أقلام ثقافية

أبو العباس السفاح!!

صادق السامرائيأول خلفاء بني العباس (132 - 136) هجرية.

هو أبو العباس عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن العباس بن عبد المطلب (108 - 136) هجرية، وعاش (28) سنة، مولود في ناحية البلقاء في الأردن، نشأ فيها، وبويع بالخلافة في الكوفة، وأمه ريطة الحارثية.

"ولما بلغ مروان مبايعة السفاح خرج لقتاله فانكسر، وقُتِلَ في مبايعة السفاح من بني أمية ما لا يُحصى من الخلائق، وتوطدت له الممالك إلى أقصى المغرب"

ومن خطبته في الكوفة حين مبايعته: ".....أنا السفاح المبيح، والثائر المبير"

إنتقل إلى الأنبار وصيّرها دار الخلافة سنة (134) هجرية، ومات بالجدري، وقبره على الأرجح في (هاشمية الأنبار) قرب الفلوجة، وعهد من بعده لأخيه أبي جعفر المنصور .

"وكان السفاح سريعا  إلى سفك الدماء"

ومن خطبته عند بيعته: "...ولما قبض الله نبيه قام بالأمر أصحابه إلى أن وثب بنو حرب ومروان فجاروا واستأثروا، فأملى الله لهم حينا حتى آسفوه، فانتقم منهم بأيدينا، ورد علينا حقنا ليمن على الذين إستضعفوا في الأرض".

وما أن قُتِلَ مروان الحمارعلى يد صالح عم السفاح في قرية بوصير المصرية، حتى فتك أبو العباس السفاح ببني أمية، وإجتثهم عن بكرة أبيهم، وهم من المسلمين، إذ إرتكب إبادة جماعية بحقهم، وما أبقى لهم ذكرا، حتى صارت تهمة الإنتساب لبني أمية تبيح القتل الفوري للناس.

وكما جاء في خطبته فأنه أعطى لهذا القتل المروع معاني دينية، وكأنه تفويض إلهي للإنتقام من الذين إغتصبوا السلطة وهي ليست من حقهم.

وهو نفس المفهوم الذي إتبعه غيره في قتل الناس بالجملة عندما يدخلون المدن.

فلا فرق بين السلوك البشري في الحالتين، بل أن الحالة الأولى أشد ضراوة، لأنها تنطلق من روح حب الإنتقام والثأر المرير.

وبرغم أن حكمه لم يتجاوز الأربع سنوات، لكن السيف كان منطقه، وسفك الدماء منهجه، وفرض الإرادة بالقوة ديدنه، وكان متأجج التفاعلات شديد الصولات، حتى تمزقت البلاد التي كانت تحت إمرة بني أمية، "وتقسمت ممالك الأرض عدة أقسام، وصار بكل قطر قائم يأخذ الناس بالعسف، وينكبهم بالقهر".

فدولة بني العباس أقيمت على سفك دماء مروعة في دمشق، وإنتهت بسفك دماء أشد ترويعا في بغداد.

فأبو العباس السفاح لم يضع أسسا لبناء الدولة، وإنما إعتمد البطش غاية ووسيلة في الحكم، ولولا وفاته المبكرة لإنتهت دولته على يده!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم