أقلام ثقافية

أول مستشفى في الإسلام!!

صادق السامرائييمكن القول بثقة أن أول ما يمكن تسميته بمستشفى قد تأسس في السنة الخامسة للهجرة أثناء معركة الخندق، وبأمر من الرسول الكريم وفي المسجد النبوي في المدينة، حيث أقيمت خيمة أشبه بالمستشفى بإدارة (رفيدة الأسلمية) أول ممرضة عربية ومسلمة، وربما في تأريح الإنسانية، لتطبيب الجرحى، وكان معاذ بن سعد أحد المصابين الذين عولجوا فيها.

قد يعترض مَن يعترض، لكن الدلائل التأريخية وما موثق في الكتب يشير إلى ما تقدم، فالرسول الكريم هو الذي أطلق فكرة المشفى أو المستشفى، وربما بإيحاء من الممرضة والطبيبة الجراحة (رفيدة الأسلمية) بنت الطبيب (سعد الأسلمي) المعروف بطبابته في المدينة، ومنه تعلمت الطب والتمريض.

هذه الفكرة السباقة تعطينا مثلا على التنوير الإنساني الذي جاء به الإسلام، وكيف يتحقق التفاعل ما بين إرادة الحاجة والإختراع، وكيف تتلاقح العقول لتصنع ما هو أفضل ومعقول، بعيدا عن الإعتبارات الأخرى التي تحدده وتقيد الشروع بالمشروع.

فهذه إمرأة مسلمة تتولى إدارة مستشفى وتداوي الجرحى والمرضى وتعتني بهم، وتسهر على راحتهم وتطبيبهم، وتحفيف آلامهم.

وعندما نقارن هذا السلوك في مكانه وزمانه، وكيف كانت عليه البشرية آنذاك ندرك مدى التقدم والتنوير المعرفي الذي أطلقه القرآن في عقول الناس، وكيف أن الرسول الكريم كان قائدا إنسانيا تنويريا، يحمل مشاعل الأنوار الكونية للعالمين.

وفكرة المستشفى أو المشفى لم تخمد بل تطورت وتنامت، وأسس عليها القادة فيما بعد، وأول من إنتقل بها جادا إلى مراحل الإنجاز والتنفيذ العملي هو (الوليد بن عبد الملك) سنة (88) هجرية.

وبعده تكاثرت المستشفيات وتسابق الحكام والأمراء على بنائها وتطورت الخدمات فيها، وتسمى (البيمارستان)، وأصبحت هناك مستشفيات تخصصية بأمراض متنوعة، وحتى الأمراض العقلية والنفسية، وكانت العلاجات فيها متطورة وتضاهي العديد من الرؤى والأفكار العلاجية السائدة اليوم!!

وهكذا نجد فكرة أملتها الحاجة وتفاعل عقل مستعد لتبنيها مع عقل أوحى بها، وإذا بها تتطور وتكون، ونحن اليوم نعتمد على الآخرين، ونحسب أن عقولنا عاطلة وقدراتنا خاوية!!

فهل من عودة إلى جوهر ذاتنا؟!!

 

د. صادق السامرائي

29\12\2020

 

في المثقف اليوم