الكتابات المختصرة المكثفة، التي تحترم القارئ وتحثه على القراءة الممتعة النافعة.

فالكتابات الطويلة المسهبة بحاجة إلى مهارات وأساليب وتقنيات، وآليات تحببها للقارئ وتمنحه شيئا من متعة القراءة.

أما الكتابات الجامدة الجافة الممعنة بالإطناب، فأنها مملة ولا يستطيع القارئ أن يتواصل معها، والذين يكتبونها لا يُعرف لماذا يكتبون، وماذا يهدفون من وراء كتابتها، أ يحسبون الناس لا هم لها إلا أن تقرأ كتاباتهم!!

إن معظم ما يُنشر في الصحف والمواقع لا يُقرأ، ونسبة المقروئية أخذت تتضاءل، بل أن العديد من المواقع فقدت مقروئيتها لأنها أغفلت فن النشر، وصارت تنشر الغث والسمين فاختلط الأمر على القراء والمتابعين، فبعد أن كانوا يقرأون معظم ما تنشره صاروا يقرأون القليل جدا أو لا يقرأون.

ولو تساءل أي منا ماذا يقرأ في المواقع، وهل أن رغبته في القراءة قلت أم زادت، فسيكتشف الخلل السائد في الصحف والمواقع، التي سحقت السمين بسنابك الغثيث.

والعديد من المواقع تحولت إلى محطات للتواصل الإجتماعي والمجاملات، مما يزيدها مللا ويصيب القارئ بالنفور منها والٌإحباط.

فلماذا لا يُحترَم القارئ، ويكون هو المقياس والمؤشر على نجاح الموقع وقيمته، بدلا من التوهم بأن النخب العائمة فوق الغيوم هي التي تقرر قيمة الموقع والصحيفة ؟!!

إننا نعيش في عصر الجماهير، فهل أدرك محرروا المواقع والصحف مقتضيات عصرنا؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم