أقلام ثقافية

صادق السامرائي: جبرائيل بن يختيشوع بن جورجس الطبيب الخائن!!

صادق السامرائيطبيب سرياني مشرقي عاش في بغداد ينتمي لعائلة يختيشوع، التي تعود أصولها لجنديسابور في إقليم الأهواز، كان طبيب الرشيد والأمين وسجنه المأمون (لأنه ترك قصره بعد موت أبيه الرشيد ومضى إلى الأمين)، ثم أعاد خدمته (وفي ذلك قصص تروى)، غير معروف تأريخ ولادته، لكنه توفى (828) ميلادية.

مؤلفاته: "رسالة إلى المأمون في المطعم والمشرب، المدخل إلى صناعة المنطق، في الباه، رسالة مختصرة في الطب، كناشة، صناعة البخور ".

قال الرشيد لأصحابه: " أ كل من كانت له حاجة فليخاطب بها جبرائيل، لأني أفعل كل ما يسألني فيه ويطلبه مني".

ويذكر أنه من أثرى الأطباء لما ناله من العطايا الكبيرة الكثيرة من الرشيد والأمين من بعده.

"أنشأ الخليفة هارون الرشيد (148 - 193) بيمارستانا في بغداد سماه بإسمه، ورشح لرئاسته (ماسويه الخوزي)، من أطباء بيمارستان جنديسابور، وتولى (جبرائيل بن يختيشوع بن جورجس) رعايته".

وفي طوس كان الأسقف الذي إستدعاه الرشيد لمعالجته يقول له، أن ما يعانيه بسبب أخطاء جبرائيل، وكأنه كان يشير إلى مقصودية الخطأ، كما أن جبرائيل كان يحمّل الرشيد في آخر أيامه، سبب مرضه وتفاقم علته مما جعله يغضب عليه.

وعائلة جورجيس من أثرى العوائل الطبية وقد توارثت مداواة الخلفاء العباسيين من أبي جعفر المنصور وحتى المتوكل، وبعضهم صار متحكما بالخلفاء، ويبدو كلما تم الإغداق الكبير عليهم إزدادت رغبتهم بالمزيد، مما يدفعهم لخيانة رب النعمة سعيا وراء غيره الذي سيزيد في إغداقه عليهم.

وهذا ما حصل مع جبرائبل الذي مال نحو الأمين الذي ضاعف من عطاياه وإغداقه عليه، وكان لا يأكل إلا بأمره.

وهذه العلاقة مابين الأمين وجبرائيل قد أثارت الشك حول دوره في وفاة الرشيد.

ويبقى الطبع البشري متسلطا على السلوك ومفعّلا للمطمورات الخانسة في ظلمات النفس الأمّارة بالسوء والفحشاء، فمهما بلغ البشر من الورع والتقى والتظاهر بالنزاهة والنقاء، فأن ما فيه يقحمه في تأكيد نوازعه المتحررة من الروادع.

وعندما تغري البشر بالمال والقوة، فأنه يتأسد على أسباب قوته ونعمته، ويتمادى في طغيانه، فإن كان طبيبا لخليفة فأنه يستشعر بأن مصير دولته قد صارت في يديه، خصوصا عندما يقربه الخليفة ويضفي عليه صفات الهيبة والإحترام، حتى لينقاد بعض الخلفاء لأطبائهم كالأطفال.

فالخليفة يشعر بالنكوص أمام طبيبه، فيتحول إلى طفل بين يديه، ويتوهم بأن حياته ومصير دولته تعتمد على طبيبه.

ومن التقييم السلوكي لطبيب هارون الرشيد، يمكن القول من الصعب تبرأته من تعجيله بوفاته، وهو في عمر يناهز (45) .

وبهذا ربما يكون قد إرتكب خيانة مهنية، وما تواصى بأخلاقيات ممارسة مهنة الطب!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم